تسلا تسجل أرباحا مفاجئة خلال الربع الثالث    إعلام عبري: تجدد دوي صفارات الإنذار في كريات شمونة ومحيطها    وكالة الأونروا: إحدى شاحناتنا في غزة تعرضت لقصف مباشر بصاروخ إسرائيلي أدى إلى مقتل أحد موظفينا    قصف جوي أمريكي بريطاني يستهدف مواقع للحوثيين في مطار الحديدة    جيش الاحتلال يدعى انتماء 6 صحفيين بالجزيرة لفصائل المقاومة.. والقناة ترد    مانشستر سيتي يكتسح سبارتا براج بخماسية في دوري الأبطال    لاعب الزمالك السابق: التحكيم على مر التاريخ يفيد الأهلي    مدرب برشلونة يتغنى بهاتريك رافينيا أمام بايرن ميونخ ويوجه رسالة نارية ل ريال مدريد    مصرع وإصابة 9 أشخاص في حادث انقلاب سيارة سوزوكي ب 6 أكتوبر    ماس كهربائي وراء نشوب حريق بشقة المطرب أبو الليف في حدائق الأهرام    ضبط المتهم بواقعة سرقة قرط طفلة بالشرقية    قبل ساعات من انطلاقه.. مهرجان الجونة يعلن أسماء أعضاء لجان تحكيم دورته السابعة    خمول وتعب في الصحة العامة.. توقعات برج الدلو اليوم الخميس 24 أكتوبر    ما هي بدائل الشبكة الذهب؟.. الإفتاء توضح للمقبلين على الزواج    أذكار النوم: راحة البال والطمأنينة الروحية قبل الاستغراق في النوم    الأكاديمية الطبية العسكرية تنظّم المؤتمر السنوى ل«الطب النفسي»    إطلاق المرحلة الأولى لمبادرة «تشجير المدارس»    «طلعوا الجواكت».. بيان مهم عن حالة الطقس اليوم: موجة برد ورياح وأمطار في هذه المناطق    «جذع نخلة وماسورة مياه» وسيلة الوصول لمدارس 3 عزب بأسيوط    السكة الحديد تنظم ندوة توعية للعاملين عن مخاطر تعاطي المخدرات    برلماني: الحوادث في مصر 10 أضعاف المعدل العالمي    ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإرهابى فى أنقرة إلى خمسة قتلى    مفاجأة بشأن موعد محاكمة ثلاثي الزمالك في الإمارات    هدم «قبة حليم باشا» يثير جدلًا بين أعضاء ب«النواب» و«كبير الأثريين»    قبل قمة الأهلي والزمالك.. إعلامي يطرح سؤالا مثيرا للجمهور بشأن محمد بركات    تقرير أمريكى: «ترامب» يشيد بجنرالات «أدولف هتلر» المُخلصين    جامعة الأزهر تكشف حقيقة شكاوى الطلاب من الوجبات الغذائية    محافظ بورسعيد: نعمل سويًا مع الجامعة لرفع كفاءة الملاعب وتطويرها    عاجل - "أفضل خيار لشراء سيارة سيدان أوتوماتيك لعام 2024 بسعر 250 ألف"    بيان عاجل من هيئة السياحة حول تأشيرة الترانزيت للسعودية: ما الحقيقة؟    «آركين».. «كل نهاية بداية جديدة»    رفع أسعار خدمات الإنترنت الفترة المقبلة.. ما حقيقة الأمر؟    محمد صلاح يقود ليفربول للفوز على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    خبير اقتصادي: الهدف من مراجعة صندوق النقد تقليل وتيرة ارتفاع الأسعار    مشاكل تتعلق بالثقة بالنفس.. توقعات برج الجدي اليوم 24 أكتوبر    حظك اليوم| برج القوس الخميس 24 أكتوبر.. «وقت للتحول الإيجابي»    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 24 أكتوبر.. «تعامل مع الخلافات بسلوك هادئ»    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 24 أكتوبر.. «ركز على رفاهيتك الشخصية»    ضمن مبادرة بدايةٌ جديدةٌ.. فتوى الأزهر يعقد لقاءً توعويًّا لطلاب جامعة عين شمس    خبير: فشل النظام الدولي شجع دولة الاحتلال على القيام بالمزيد من الجرائم    حزب الله ينفي تحقيق جيش الاحتلال الإسرائيلي أي تقدم جنوب لبنان    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    هندريك: مباراة الأهلي والزمالك تشبه كلاسيكو إسبانيا.. والأحمر سينتقم    «المصريين الأحرار»: لا يوجد نظام انتخابي مثالي.. والقوائم تتجنب جولات الإعادة    سعر الذهب اليوم الخميس في مصر يواصل الارتفاع.. عيار 21 يحطم الأرقام القياسية (تفاصيل)    بهاتريك رافينيا.. برشلونة يقسو على بايرن ميونخ برباعية في دوري أبطال