ظل عربى محمد العربى، الطالب فى الصف الرابع الابتدائى، متغيباً عن المعهد الأزهرى، لمدة أسبوع كامل، وفى أول يوم يقرر فيه العودة لاستئناف الدراسة، يُكتب له أن يكون بين أكوام الأشلاء لضحايا حادث قطار أسيوط، ولم تتعرف أسرته عليه إلا من خلال «وحمة» كانت تميز بطنه. «الوطن» التقت أسرة الضحية، وتقابلت مع سيد سلطان سيد (30 سنة، رقيب شرطة) عم الطالب عربى وقال إنه «كل يوم قبل ما يذهب إلى المعهد كان يعدى عليّا ويحِب على يدى ويأخذ منى جنيه، ومن أسبوع لم يحضر إلىّ فى الصباح كعادته، فخشيت أن يكون مريضاً، عدّيت على بيتهم ولاقيته الحمد لله بخير، ووالدته قالت لى إنه مش عاوز يروح المعهد، فلما سألته قال لى نفسيتى تعبانة شويه يا عمى، فقلت له وهى طلعتلك إمتى نفسيتك، قالى يا عمى دى بتتولد مع الواحد مش بتطلع، المهم طلبت منه أن يذهب إلى المعهد، وبالفعل فى الساعة السادسة والنصف صباح اليوم التالى وجدته يقبّل يدى وأعطيته جنيه، وسألته عن نفسيته، فقال لى مازحاً: والله يا عمى ربنا يستر، والعيال أمانة فى رقبتك. وأضاف عم «عربى» أنه كان طالباً فى مدرسة حكومية فى منفلوط ودخل معهد النور الأزهرى هذا العام لأن أمه رأت أن التعليم الأزهرى أفضل من التعليم الحكومى ووجدوا الطفل حافظاً للقرآن دون معلم، فأرادوا أن يثقلوه بالفقه، وهذا هو أول عام له فى المعهد، وبعد وفاته خرب البيت الذى لم يخرب بوفاة والده، لأنه ترك رجلاً وراءه، وبوفاة العربى لم يترك سوى والدته. ويكشف عم «عربى» أنه سمع بخبر الحادث بعد نصف ساعة من وقوعه، «خرجت إلى المزلقان لأجد الجثث والأشلاء وعندما لم أجد عربى وسط الجثث عرفت أنه وسط الأشلاء، لأنى أعلم أنه ذهب إلى المعهد، وذهبت إلى المستشفى، وتعرفت عليه من وحمة فى بطنه، وبعد دفن جثته عرفت أننى لم أتسلم الجثة كاملة، لوجود عدد كبير من الأشلاء داخل المشرحة، وكنا نجمعها، ليتعرف أهل الضحايا على جثثهم، وكل من يتعرف على جزء يأخذه على جنب ليدفنه، حتى إن أحد الأهالى تعرف على قدم ابنته من لون الشراب. عم الضحية، عزت إبراهيم أحمد (70 سنة، على المعاش)، قال إن والد عربى توفى، قبل عام 2003، وكان يعمل موظفاً، وتركه جنيناً فى بطن أمه، ولم ير الطفل والده، ورفضت والدته الزواج، وقالت إنها ستعيش من أجل تربيته، لكنها لم تعلم أن الضحية سيلقى مصرعه فى هذا الحادث المأساوى، وأضاف عم الطالب أن الطفل كان حافظاً للقرآن الكريم كله، وهو فى الصف الثالث فى المعهد الأزهرى، ورفض الذهاب إلى المعهد منذ أسبوع، وفى اليوم الذى عاد فيه إلى المعهد وقعت الكارثة، وربنا يصبر أمه.