أعلن بعض أعضاء اللجنة التأسيسية، المطعون على شرعيتها فى سعادة بالغة، عن انفراج الأزمة داخل اللجنة، وذلك بإلغاء المادة 68 الخاصة بالمساواة بين المرأة والرجل والتى أثارت عاصفة من الجدل، وفى الحقيقة ورغم هزلية تمثيل النساء فى هذه اللجنة بذل العديد من الرجال المحترمين داخلها جهداً كبيراً فى محاولة الشرح مراراً وتكراراً لأهمية وجود مواد تعالج ما نعانى منه من تشوهات ثقافية واجتماعية تعيق أى تقدم للمرأة المصرية، ومن ثم أى تقدم فى اتجاه دولة ديمقراطية حديثة. ولكن المثير للدهشة أن البعض وجد إلغاء المادة حلاً سحرياً للخروج من الأزمة، وأن مادة المواطنة تكفى، وهو وهمٌ كبير؛ فقد نصت كل دساتير مصر منذ 1956 على مبادئ المساواة والمواطنة، وعبر حوالى ستين عاماً عانت المرأة من التمييز المركب على مستوى القانون والواقع، وظلت مشاركة النساء فى المجالس المنتخبة أقرب إلى الصفر دون أن يهتم أى نظام سواء عبدالناصر أو السادات أو مبارك باتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة هذا الخلل الهيكلى أو الحد منه. وقد أدرك العديد من الدول أن النص على المساواة يظل دائماً حبراً على ورق دون النص على تدابير تضمن تحقيق هذه المساواة، لذا نص الدستور المغربى الذى أقر نهاية 2011 (وهى دولة إسلامية تطبق فيها الشريعة بلا متاجرة) على مبدأ المناصفة بين النساء والرجال وضمان الدولة تحقيق هذه المناصفة، وفى محاولة دول أخرى للتخلص من آثار الخراب الذى لحق بها، نصت الدساتير الحديثة للعراق وأفغانستان ورواندا وأوغندا على تمثيل النساء فى المجالس المنتخبة بنسب تقارب 30% أسوة بالهند وجنوب أفريقيا اللتين تحولتا، بفضل مشاركة النساء، إلى دولتين تقودان العالم فى مجموعة العشرين التى تعد الآن «مجلس إدارة العالم»، وبالطبع مصر ليست منها. وقد سبق وتقدمت الحركة النسائية والحقوقية والمدنية وقوى سياسية عديدة فى مصر بمطالب متعلقة بحقوق المرأة، وهى: أولاً، على مستوى الصياغة: - ضرورة التأكيد أن «المواطنين» يُقصد بها النساء والرجال لتأكيد المساواة أمام الدستور والقانون دون أى تمييز، وأسوة بالقرآن أيضاً الذى دأب على ذكر المؤمنين والمؤمنات ولم يكتف بالمذكر فقط. - ألا تكون المرأة مذكورة فقط عند التطرق للبنود التى تتعلق بالأمومة ومرحلة الإنجاب، نحن أمهات ونفخر ومواطنات أيضاً ولنا حقوق. ثانياً، على مستوى الحقوق: - الالتزام بضمان المساواة فى الحقوق بين المصريين من النساء والرجال التى تشمل التمتع الكامل بكل الحقوق والحريات وضرورة سن التشريعات لتعزيز تحقيق المساواة، وغيرها من التدابير التى تهدف لحماية الأشخاص وبعض الفئات من التمييز. - التزام الدولة باتخاذ التدابير والإجراءات التى تضمن تحقيق المساواة فى الواقع على المستوى السياسى والاجتماعى والاقتصادى والثقافى. - تجريم التمييز ضد النساء وأى شكل من أشكال العنف أو انتهاك الكرامة والاتجار. - حماية الدور الإنجابى للمرأة واعتباره مسئولية اجتماعية تلتزم الدولة بدعمها وتجريم أى انتهاك لحقوق المرأة استناداً على دورها الإنجابى. - حماية المرأة المعيلة والمهمشة وذات الاحتياجات الخاصة ومعالجة التشوهات الثقافية والاجتماعية التى تساهم فى التمييز ضد المرأة. وللأسف لم يتم الاستجابة لمطالب هذه المجموعات التى أعلنت أيضاً عدم موافقتها على ما جاء فى صياغة المادة 68. وطالبنا بتعديلها وإضافة عدد من المواد التى تضمن وصول الحقوق للمرأة فعلياً، ففوجئنا بإلغائها، لذا فإننا مصرون على مطالبنا، ولن نتفاوض عليها.. أما دستوركم فسيسقط قبل أن يجف الحبر من عليه.