أوروبا    حصاد 83 يوما .. حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 131 مليون خدمة طبية مجانية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. المحافظ يشهد احتفالية البطولة الإقليمية لطلاب مدارس التربية الخاصة    وزير الصحة يبحث دعم خدمات الصحة الإنجابية مع إحدى الشركات الرائدة عالميا    المصريين الأحرار: يجب على كل حزب توضيح الأيديولوجيا الخاصة به    بث مباشر.. مؤتمر صحفي لرئيس الوزراء عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    «زيارة مفاجئة».. وزير التعليم يتفقد مدارس المطرية | تفاصيل    وزيرة التضامن تشارك في جلسة رفيعة المستوى حول برنامج «نورة»    محافظ المنيا: تقديم خدمات طبية ل 1168 مواطناً خلال قافلة بسمالوط    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    رئيس فاكسيرا: توطين صناعة لقاح شلل الأطفال بالسوق المحلي بداية من 2025    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نظير محمد عياد يكتب: أهمية الفتوى وضوابطها
نشر في الوطن يوم 14 - 10 - 2024

لا يخفى على أحد ما للإفتاء من مكانة عظيمة، وما للفتوى من تأثير كبير فى توجيه سلوكيات الأمة أفراداً وجماعات، نظراً لتعلق الموضوع بأمور دينهم من عقائد وعبادات وبأمور دنياهم من عقود وتصرفات، ومعاملات مالية، واجتماعية، وغير ذلك مما يُستشكل على الناس من أمور دينهم ودنياهم، فيستفتون فيه أهل العلم ويسألونهم لإزالة هذا الإشكال ومعرفة حكم الله تعالى من حيث الحِل والحرمة فيما تعاطوه ووقعوا فيه، أو من حيث الإحجام والإقدام فيما هم مقدمون عليه، ويفكرون فيه، بما يعنى أن خلو المجتمع من المفتين يجعل الناس يعيشون فى حيرة من أمرهم، ويتخبطون فى دينهم خبط عشواء، ويسيرون تبعاً لأهوائهم، فيحلون الحرام ويحرّمون الحلال ويرتكبون المعاصى من حيث يعلمون أو لا يعلمون.
ويكفى فى بيان أهمية هذه الوظيفة، وبيان فضلها أن نعلم أن أول مَن قام بها هو سيد المرسلين، وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فكان يفتى عن الله بوحيه المبين، فكانت فتاواه صلى الله عليه وسلم فصل الخطاب.
وعندما التحق النبى صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، خلفه فى القيام بهذه الأمانة جمعٌ من الصحابة الكرام، قُدر عدد من حُفظت عنهم الفتوى بمائة ونيف وثلاثين رجلاً وامرأة، تفرقوا فى الأمصار، وقصدهم الناس ثم صارت الفتوى إلى مَن بعدهم من علماء التابعين وتابعى التابعين، حتى صارت إلى نخبة من العلماء الذين لم يخل منهم بلد، وما زال الأمر على ذلك حتى يومنا هذا مع تباين فى الأحوال والأزمان والأشخاص.
ولا يخفى ما فى هذا الأمر من عظيم الخطر وعظيم الأثر وكبير المسئولية وهذا ما نبه إليه الإمام النووى بقوله: «اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر، كبير الموقع، كثير الفضل، وكيف لا، والمفتى موقع عن رب العالمين ووارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وقائم بفرض الكفاية.
لذا هابها أكابر العلماء العاملين وأفاضل السابقين، والخالفين بدءاً بأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وكبار العلماء من بعدهم، وكان أحدهم لا تمنعه شهرته بالأمانة، واضطلاعه بمعرفة المعضلات فى اعتقاد مَن يسأله من العامة من أن يدفع بالجواب، أو يقول: لا أدرى، أو يؤخر الجواب إلى حين يدرى.
وما يجسد أهمية الفتوى وخطورتها فى آن واحد قول الإمام الشاطبى: إن المفتى شارع من وجه؛ لأن ما يبلغه من الشريعة؛ إما منقول عن صاحبها، وإما مستنبط من المنقول، فالأول يكون فيه مبلغاً، والثانى يكون فيه قائماً مقامه فى إنشاء الأحكام.
فحقيقٌ بمن أقيم فى هذا المنصب أن يعد له عدته، وأن يتأهب له أهبته، وأن يعلم قدر المقام الذى أقيم فيه، ولا يكون فى صدره حرج من قول الحق والصدع به.
