قال السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، إن الكثير من المعطيات الإقليمية تغيرت تجاه القضية الفلسطينية. وأكد «العرابى» فى حواره ل«الوطن»، أن الأزمة الفلسطينية تعرضت لتغيرات كبيرة على مستويات عدة بعد أحداث السابع من شهر أكتوبر.. فإلى نص الحوار: كيف ترى الموقف العالمى تجاه القضية الفلسطينية بعد مرور 200 يوم على الحرب؟ - حدث تغير على مستويات متعددة، فقبل 7 أكتوبر كان الرأى العام الغربى والعالمى يرى أن إسرائيل يجب أن تدافع عن نفسها، ولكن بعد الممارسات الأخيرة الإجرامية، أصبح العالم يرى وينظر بقلق للتصرفات الإسرائيلية وبدأ يتنامى الدعم والتعاطف مع القضية الفلسطينية، لدرجة أن هناك دولاً غربية تطالب بالاعتراف بدولة فلسطين كعضو دائم فى الأممالمتحدة. وبالتالى الأمور تغيرت بشكل كبير، إضافة إلى المظاهرات والاحتجاجات الموجودة فى الدول الأوروبية وأمريكا ضد سياسات إسرائيل والدول المؤيدة للتصرفات الإسرائيلية التى يرفضها الضمير العالمى، نتيجة عمليات تدمير وتجويع وترهيب الشعب الفلسطينى فى غزة وأيضاً فى الضفة الغربية. أمريكا تدير الصراع فى الشرق الأوسط بأسلوبها وفقاً لاستراتيجيتها الهادفة للحفاظ على أمن تل أبيب ما السبب فى طول أمد الحرب على قطاع غزة لأول مرة فى التاريخ؟ - طول أمد الحرب فى غزة وتخطيها حاجز 200 يوم كان نتاج فشل الاحتلال الإسرائيلى فى تحقيق أهدافه، فالمقاومة الفلسطينية الباسلة والصمود البطولى للشعب الفلسطينى فى غزة أدى إلى استمرارها لفترة طويلة، وفى نفس الوقت الممارسات والأهداف الإسرائيلية ثبت عدم جدواها ومن أهمها القضاء على حماس والفصائل الفلسطينية والإفراج عن المحتجزين، فتلك الأهداف لم تتحقق حتى الآن نتيجة الصمود الفلسطينى، سواء المقاومة أو الشعب نفسه، وأيضاً أزمة المحتجزين التى تقف عائقاً أمام الاحتلال الإسرائيلى وكانت سبباً فى طول أمد الحرب. استمرت الفصائل فى مقاومة الاحتلال رغم اعتمادها على أسلحة بدائية الصنع.. كيف ترى ذلك؟ - استمرار المقاومة الفلسطينية فى إلحاق الخسائر بجيش الاحتلال الإسرائيلى جاء نتاج اتباعها لتكتيكات على الأرض، أعتقد أنها كانت فى منتهى المهارة، خاصة أنها تتعامل مع جيش نظامى تقليدى، وبالتالى دائماً من يكون فى موقف دفاع تكون له قدرات أكبر من الهجوم، خاصة أن المقاومة الفلسطينية اتبعت أساليب جديدة مثل الأنفاق، فضلاً عن معرفتها بالأرض جيداً وكيفية التعامل معها من أى قوة معادية. هل اجتياح رفح الفلسطينية محاولة لحفظ ماء وجه إسرائيل؟ - الحكومة تحتاج إلى تحقيق انتصار أمام الرأى العام الإسرائيلى، وأعتقد أن اجتياح رفح الفلسطينية جزء من ذلك، ولتحقيق هدف القضاء على حماس والفصائل الفلسطينية، فنتنياهو يرى أن دخول رفح سيقلل من قدرات حماس وأنا أشك فى ذلك، وأشك أيضاً فى نجاحه، وسيفاجأ بخسائر كبيرة عند دخول رفح لا يتوقعها. هل تخشى أمريكا تصاعد حدة الصراع فى الشرق الأوسط؟ - الولاياتالمتحدةالأمريكية تدير الصراع فى الشرق الأوسط بأسلوبها وفقاً لاستراتيجيتها، وهى تعلم كيف تدير هذا الصراع فى إطار قدرتها على الضغط على إسرائيل إلى حد ما، ولكن ليس بنسبة 100% ولكنها تستطيع بالفعل، وفى الوقت نفسه وجودها فى الإقليم أصبح ملحوظاً، سواء عن طريق القواعد العسكرية فى بعض الدول، وبالتالى الولاياتالمتحدة لها القدرة على إدارة الصراع والأهم هو الحفاظ على إسرائيل وأمنها. كيف ترى دور مصر فى القضية الفلسطينية والصراع فى الشرق الأوسط؟ - تحاول مصر منذ بداية العدوان الإسرائيلى والحرب على غزة، منع اتساع الصراع وتضع رؤية واضحة لتطوراته على الإقليم، كما تحاول تهدئة الأوضاع ووقف التصعيد بسبب الآثار المدمرة التى تعرفها مصر جيداً، ومنذ العدوان ومصر ترسل رسائل تؤكد أنه لا يمكن التفريط فى القضية الفلسطينية وترفض التهجير القسرى للفلسطينيين، وكان لها دور واضح فى توجيه أنظار العالم تجاه ما يحدث فى قطاع غزة. عضوية كاملة فى الأممالمتحدة سيكون من الصعب على مجلس الأمن اعتماد قرار عضوية فلسطين الدائمة فى الأممالمتحدة وهو موضوع شائك، ويجب على 9 أعضاء الموافقة على الأمر، بالإضافة إلى معضلة حق النقض الذى تتمتع به واشنطن حليفة إسرائيل، ولكنه تطور كبير تجاه القضية الفلسطينية وهو تمهيد لوجود دولة فلسطينية، ومعناه ارتفاع ورفرفة علم فلسطين فى باحات الأممالمتحدة وسط أعلام الدول الأخرى، كما أنها بداية إيجابية لخلق كيان فلسطينى، وخطوة جيدة للضمير العالمى، إذ بدأ يتعامل مع الشعب الفلسطينى كشعب له حقوق وتطلعات، حتى وإن لم تكن فلسطين دولة مكتملة الأركان.
