"عمود السحاب" هو اسم العملية والممارسات الإسرائيلية التي تتم ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، فقد عرفت عملية "عمود السحاب" العسكرية بأنها سلسلة من الغارات يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة بدءا من 14 يونيو، وأسفرت عن استشهاد عدد من الفلسطينيين، أبرزهم القائد الفعلي لكتائب "عز الدين القسام"، الجناح المسلح لحركة حماس، ولا تزال مستمرة حتى الآن. "عمود السحاب" هو رمز لمعجزة الله في الكتاب المقدس، أثناء حمايته وسيره وسط شعبه وحمايته وقيادته لهم في كل رحلاتهم. ينص سفر الخروج في الكتاب المقدس: "كان الرب يسير أمام الشعب نهارًا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلًا في عمود نار ليضيئ لهم، لكي يسهل عليهم السير نهارًا وليلًا, ولم يفارق عمود السحاب نهارًا وعمود النار ليليلا هذا الشعب طيلة مسيرته". ويرجع سر اعتزاز الإسرائيلين بهذا المصطلح إلى رواية الكتاب المقدس أنه لما طارد فرعون وجيشه شعب بني إسرائيل أمام البحر الأحمر، كان "عمود السحاب" هو السبب الرئيسي في حماية بني إسرائيل من جنود فرعون مصر، بأنه جعل الدنيا ظلاما دامسا إمام المصريين، الأعداء، ليضلهم عن طريق بني إسرائيل طوال الليل، فكان ضياء ونورا على بني إسرائيل، و نارا على نظرائهم المصريين. يقول الدكتور أحمد هويدي، رئيس قسم اللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن تسمية إسرائيل عمليات قذف غزة ب"عمود السحاب" لها دلاله روحية ودينية. وأوضح هويدي في تصريح ل"الوطن" أن دلالة تلك التسمية تكمن في أن الخروج كان بقيادة الإله ومحاربة الفلسطينيين بقيادة الإله وإرشاده وأمره، والحرب بهذا الاسم طاعة لأمر الإله الذي يسمي لديهم برب الجلود. ونفي هويدي وجود علاقة بين عود السحاب وفكرة العودة لمصر، مشيراً إلي أن تلك الواقعة كانت قبل خروج بني إسرائيل من مصر، فاليهود لم يخرجوا من مصر، حسب سفرهم، في عهد موسي، فالعمود ظهر لهم وهم فارين من فرعون، لكنهم ظلوا في سيناء بعدها 40 سنة. أما الدكتور هاني مصطفى، مدرس الأدب العبري القديم بجامعة القاهرة، أن عمود السحاب كان يرمز في العهد القديم إلى الإله الذي يسير أمام الشعب نهارا ثم يتحول إلى عمود نار بالليل ليضيء لهم الطريق أثناء السير، وهو الرأي يتفق مع ما جاء بالآية القرآنية 57 من سورة البقرة في قوله تعالى "وظللنا عليهم الغمام"، مشيرا إلى أن هذا الغمام هو ما يدل على عمود السحاب المذكور في الكتاب المقدس. وعن استخدام هذا المصطلح مؤخرا للإشارة إلى العملية الإسرائيلية على غزة، يرى الدكتور مصطفى أن الإسرائيليين اتخذوا هذا المصطلح رمزا لعمليتهم من باب التبرك برواية مقدسة، غير أنه وصف هذه التسمية بالتبحح والعنجهية من الكيان الصهيوني، مبررا ذلك أنهم يتصورون أن الله كما حماهم عند مطاردة فرعون لهم سيحميهم أثناء خروجهم نهارا للعدوان على غزة.