وكما وضع العلماء شروطاً للمفتى القائم، فقد وضعوا أيضاً شروطاً لكيفية صدورها، وهذه الشروط بمثابة الضوابط والقواعد اللازم توافرها، والدعائم الواجب مراعاتها واستحضارها عند الإخبار بها حتى تقع فى موضعها، وتحقق المصلحة الشرعية المقصودة منها.
ومن أهم هذه الشروط والضوابط التى يجب على المفتى استحضارها ومراعاتها: الإحاطة بالواقعة المسئول عنها؛ وبالموضوع محل السؤال، وبالواقع الذى يحيط بهذه الواقعة، والظروف الحياتية التى يمر بها المستفتى، وأى تقصير فى هذه المرحلة المهمة، والتى يمكن أن نصفها بمرحلة التصوير والتشخيص للواقعة سوف ينعكس سلباً على الفتوى.
ومن هنا حذر العلماء من التسرع والعجلة فى الفتوى وعدّوا ذلك ضرباً من التساهل المذموم، إدراكاً منهم بأن إكمال النظر والفكر فى الواقعة، ومعرفة الظروف التى تحيط بالواقعة المسئول عنها من الإجراءات التى تمكّن المفتى من التصور الصحيح للواقعة، بما يساعده على التكييف الصحيح لها، ومن ثم إصدار الحكم الصحيح فيها، ومن الضوابط المهمة التى ينبغى أن تراعى عند إصدار الفتوى وتعين المفتى على التشخيص وإصدار الحكم الصحيح الوقوف على عرف بلد المستفتى، وما يعهده أهله فى ألفاظهم، ومعاملاتهم، وتفاصيل حياتهم، وعدم الجمود على المدون فى الكتب، ومن لم يكن على بصيرة من ذلك فقد ضل وأضل، خاصة فيما يتعلق بالطلاق، والأيمان، والوقف، وشروط التجار والصناع، ونحو ذلك مما مبناه العرف، ويؤثر فى إصدار الحكم.
ومن ضوابط الفتوى المقررة أيضاً: ضرورة الرجوع إلى أهل التخصص وذوى الخبرة فيما يتعذر على المفتى الإحاطة به، والوقوف على كنهه، خاصة فى القضايا الفقهية المعاصرة المتشابكة والمتداخلة مع تخصصات شتى.
ومن هنا تتجلى أهمية التخصص الدقيق، والعلم الجمعى وأثره على الإفتاء المعاصر، إذ لا يمكن للمفتى أو الفقيه فى ظل التطور السريع للواقع، وللوقائع والأحداث، وتشابك الأحكام أن يفتى فى قضية ذات ارتباط بعلم الطب -مثلاً- دون أن يسأل علماء الطب، كما لا يتأتى له أن يصدر فتوى فى نازلة اقتصادية إلا بعد الاطلاع على حيثياتها، وتصورها تصوراً تاماً عن طريق مشاركة علماء الاقتصاد، أو فى مسألة اجتماعية دون استشارة علماء الاجتماع، وهكذا فى بقية التخصصات، ومع ذلك يستحب له أن يشاور علماء الشريعة، الذى هم فى درجته وتخصصه؛ ليكون الاجتهاد جماعياً، والفتوى شورى.
ومن الأمور التى يجب أن تكون تحت عين المفتى وهو يقوم بالفتوى مراعاة القانون المعمول به فى بلد المستفتى، والتى نصوصه منتقاة من الفقه الإسلامى بعد دراسة طويلة، خاصة فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، وعلى ذلك فمن الأخطاء التى يقع فيها بعض المفتين أن تأتى فتواهم على خلاف قانون الدولة التى يسكنها المستفتى، فكثير من المفتين لا يلتفت إلى هذا، والسبب أن المستفتى من المشرق، والمفتى من المغرب، وهو يجهل قانون الدولة التى خرج منها السؤال، فيوقع المستفتى فى حرج شديد، واضطراب نفسى، والتعرض للعقوبة، وضياع الحقوق، وهذا على خلاف ما هو مقصود من الفتوى، من التيسير على الناس، والعمل على حل مشكلاتهم، ورفع الحرج عنهم.
والحقيقة أن الكلام عن الفتوى وضوابطها يطول، وما ذكرناه هو غيض من فيض، وقليل من كثير، ولعل فيما ذكر يُغنى عما لم يذكر. والله المستعان وعليه التكلان.
مفتى الديار المصرية
رئيس الأمانة العامة
لدور وهيئات الإفتاء فى العالم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.