ربما لم يكن قيادات جماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية يتوقعون أن قدرة معارضى الرئيس على الحشد سوف تفوق قدرتهم، حينما أصروا على النزول فى تظاهرات لدعم الرئيس بالإسكندرية، على عكس الموقف الذى اتخذته الجماعة فى القاهرة، ليجدوا أنفسهم محاصرين بين 3 مسيرات حاشدة مناهضة للرئيس تجوب أنحاء المدينة، وبين نشطاء يجبرون سكان مقر مكتبهم الإدارى على تمزيق لافتاتهم وإلقاء محتوياته فى الشارع خشية من غضب المحتجين أسفل العقار، وسط تخلٍّ كامل للأمن عنهم. «الوطن» عاشت تفاصيل يوم خسرت فيه الجماعة رهانها على حشد أهالى الإسكندرية لتأييد الرئيس ليفاجَأوا بثورة جديدة ضد مرسى تشتعل فى شوارع المحافظة. البداية كانت بقرار من المكتب الإدارى لجماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية، بالمشاركة فى تظاهرات تأييد الرئيس رغم تراجع قيادات حزب الحرية والعدالة بالقاهرة عن القرار. يقول مدحت الحداد، مسئول المكتب الإدارى للإخوان بالإسكندرية: إن قرار المشاركة جاء لتثبت الجماعة لأهالى المدينة أن اقتحام مقرين لها يوم الجمعة الماضى كان بسبب غياب أفرادها لسفرهم لتأييد الرئيس فى تظاهرات الاتحادية، وطمأنة السكندريين على أن من وصفهم بالبلطجية لن يتمكنوا من السيطرة على المدينة. خرج الآلاف من جماعة الإخوان المسلمين ومؤيدى الرئيس للتظاهر تأييدا للإعلان الدستورى الأخير، عصر أمس الأول أمام مسجد القائد إبراهيم بمنطقة محطة الرمل، وتقاسم معهم ساحة المسجد آلاف المعارضين لقرار الرئيس، وسط مناوشات بسيطة بين الجانبين. وبالتزامن مع ذلك خرجت مسيرتان مناهضتان للجماعة، إحداهما من أمام محكمة الحقانية بالمنشية، والثانية من أمام ميدان فيكتوريا شرق المدينة توجهتا إلى منطقة سيدى جابر على بُعد خطوات من مقر المكتب الإدارى للجماعة بسموحة، يرددون هتافات مناوئه للجماعة والرئيس أبرزها: «عبد الناصر قالها زمان.. الإخوان مالهمش أمان»، «يسقط يسقط حكم المرشد». وبالتزامن مع ذلك، خرجت مسيرة من أمام مسجد القائد إبراهيم متوجهة لمنطقة محطة مصر لتأييد الرئيس بعد أن طافت سيارات تحمل مكبرات صوت تجوب شوارع المدينة لدعوة المواطنين للمشاركة فيما وصفته الجماعة ب«مليونية تأييد الرئيس». فى المساء تجمعت المسيرات الثلاث المعارضة للرئيس بميدان المحطة بمنطقة سيدى جابر الذى يفصله عن موقع مقر المكتب الإدارى للإخوان بمنطقة سموحة شريط السكة الحديد. وعبَر المئات من المتظاهرين نفق السكة الحديد للذهاب إلى مقر الإخوان فى سموحة محاولين اقتحامه وسط غياب أمنى تام، ليجدوا البوابة الحديدية للعقار الذى يوجد به المقر مغلقة. ونشبت مناوشات بين المحتجين وسكان المنطقة بعد محاولة منعهم من اقتحام باب المبنى الذى يوجد به مقر الإخوان بالطابق الثالث. وصعَّد المحتجون من محاولاتهم اقتحام باب المبنى للصعود لمقر الإخوان واقتحامه، لكنهم فوجئوا بمجهولين يخرجون عليهم من نافذة المقر ويقومون بتمزيق لافتته «المكتب الإدارى لجماعة الإخوان المسلمين بالإسكندرية» وسط هتافات المحتجين. ولم يشف هذا المشهد غليل المحتجين أسفل مبنى مقر الإخوان، وحاولوا مجددا اقتحام البوابة الرئيسية للمبنى، لكنهم فوجئوا للمرة الثانية بهؤلاء المجهولين يخرجون إليهم من شرفة مقر الإخوان ويلقون محتويات المقر فى الشارع أمامهم. كان محتجو الإسكندرية قد تمكنوا من اقتحام مقرين لحزب الحرية والعدالة بمنطقتى محطة الرمل والإبراهيمية يوم الجمعة الماضى. وقال أنس القاضى، المتحدث باسم الإخوان المسلمين بالإسكندرية: إن من مزق لافتة الإخوان وألقى محتويات مقرها هم مسئولو الأمن فى المبنى، فى محاولة منهم للخروج من الأزمة. فيما قال مصدر أمنى ل«الوطن» إن من قام بذلك هم سكان العقار ذاته خشية من أن يقتحم المتظاهرون المبنى السكنى. واتهم القاضى أفرادا من حزب الدستور والتيار الشعبى والاشتراكيين الثوريين، بالقفز على سلمية الثورة، والتوجه إلى مقر الإخوان المسلمين بمنطقة سموحة، ورشق أبوابه بالحجارة فى محاولة فاشلة لحرقه واقتحامه. وأضاف «القاضى» أنه بعد تصاعد أعمال البلطجة أسفل المجمع السكنى الموجود به شقة مقر الإخوان، اجتمع اتحاد ملاك المجمع السكنى وقرروا إنهاء تعاقد الإخوان بالمجموعة السكنية بسبب ما قالوه من أن المنطقة تحولت إلى مركز لتجمع البلطجية الذين يحاولون اقتحام مقر الإخوان على مدار الأيام الماضية. كان سكان العقارين اللذين تم اقتحام المقرين بهما قد طالبوا أيضا بنقل مقرات الحزب، بعد شعورهم بخطورة وجود تلك المقرات فى مبانيهم السكنية. وأضاف «القاضى»: كنا نستطيع أن نؤمن المقر من خلال التظاهرة التى خرجت اليوم ضمت عشرات الآلاف من المتظاهرين، لكننا -كما تعودنا- آثرنا أن نغلِّب مصلحة الوطن، وأن نحقن دماء المصريين -حتى إن ألحق بنا ذلك ضرراً شخصياً- لذلك توجهنا بالمسيرة إلى مكان آخر، هو ميدان الرصافة. وحمَّل «القاضى» مدير أمن الإسكندرية الجديد مسئولية تدهور وضع الأمن، وانتشار حالة البلطجة والفوضى التى شهدتها الإسكندرية من محاولات اقتحام مقار الإخوان خلال الأيام الماضية، مؤكداً أن مدير أمن الإسكندرية تعهد بتأمين المنشآت العامة والخاصة، إلا أنه ترك الإسكندرية فى حالة فوضى وبلطجة. كان عدد من ضباط مديرية أمن الإسكندرية قد أعربوا عن رفضهم تأمين مقار حزب الحرية والعدالة، ونقلوا رغبتهم لمدير أمن الإسكندرية اللواء عبدالموجود لطفى فى اجتماع معه. وعلى الرغم من عقد قيادات الجماعة بالإسكندرية اجتماعا مع قيادات مديرية الأمن بالمحافظة لمطالبتها بتأمين 15 مقراً لها، وتعهد قيادات المديرية بذلك وفقا لتصريحات مدحت الحداد، مسئول المكتب الإدارى للجماعة، فإن قوات الأمن اكتفت بمتابعة الموقف من بعيد وتمركزت حول مبنى مديرية الأمن لتأمينه تحسبا لحدوث أى هجوم عليه. ومع الساعات الأولى من صباح أمس الأول تجمع آلاف المحتجين فى ميدان فيكتور عمانويل بمنطقة سموحة للاحتفال بمسيراتهم الناجحة يهتفون باستمرار الثورة ضد الإخوان.