فى أقل من ساعة واحدة جابت صورة وزير الخارجية الإيرانى، محمد جواد ظريف، التى صافح فيها نظيره الأمريكى جون كيرى العالم كله، وكأنها تعلن بداية مرحلة جديدة فى العلاقات «الأمريكية - الإيرانية» بعد نجاح التوصل إلى اتفاق نووى يُعيد العلاقات التى انقطعت منذ عشرات السنين، وما إن تم توقيع الاتفاق حتى انطلقت التحليلات لتُبرز وتفسر وتحاول الإجابة عن سؤال واحد: «هل بدأت أمريكا العمل لصالح إيران فعلاً أم أنها تسعى فقط إلى مصالحها الشخصية؟». صحيفة «ذا هيل» الأمريكية حاولت، فى تقرير مطول لها على موقعها الإلكترونى، الإجابة عن هذا السؤال، حيث أكدت أن الاتفاق النووى بين الدول ال6 الكبرى وإيران -الذى جاء بعد سنوات من المفاوضات- هو «اتفاق جيد لكل من إيرانوأمريكا». وأضافت: «الاتفاق أكثر فائدة لأمريكا أكثر من إيران، فإيران فى النهاية بموجب هذا الاتفاق ستضطر إلى التنازل عن جزء كبير من برنامجها النووى وستتوقف عن صناعة الأسلحة النووية، فى المقابل سيتم التخفيف من العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها وسيتم منحها أموالها المحتجزة»، وتابعت: «أما بالنسبة للولايات المتحدة فالاتفاق أكثر أهمية، حيث إنه يضمن أن تستمر واشنطن باعتبارها المسيطر الأول على صناعة الأسلحة النووية بالإضافة لإسرائيل، بالإضافة إلى أن أمريكا ترى أن هذا الاتفاق يساعد على إحلال السلام». وأكد عضو فى مجلس الشيوخ الأمريكى، ل«ذا هيل»، أن الاتفاق النووى مع إيران يُعد من أهم مكاسب عهد الرئيس الأمريكى باراك أوباما، مضيفاً: «الاتفاق يساعد بشكل كبير على جعل منطقة الشرق الأوسط أكثر سلاماً»، مشيراً إلى أن «الولاياتالمتحدة دخلت هذه المفاوضات وليس أمامها سوى هدف واحد لتحقيقه وهو منع إيران من الحصول على سلاح نووى، لتظل هى فى صدارة هذا المجال، وقد نجحت بالفعل فى تحقيق ذلك، بل توصلت إلى اتفاق فى مصلحتها من كافة الجوانب، حيث وضعت قيوداً صارمة على البرنامج النووى الإيرانى، وجعلت تخصيب اليورانيوم يكون من أجل الطاقة فقط، وإيقاف عمل معظم أجهزة الطرد المركزى، كما يعطى الاتفاق الحق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التفتيش على إيران، وهذا يعنى أن أمريكا نجحت فى وضع عينها على كافة الأنشطة الإيرانية، فى مقابل الإفراج عن بعض الأموال التى لن تضر اقتصادها فى شىء». وأضاف: «بعض المسئولين الأمريكيين لا يرون كل هذه الإيجابيات التى تصب فى النهاية فى صالح الولاياتالمتحدة، ولا يشاركوننا حماستنا لهذه الصفقة، وذلك بسبب عدم ثقتهم فى النظام الإيرانى»، مضيفاً أن «هذا الاتفاق لم يتم بناؤه على أساس الثقة لكن على أساس التحقيق المستمر والتفتيش». وأكد المسئول: «يجب ألا نخطئ ويجب أن نفكر جيداً لماذا وافقت إيران على هذا الاتفاق النووى، فالعقوبات التى كانت مفروضة عليها لم تؤخرها عن صناعة قنبلة نووية ولم تؤثر كذلك على اقتصادها فلماذا وافقت؟». وأكد عضو مجلس الشيوخ أنه «على الرغم من كل الانتقادات التى واجهت هذا الاتفاق منذ توقيعه وحتى الآن من قبل الكثير من المسئولين