اعتبر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، اليوم، خلال زيارة قصيرة إلى الصومال، استغرقت بضع ساعات، أن مستقبلا أفضل ينتظر هذا البلد، الذي شهد تدخلا أمريكيا فاشلا عام 1993. وأمضى كيري، بضع ساعات في العاصمة مقديشو، ولم يغادر المطار المحصن بقوة، حيث التقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء عمر عبدالرشيد علي شارماكي. وقال كيري، في رسالة عبر الفيديو، موجهة لشعب الصومال، بثتها وزارة الخارجية الأمريكية، بعد انتهاء الزيارة التي استمرت 3 ساعات ونصف الساعة، قبل أكثر من 20 عاما، اضطرت الولاياتالمتحدة للانسحاب من بلادكم، ونحن نعود إليها الآن بالتعاون مع المجموعة الدولية، مسلحين بأمل كبير، رغم أنه مختلط ببعض القلق". وأضاف كيري، "زرت الصومال اليوم لأن بلادكم تتقدم نحو الأفضل، مرت 3 أعوام، منذ اعتماد دستور مؤقت وتنصيب برلمان، وبفضل أميصوم (القوة المسلحة للاتحاد الإفريقي)، تمكنت القوات الصومالية من دحر حركة الشباب خارج مواقع التجمعات السكنية". وقال كيري: "الولاياتالمتحدة مستعدة مع العديد من الشركاء الدوليين الآخرين، لفعل كل ما بوسعها، لمساعدة الصومال على إرساء الأمن وتحقيق الازدهار والسلام الذي تستحقونه"، قم غادر بعد ذلك إلى كينيا المجاورة. وشكلت هذه الزيارة، عودة دبلوماسية للولايات المتحدة إلى الصومال، حيث لا يزال الجيش الأمريكي، ضالعا في الحملة ضد حركة الشباب الإسلامية. وتبقى الولاياتالمتحدة، تحت صدمة فشل تدخلها العسكري والإنساني، تحت راية الأممالمتحدة في مطلع التسعينيات، الذي انتهى بكارثة "بلاكهوك داون"، في 3 أكتوبر 1993، أي معركة مقديشو التي أسقطت خلالها مروحيات أمريكية وقتل فيها 18 جنديا. وصرح كيري سابقا، خلال لقائه الرئيس الصومالي: "المرة المقبلة التي آتي فيها، يجب أن أكون قادرا على التنزه في وسط المدينة"، ورد عليه الرئيس الصومالي: "وسط مقديشو مختلف جدا عما كان عليه قبل سنتين"، في إشارة إلى تحسن الوضع الأمني. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماري هارف، في وقت سابق "إنها أول زيارة لوزير خارجية أمريكي إلى الصومال"، ووصف مسؤول أمريكي كبير، الزيارة بأنها "تاريخية"، مضيفا "أعتقد أنها ستوجه رسالة قوية بشأن التزامنا إزاء شعب الصومال". وزار مسؤولون غربيون آخرون، مقديشو، خلال السنوات الأخيرة، أبرزهم وزير الخارجية البريطاني السابق وليام هيج، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والحكومة الحالية في الصومال على غرار الحكومات السابقة، مستمرة بفضل الدعم العسكري والمالي، من المجموعة الدولية، وهي غير قادرة على بسط سلطتها خارج العاصمة وضواحيها. ويواجه الرئيس حسن شيخ محمود، الذي اعتبر في 2012 أفضل فرصة للسلام، صعوبات في بسط نفوذه خارج مقديشو، رغم التراجع العسكري للشباب، الذين يحل محلهم في معظم الأحيان زعماء حرب. وهزمت حركة الشباب، التي تقود تمردا مسلحا منذ 2007 عسكريا، أمام قوة الاتحاد الإفريقي، لكنها تكثف هجماتها في الصومال وفي كينيا المجاورة. ويتوجه كيري بالشكر إلى الدول الإفريقية الخمس المشاركة في قوة أميصوم (كينيا، أوغندا، بوروندي، جيبوتي وإثيوبيا)، التي تدعم الجيش الصومالي الناشىء كما قال الدبلوماسي الأمريكي. وخصصت الولاياتالمتحدة منذ 2007، أكثر من نصف مليار دولار، لقوة "أميصوم" بحسب البيت الأبيض، وخاض الأمريكيون من جهة أخرى في السنوات الماضية، عمليات عسكرية في الصومال- هجمات بطائرات بدون طيار وعمليات كوماندوس- ضد حركة الشباب، ما أدى إلى مقتل قائدها أحمد عبدي "غودان" في سبتمبر. وعلى الصعيد السياسي، فإنه من المرتقب تنظيم استفتاء دستوري هذا العام، في الصومال، تليه في 2016 أول انتخابات تعددية خلال نحو 40 عاما، وهذه العملية من شأنها إرساء سلطة مؤسساتية مركزية فعلية في البلاد، وإنهاء الفوضى الأمنية. وقال الدبلوماسي الأمريكي: "متفائلون جدا بخصوص الصومال، نرى اليوم بصيص أمل"، لكنه أعرب عن أسفه "للتأخر" الحاصل في العملية السياسية. وفي إشارة بحسب واشنطن لالتزامه الدبلوماسي، عين الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نهاية فبراير، سفيرا للصومال، للمرة الأولى منذ ربع قرن. لكن الولاياتالمتحدة لن تفتح في الوقت الراهن سفارة في مقديشو، وتتولى السفيرة كاثرين داناني تمثيل حكومتها لدى الصومال من السفارة الأمريكية في نيروبي. وكانت الولاياتالمتحدة اعترفت قبل عامين ونصف العام، بالحكومة الصومالية، فيما استقبل الرئيس أوباما في يناير 2013 الرئيس الصومالي.