التطورات التى لحقت بأدوات المطبخ، لم تمنع «إبراهيم» من التمسك بمهنته التى ورثها أباً عن جد، وتوشك على الاندثار، فتجده يقطع عشرات الأميال من قرية «البلاص» بمحافظة قنا بعربته الكارو التى يجرها حمار، ويهتف: «يلا القلل القناوى المليحة». إبراهيم محمد حسين فى ال15 من عمره، اعتاد أن يجوب القرى والمدن مع والده منذ نعومة أظافره، حيث يطرق أبواب من يحرصون على اقتناء الأوانى الفخارية مثل القلل والزير، خاصةً مع نهاية فصل الشتاء وبداية الربيع، حيث يستعد الأهالى لمواجهة حرارة الجو بالشرب من تلك الأوانى، التى يعتبرونها أكثر فائدةً من أوانى الثلاجات، ويطلقون عليها «ثلاجة الفقير». مع طلعة شمس كل صباح، يستقل «إبراهيم» عربته التى تزخر بالأوانى الفخارية، ليبيعها بأسعار متفاوتة: «الزبدية أو أوانى الطهى من 2 ل8 جنيه، والقلة ب4 جنيه، والعلاوة بين 10 و15 جنيه، أما الزير ب25 جنيه». تلك الأسعار التى ارتفعت بعد زيادة تكلفة نقل الطمى من الجبال، وارتفاع أسعار الوقود اللازم لحرق المنتجات الفخارية، وعزوف من كانوا يعملون بتلك المهنة. النقود ليست وحدها السبيل لاقتناء الأوانى الفخارية، بإمكان الأهالى شراء ما يحلو لهم من بضاعة «إبراهيم» بملء الإناء المراد شراؤه بالغلال، حيث يتم تحصيلها مع كل موسم حصاد للقمح أو الذرة، ومع ذلك يأمل إبراهيم وغيره من تجار الفخار فى مساعدة الدولة لهم، بتقديم دعم مادى للعاملين فى الفخار بقرية «المحروسة» أو «البلاص» سابقاً، وتبنى مشروع كبير يسمح بتصدير منتجاتهم إلى الخارج.