عضلات يجتهد الشباب فى تكبيرها طوال فترة الشتاء، وملابس قصيرة تحضرها الفتيات حتى تُظهر أنوثتهن، واصطحاب كلب «جيرمن شبيرد»، والاستيقاظ مبكراً بعد فترة نوم لا تتجاوز ثلاث ساعات رغم أنه أمر لا يروق للجميع بعد السهر مع الأصدقاء سواء فتيات أو شباب حتى يشرق نور الشمس مجدداً، تختلف تصرفات الشباب بمجرد وصولهم لمكان مصيفهم، وتتناقض تلك التصرفات مع الأخرى فى القاهرة، فلا بأس من بعض الأفعال الممنوعة مجتمعياً ومقبولة ومباركة من الأهل داخل نطاق كلمة «مصيف»، وقتها فقط متاح التأخير بره البيت والجلوس على «مقاهى» فى الشارع وال«كروزة» بالسيارات. لكل فعل متناقض مبرر حتى إن كان هذا الفعل هو قبول مبدأ المعاكسة أو عدم الإحساس بالذنب لشُرب الخمور والحشيش وغيرها. وصفت فرح عز (20 سنة) سبب تناقضها بين المصيف والقاهرة بقولها: «فى الساحل كل بنى آدم فى حاله، يعمل اللى هو عاوزه، لأن لما تبصى بنظرة متعمقة هتلاقى إن الكل بيعمل نفس التصرفات ومقتنع إنها صح حتى فى اللبس». ترى «فرح» أن لكل شخص حقه فى ارتداء ما يحلو له وما يراه مريحاً، خاصة البنات حيث يتمتعن بحرية كبيرة فى المصيف عن القاهرة، حرية فى الملابس أولاً وفى التصرف أخيراً، لكنها لم تترك مبادئها على بوابات القاهرة لأنها تقتنع بأن الحياة التى عاشتها أمهاتنا كانت بقدر حرية أكبر من ذلك: «نفسى كل بنت تلبس اللى يريحها من غير ما حد يحكم عليها، زى زمان ماما كانت تلبس قصير وماحدش يبص عليها». ولم تشعر بأن السهر خارج المنزل لمدة طويلة قد تصل للفجر، فى أوقات المصيف، هو فعل خاطئ أو يضر سُمعة الفتاة حيث إن مواعيد المنزل فى القاهرة روتينية جداً ولكن فى الإجازة يجب أن يختلف الوضع ويُكسر ذلك الروتين. وأضافت: «الشاب أو البنت اللى بيغير أسلوب حياته فى المصيف، ده مش بيتخلى عن مبادئه أو بيكون شخص متناقض بالعكس ده نتاج المجتمع المريض المتناقض اللى إحنا عايشين فيه أصلاً، نفسى مانبقاش محتاجين نسافر المصيف علشان نقدر نمارس الحرية ونحس بيها». تترك سارة محمود (22 سنة)، كل شىء فى القاهرة، بداية من الملابس وشكل الخروج، نهاية بمواعيد العودة للمنزل: «ملابس المصيف غير ملابس القاهرة، مبادئ القاهرة غير مبادئ المصيف أو أى نوع من أنواع السفر عموماً، الميعاد فى البيت بيتغير، شكل الخروج بيتغير، حتى إذا كان بعيد عن البحر، زى الكِلَبّات والديسكوهات وغيره». ترى «سارة» أن الخطأ مش خطأ شباب إنما هى مشكلة مجتمعية، ثقافة عامة تربى عليها الجميع حيث إن المكان لا يتعلق بالمبادئ أو العادات والتقاليد: «ساعات بحس إنى مليش رأى حتى فى نفسى، إن المكان وقوانينه هى اللى بتشكل سلوكى وده غلط لأن السلوك غير مرتبط بالمكان». لم تلقِ نهال مجدى (19 سنة)، مبادئها وراء ظهرها، أو تنسَ أخذها معها فى حقيبة السفر حيث إنها تستمتع بالمصيف دون الخروج عن نطاق الأخلاق والدين: «ملابس القاهرة هى هى ملابس المصيف، والمواعيد واحدة، أهلى مش بيظبطوا القواعد اللى ماشية عليها على حسب المكان، الصح صح والغلط