تتعدد الأسباب والموجة الحارة واحدة، هذا ما ينطبق على محاولة التعرف على أسباب الموجة الحارة التى تفرّق دمها بين خبراء التغير المناخى، والهيئات البحثية العلمية مثل هيئة الأرصاد الجوية ومعهد العلوم الفلكية، كل جهة تحاول أن تثبت أن تفسيرها للظاهرة هو الصواب، والآخرين على خطأ. 1- إجابة خبراء التغير المناخى احتباس حرارى بفعل انبعاثات المدن الصناعية أرجع الدكتور عادل بشارة، خبير التغيرات المناخية والطاقة المتجددة، سبب الموجة الحارة إلى ظاهرة الاحتباس الحرارى التى تحدث بفعل انبعاثات المدن الصناعية الكبرى التى تزيد من درجة حرارة الغلاف الجوى، وهى ظاهرة طبيعية خارجة عن السيطرة. انتقد «بشارة» غياب الدقة فى البيانات الرسمية لوزارة الصحة التى توضح إجمالى ضحايا الموجة الحارة، مؤكداً أن تحرى الدقة يمكن أن يساهم فى زيادة وعى الأفراد بأهمية تجنب الموجة الحارة وتقليل أعداد الوفيات، خاصة مع توضيح الفئة العمرية للضحايا، وما إذا كانت الوفاة بسبب البكتيريا والفطريات التى تنمو مع درجات الحرارة المختلفة أم بسبب ضربة شمس. وطالب «بشارة» بضرورة أن تتواصل الحكومة مع الجمعيات الأهلية لتوفير وسائل الحماية اللازمة للأهالى فى المناطق الأكثر عرضة لأشعة الشمس مباشرة، مع دعم جميع المراكز الصحية التابعة للمستشفيات بالقرى والنجوع بالأماكن النائية، وسرعة إسعاف المضارين. وتعليقاً على تقرير البنك الدولى أوضح «بشارة» أن «انبعاثات الاحترار العالمى ظاهرة كونية تتأثر بها دول العالم بما فيها مصر، ويجب أن نبدأ فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقليل حجم ملوثات المدن الصناعية بتقليل الانبعاثات». يختلف الدكتور منير يوسف، مدير مركز الدراسات الاقتصادية البيئية وتغير المناخ بمركز بحوث الصحراء، مع القول بأن الموجة الحارة ترجع لظاهرة التغير المناخى، ووصفها بالظاهرة التى تنتمى للدورات المناخية أو ما يسمى ظاهرة «النينو» التى تستهدف الأرض كل 150 عاماً. أشار «يوسف» إلى أن الموجة الحارة التى تشهدها مصر حالياً وقعت منذ 150 عاماً باعتبارها من الظواهر الطبيعية، وأن الموجة الحارة لها انعكاساتها السلبية اقتصادياً على المجال الزراعى من حرق المزروعات، وارتفاع أسعار الخضراوات، بجانب تأثر سوق الدواء بفعل الإقبال على أدوية بعينها، والظروف المناخية التى تعمل بها خطوط إنتاج الدواء، وزيادة استهلاك الكهرباء. إلى جانب عوامل تغير المناخ، نبّه الدكتور سيد صبرى، استشارى التغيرات المناخية والبيئية، إلى عوامل أخرى تسببت فى ظاهرة الموجة الحارة، منها البقع الشمسية والانبعاثات الكربونية داخل المدن التى تؤتى ثمارها الملموسة سنوياً فى زيادة درجات الحرارة. أضاف «صبرى» أن المناخ بدأ فى التغير منذ 30 عاماً بفعل انبعاثات الاحتباس الحرارى الماضية والحالية، التى ندفع وسندفع ثمنها، ما يجعلنا نفكر جدياً فى اتخاذ إجراءات احتياطية لتوخى الحذر من تفاقم الأزمة مستقبلاً من خلال تقليل الانبعاثات. طالب «صبرى» بضرورة اللجوء إلى الطاقة المتجددة وترشيد موارد الطاقة نحو الإدارة المستدامة لمواردنا، خاصة فى مجال الزراعة واستخدام تقنيات تحلية المياه. 2- إجابة معهد البحوث الفلكية لا علاقة بين البقع الشمسية والموجة الحارة اختلفت إجابة معهد البحوث الفلكية فى محاولة تفسير الموجة الحارة وأحال الإجابة عنه لهيئة الأرصاد الجوية، مكتفياً بنفى ما تردد عن تسبب ظواهر شمسية فى ارتفاع درجات الحرارة. «لا علاقة بين البقع الشمسية والموجة الحارة»، هكذا نفى الدكتور محمد غريب، رئيس قسم بحوث الشمس بالمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، ما تردد عن تسبب ظواهر شمسية مثل البقع أو الانفجارات الشمسية فى الموجة الحارة التى تشهدها البلاد، موضحاً أن الظواهر الشمسية تؤثر على الأقمار الصناعية وحركة الطيران وخطوط الضغط العالى لمحطات الكهرباء فى مناطق مثل كندا وشمال أفريقيا، ولا علاقة علمية بينها وبين ارتفاع درجات الحرارة. أرجع «غريب» التفسير العلمى للموجة الحارة لهيئة الأرصاد الجوية، لما تمتلكه من بيانات دورية لما يحدث من تغيرات بالمناخ. 3- إجابة الأرصاد الجوية منخفض الهند الموسمى وراء الموجة الحارة من جانبه، قال الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس هيئة الأرصاد الجوية، إن الموجة الحارة سببها منخفض الهند الموسمى الذى يتسبب فى ارتفاع درجات الحرارة ونسبة الرطوبة التى تمر على البحر المتوسط الذى يُحمل التيار ببخار المياه، ما يجعل درجات الحرارة تصل إلى 42 درجة مئوية. أوضح «عبدالعال» أن سبب شعور المواطنين بارتفاع درجات الحرارة هو انعدام الرياح التى يمكنها تخفيف حدة الرطوبة، مشيراً إلى أن منخفض الهند يحدث سنوياً خلال شهرى يوليو وأغسطس. وفيما يتعلق بزيادة حالات الوفيات فى مصر خلال هذه الأيام، أوضح رئيس الأرصاد أن «معظم حالات الوفيات من كبار السن المصابين بأمراض الضغط والسكر التى لا يتحمل أصحابها درجات الحرارة العالية، وقلة الوعى تتسبب فى زيادة الوفيات». «خبراء التغير المناخى موجودون داخل هيئة الأرصاد الجوية فقط»، قال «عبدالعال» نافياً ما يتردد عن وجود خبراء للتغير المناخى من غير المنتمين لهيئة الأرصاد الجوية، موضحاً أن العالم يتحول لخبير مناخ بعد أن يُمضى 20 عاماً فى عمله بهيئة الأرصاد الجوية، بجانب أن الهيئة وحدها هى التى تمتلك البيانات المتعلقة بحالة المناخ، ورصد أى ظواهر كونية. تعليقاً على تقرير البنك الدولى قال رئيس هيئة الأرصاد إن الهيئة لا تعترف سوى بتقارير لجنة التغيرات المناخية العالمية (IPCC) التى حذرت من وقوع تغير على مستوى العالم فى درجات الحرارة بارتفاعها إلى درجتين مئويتين. نبّه «عبدالعال» إلى أن الهيئة أبلغت جهات سيادية بالتقارير الدولية فيما يتعلق بارتفاع درجات الحرارة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة ملوثات المصانع التى تؤثر على الغلاف الجوى.