اعتبر السفير الفلسطينى السابق لدى مصر، بركات الفرا، أن العالم والمؤسسات الدولية، مثل الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولى، خذل الفلسطينيين فى قطاع غزة على مدار 200 يوم، ففى الوقت الذى لم يتحرك فيه أحد لوقف المجازر التى حصدت عشرات الآلاف من الشهداء.. وإلى نص الحوار بعد مرور 200 يوم على العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، كيف ترى الموقف العالمى من الأحداث؟ - على المستوى الحكومى والسلطات، الغالبية العظمى من دول العالم والمؤسسات والمنظمات الدولية خذلت قطاع غزة بشتى الطرق، ففى الوقت الذى يستخدم فيه الاحتلال قنابل الفسفور والأسلحة المحرمة دولياً، لم يصدر أى قرار يدين مثل هذه التصرفات، والجميع يخشى إدانته، بسبب مساندة الولاياتالمتحدة لإسرائيل. وحتى قرار مجلس الأمن بالوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة، لم يستخدم المواد القانونية التى تجبر الاحتلال على الالتزام بالقرار، وبالتالى لم يتم تنفيذه حتى الآن، أما على المستوى الشعبى، فإن جميع شعوب العالم الحر تدعم أهالى قطاع غزة، ولأول مرة نرى مظاهرات حاشدة، يصل قوامها إلى أكثر من 100 ألف شخص، وفى بعض الأحيان تكون مظاهرات مليونية، فى كثير من عواصم العالم، لدعم مظلومية شعب يتعرض لحرب إبادة جماعية. هل تعتقد أن أمريكا قد تتخلى عن دعمها لتل أبيب؟ - الحديث عن وجود خلافات أمريكية إسرائيلية قد يكون فيه نوع من المبالغة، حيث إن تل أبيب حصلت على دعم غير مسبوق على كافة الأصعدة من الولاياتالمتحدة، خلال عهد الرئيس جو بايدن، وآخر تلك المساعدات هو موافقة مجلس النواب الأمريكى على منح إسرائيل مساعدات بنحو 29 مليار دولار، منها 4 مليارات دولار لنظام القبة الحديدية. فضلاً عن تزويدها بالقنابل والدعم السياسى فى مجلس الأمن، من خلال استخدام حق «الفيتو»، لمنع قرار وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وحتى خلال الخلافات التى تبادلها، بنيامين نتنياهو، والرئيس الأمريكى جو بايدن، كانت هناك تأكيدات حاسمة وواضحة بأن الولاياتالمتحدة لن تتخلى عن دعم تل أبيب. «نتنياهو» يعانى من أزمة سياسية.. ويعرقل كل محاولة للتهدئة من أجل البقاء فى السلطة من المسئول عن عدم الوصول إلى تهدئة تفضى إلى اتفاق لوقف إطلاق النار حتى الآن؟ - بلا شك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذى يعانى من أزمة سياسية على مستوى شعبه الرافض لسياساته، التى تضر بأبنائهم المحتجزين فى قطاع غزة من السابع من أكتوبر الماضى، ومع ذلك فهو لا يهتم، بل على العكس، يسعى مع المتطرفين من أعضاء حكومته، مثل وزير الأمن الوطنى إيتمار بن غفير، حيث يتعامل ضباطه وقوات الشرطة مع المتظاهرين من أسر المحتجزين بوحشية. كيف ترى جهود مصر من أجل القضية؟ - مصر هى الداعم الأول للقضية الفلسطينية، وقدمت الكثير من المساعدات الإنسانية وحتى على الصعيد الدبلوماسى والسياسى، وهذا من قبل السابع من أكتوبر الماضى، كما أنها ساهمت فى إعمار قطاع غزة فى أعوام 2014 و2018، ومنذ بداية العدوان الحالى على قطاع غزة، كانت مصر سباقه إلى فتح معبر رفح لإدخال المساعدات. كما فتحت أبواب المستشفيات والعلاج على نفقة الدولة، للمصابين والجرحى الفلسطينيين، وعندما تقطعت السبل بدخول المساعدات بسبب الجانب الإسرائيلى، شاركت مصر فى عمليات الإنزال الجوى للمساعدات فى مناطق شمال القطاع، كما أن مصر تلعب دور الوسيط النزيه، لأنها تحظى بثقة الفصائل الفلسطينية، وحتى الجانب الأمريكى والإسرائيلى، ولذلك تحاول استغلال مكانتها للوصول إلى التهدئة فى أقرب وقت، لكن كما قلت من قبل، محاولات «نتنياهو» للبقاء فى السلطة تعرقل كل هذه الجهود. الاحتلال الإسرائيلى يصر على اجتياح رفح، وهو ما يظهر فى تصريحات رئيس حكومة الاحتلال، وقيادات الجيش، بوجود خطة معدة مسبقاً، بحجة القضاء على قيادات حركة المقاومة الفلسطينية «حماس»، لكن فى ظل نزوح النسبة الأكبر من أهالى القطاع إلى مدينة رفح، فهذا ينذر بكارثة حقيقية، ومجزرة قد تسفر عن عشرات الآلاف من الضحايا والمصابين خلال أيام فقط، وفى ظل الأحداث الجارية، والدعم الأمريكى المطلق لإسرائيل، فإن «نتنياهو» لن يستجيب إلى الضغوط الدولية، ولا يوجد أمامه سوى التهديد بدخول رفح، بذريعة القضاء على الفصائل الفلسطينية كما يدعى، من أجل الوصول إلى انتصار يضاف إلى تاريخه، يمكنه من البقاء فى السلطة.