غلط». ولكنها ترى أن أغلب الشباب والفتيات يتحولون بعد كيلوهات بسيطة من طريق السفر، تخلع الفتيات ملابسهن التى تعودن على ارتدائها فى القاهرة، ويعيش الشباب على مبدأ «عادى أنا فى المصيف، يعنى من الآخر ده مكان لتغيير الجو، لتغيير الروتين، ولعمل حاجات جديدة حتى إن كانت فاسدة». «مش بس إحنا اللى بنتغير فى المصيف، وبنسيب مبادئنا فى القاهرة، لأ، ده كمان الأهل بتتغير وبتشجعنا نعمل حاجات مش بتتعمل فى القاهرة».. يرى سيف كريم (20 سنة)، طالب بكلية الهندسة، الجامعة الأمريكية، أن الأهل أيضاً يتخلون عن بعض مبادئهم وهم فى طريقهم للمصيف، اعترافاً منهم بأنه وقت للاسترخاء والحرية: «الخمور والسهر والحشيش، وكل ما هو فاسد وخاطئ، الحلال والحرام مابيتغيروش بتغير المكان، لكن الكل بيحلل الغلط فى المصيف علشان عايز يفصل دماغه». وأضاف «سيف» أن معظم القرى والفنادق الموجودة فى المصيف تساعد على الفساد وفعل المعاصى، بداية من ملبس الفتيات، للأماكن التى تقدم الخمور، للعرباوية الموجودين على الطريق، لتقديم الحشيش للشباب بسهولة، وقليلاً ما تجد أماكن جيدة، للخروج الطبيعى والاستمتاع. ووصف عبدالرحمن إبراهيم الساحل بالسيرك حيث إن الشباب ذاهب للتظاهر وليس الاستجمام أو تغيير الجو، غير أن حقيقة فكرة ترك الشباب للمبادئ والأخلاق خلال تحضيرهم لحقيبة السفر: «هما بياخدوا شورتاتهم وفساتينهم القصيرة، والمايو، وبيحطوا مبادئهم فى كيس بلاستيك فى التلاجة، فى القاهرة، علشان مايعفنش». سهر للصبح ولبس قصير وكلب «جيرمن شيبرد».. أهم تجهيزات السفر للمصايف لم تغير ساندى مكرم كثيراً من تصرفاتها الطبيعية فى المصيف، فهى عادة تفعل ما يفعله أى إنسان طبيعى فى المصيف: «بنزل الميّه كل يوم، وبالليل بخرج فى القرية اللى قاعدة فيها، يمكن بلبس براحتى شوية لأن الناس مش بتركز قوى، لكن باقى تصرفاتى هى هى، مش فارق قاهرة من مكان بصيف فيه». وأضافت أنها لن تقبل معاكسة أى شخص فى المصيف، لأن المعاكسة واحدة، تؤذى الفتاة وتجرح مشاعرها، وأنها كانت تستمتع بالمصيف قديماً أكثر من الآن حيث إنها كانت تفعل ما يحلو لها دون أى قيود من أحد، لكنها ارتبطت بأهلها أكثر عندما كبرت، ويجب أن تمارس تصرفات معينة لأنها «بنت كبيرة»، وأن القرى فى المصايف جيدة ولكن الشباب هم من يفسدون الأشياء. وقالت أميرة على (22 سنة)، إنها لا تترك مبادئها بمجرد ذهابها للمصيف: «أنا لبسى مش بيتغير، بلبس حاجات قليلة مختلفة عن لبس القاهرة، زى الcut مثلاً، لكن مش بحب الشورتات والأوفر ده»، أما عن السهر فهى تستطيع السهر فى المصيف أكثر بكثير من القاهرة حيث إنها تسهر فى «كافيه» على البحر مع أصدقائها إنما لا تحب السهر فى كلبات أو ديسكوهات. «المصيف زمان كان أحلى علشان كنا أطفال»، عقبت «أميرة» على أن سنها أصبحت عائقاً، فهى لا تستطيع القيام بكل ما كانت تفعله قديماً فى المصيف: «كنا بننزل البحر ونقعد نلعب فى الرمل كتير، ونخرج بالليل خروجة لحد 12 بالليل مثلاً ونرجع ننام بسرعة علشان نصحى