الأمريكيين فإننى أرى أنه كان الاتفاق الأكثر ربحاً للولايات المتحدة أكثر حتى من إيران». أما موقع قناة «فوكس نيوز» الأمريكية، فقد نشر فى تقرير له حول الميزات التى تحققت لكل من إيرانوأمريكا بتوقيعهما على الاتفاق النووى الأخير، أن الاتفاق النووى الإيرانى على الرغم من أنه حد من تصنيع الأسلحة النووية فى طهران، فإن هذا الاتفاق سمح بعودة مجموعة من الأموال المُفرج عنها من الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأوروبية إلى إيران، مضيفاً أن «إيران ستستخدم هذه الأموال فى تمويل الجماعات الإرهابية فى مواجهة الولاياتالمتحدة فى كافة الدول». وتابع التقرير: «بذلك تكون إيران هى المستفيدة من هذا الاتفاق النووى حتى تنجح فى ضرب أمريكا بطريقة غير مباشرة»، وأضاف التقرير أن الجماعات الإرهابية من المتوقع أن تحصل على ما يقرب من 150 مليار دولار من طهران، واختتم تقرير «فوكس نيوز» أن كل دولة تلعب لمصلحتها فى هذا الاتفاق النووى، فأمريكا وافقت على هذا الاتفاق لمنع إيران من صٌنع سلاح نووى وإيران وافقت على الاتفاق للحصول على أموال تمويل للإرهابيين لضرب أمريكا. وأشار موقع «ذا ناشونال إنتريست» الأمريكى، إلى أن «الولاياتالمتحدةالأمريكية تحاول من خلال الاتفاق النووى المُوقع مؤخراً مع إيران أن تجعل إيران هى اللاعب الرئيسى فى المنطقة بدلاً من المملكة العربية السعودية»، وفى مقابلة مع مؤلف كتاب «القوى العظمى الجديدة: ثلاثة خيارات لدور أمريكا فى العالم» إيان بريمر، أكد «بريمر» أن «الاتفاق نفسه سيئ ولكن الجغرافيا السياسية التى تترتب على هذه الصفقة جيدة». وأكد «بريمر» أن هذا الاتفاق سيعمل على ارتفاع أسعار النفط مرة أخرى، كما أن من شأن هذا الاتفاق أن يُقوى العلاقات التجارية بين أمريكاوإيران «فلن يُصبح الاعتماد الوحيد لأمريكا فى منطقة الشرق الأوسط على السعودية ودول الخليج، فلن تُصبح منطقة الخليج هى المُتحكمة فى المنطقة». وأضاف «بريمر» أنه «رغم كل هذه المميزات فى الاتفاق فإنه يجب أن نأخذ الحذر من الحكومة الإيرانية وعدم الثقة فيها فقد تغش فى هذا الاتفاق»، متابعاً: «أنا لا أعتقد أن إيران قد تتصرف بشكل متسرع فى تطوير قدراتها على تصنيع أسلحة نووية على الأقل فى السنوات الأولى من الاتفاق النووى». وأكد «بريمر»، فى حواره مع موقع «ذا ناشونال إنتريست»، أن «الاتفاق سيستغرق وقتاً وهجوماً من كافة الأطراف لفترة، لكن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستعمل تدريجياً على إعادة العلاقات مع طهران، وفى نفس الوقت ستُصبح الولاياتالمتحدة والمملكة العربية السعودية أكثر بعداً عن بعضهما نظراً لمعارضة السعودية التقارب مع إيران، لكن من وجهة النظر الأمريكية التجارية فإن السوق الاستهلاكية الإيرانية فى الوقت الحالى أهم بكثير، حيث إنها تُمثل 80 مليون شخص»، مضيفاً: «لذلك من الطبيعى أن تُصبح إيران هى الحليف الرئيسى للولايات المتحدة فى المنطقة خلال الفترة المُقبلة»، وأكد «بريمر» أن «أمريكا خرجت من هذا الاتفاق النووى رابحة من كافة النواحى».