بدرى نعمل نفس الحاجات اللى كنا بنستناها وبنحبها، دلوقتى ممكن أقعد أسبوعين مصيف مانزلش فيهم مرة البحر بسبب اللبس». وترى ساندى ويليم أنها تستطيع لبس ما تريد فى المصيف لأن الكل يرتدى نفس الملابس دون خجل أو شعور بأن هذا شىء خاطئ، وتسهر وحدها كثيراً حتى شروق الشمس، «لو قعدت لوحدى عشر ساعات على البحر لحد ما الصبح يطلع مفيش ولد هيقول عليا دى مش محترمة». واستكملت أنها غالباً ما تكون اجتماعية، متكلمة مع الناس على عكس وجودها فى القاهرة، فسهولة تكوين الأصدقاء أفضل من القاهرة، حتى إن جاء شاب ليعاكسها فلا تشعر بالحزن أو الضيق: «لو ولد جه يعاكسنى ممكن أرد عليه عادى، علشان عارفة إنه أكيد مش بيعاكس زى القاهرة»، غير أنها لا تبالى بوزنها فالبحر جدير بإنقاص الوزن سريعاً. «سهر وشُرب وبتعرف على بنات».. اعترف مينا فادى (21 سنة)، بما يفعله فى المصيف، مشيراً إلى ضرورة ترك المبادئ فى القاهرة والاستمتاع بالوقت والبحر والهواء فى المصيف: «المصيف غالباً بيكون فى فندق، والفندق فيه أجانب، يعنى سهر وديسكوهات وحفلات فوم وغيره، وبالطبع لازم هيبقى فيه شُرب». أحب «مينا» المصيف الحالى عن المصيف قديماً حيث إنه يرى أن الحياة أفضل والنشاطات التى نقوم بها الآن أوسع وأمتع، قديماً لم يهتم بمستوى المكان الاجتماعى أما الآن فالأمر مختلف كثيراً فهناك مكان لكل طبقة، هناك مثلاً من لا يفهم النشاطات التى تمارس على شاطئ البحر ويراها عيباً. وقالت ريم محمد (22 سنة) إنها تستطيع السفر وحدها مع الأصدقاء ولا ترى فى ذلك عيباً أو تكسيراً وتركاً للمبادئ، فهى لا تترك مبادئها فى القاهرة حيث إنها تتعامل بقدر حرية أكبر من القاهرة: «بقدر أخرج مع أصحابى على البحر للفجر، وألبس اللى عايزاه، واللى عايز يشرب أى حاجة ماحدش بينتقده هو حر، هو بيضر نفسه؛ أنا مليش دعوة». ووصفت الاستمتاع بأنه لحظات لا تعود مرة أخرى، وإذا لم نستمتع فى إجازة المصيف لن نستطيع أن نقوم بمجهود كبير خلال فترة الدراسة، بالإضافة إلى أنها تحب أن تكوّن صداقات جديدة مع الناس فى المصيف: «مش عيب إننا نعرف بعض من هناك، لأن ده مصيف وكل حاجة فيه عادية، وماحدش بيتكلم عن حد ولا بيبص لحد». أكد أحمد سمير، أستاذ علم اجتماع، أن التصرفات المتناقضة فى المصيف ناتجة عن الحياة الروتينية التى نعيشها فى القاهرة، وكبت الحريات وانتقادنا لكل فعل مختلف، ولكن هناك بعض الأفعال التى تعتبر مجرد ظواهر أو «مودة» تموت مع مرور الوقت: «الخمور والحشيش ماكانوش بالقدر الكبير ده زمان، دلوقتى موجودين بكثرة لكن دى ظاهرة الشباب فرحان بيها ومع الوقت هتروح». واستكمل مؤكداً أن الأهل لا بد أن يستمروا فى لعب دورهم الرئيسى فى حياة شبابهم حيث يجب أن يتابعوهم ولا يرفعوا الرقابة عنهم، الخطأ والضلال والفساد متوافران بطريقة سهلة وسريعة فى مجتمعنا، ويجب على الأهل مساعدة الشباب لتجنب مثل هذه الأمور، حتى وإن كان الأهل يريدون الاسترخاء والاستمتاع بجو المصيف ورائحة البحر والهدوء الذى لا يجدونه فى القاهرة.