اليوم الثاني للدراسة.. محافظ القليوبية يتفقد معاهد أزهرية ومدارس لمتابعة انتظام العام الجديد (صور)    الذهب تحت المجهر: قفزات ملحوظة وتحديات في الأسواق    كفر الشيخ: نقل الباعة الجائلين من شارعي بورسعيد والنقراشي إلى السوق الحضري الجديد    وزير الإسكان يتابع الإجراءات التي اتخذتها "القابضة للمياه" بشأن ضوابط ترشيد استخدام المياه    وزيرة البيئة: مصر تنتج سنويا 42 مليون طن مخلفات زراعية قابلة للاستغلال    وزيرا الإسكان والتنمية المحلية ومحافظ القاهرة يتابعون التحضيرات لاستضافة مصر للمنتدى الحضري العالمي    أنباء عن نزوح مئات اللبنانيين من الجنوب بعد الغارات الإسرائيلية    «أبوالغيط» يطالب بنما بالاعتراف بدولة فلسطين    الجيش الإسرائيلي: ضرب أكثر من 300 هدف لحزب الله في لبنان حتى الآن    منتخب الميني فوتبول يواجه الكاميرون في كأس الأمم الافريقية    ووكر قائد مانشستر سيتي يتهم الحكم بتوريطه في هدف لصالح أرسنال    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط قضايا اتجار بالعملات الأجنبية بقيمة 10 ملايين جنيه    أسرة السيدة المصابة من عباس أبو الحسن تقدم تصالح مع الفنان    «سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام» يعلن عن المشروعات المشاركة في الدورة السابعة    رئيس جامعة بنها يصدر قرارات بتعيين وكلاء ورؤساء أقسام جدد بالكليات    وزير الصحة: 480 حالة مصابة بنزلات معوية ترددت على المستشفيات في أسوان    محافظ المنوفية يتفقد المقر الإداري الجديد لشركة مياه الشرب والصرف الصحي    ضمن فعالياتها الميدانية.. المبادرة الرئاسية «بداية» تقدم أكثر من 9.3 ملايين خدمة مجانية    هكذا استعدت جامعة المنوفية لاستقبال الطلاب الجدد فى العام الدراسي الجديد    طلائع كفر الشيخ ضمن معسكر «حياة كريمة» بمركز التعليم المدني في دمياط الجديدة    الشامي: تدربنا على ركلات الترجيح قبل مواجهة الهلال.. ولم لا ننافس على الدوري    الرئيس السيسي يهنئ قادة السعودية بذكرى اليوم الوطني    الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للغات الإشارة    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    النيابة تستعجل تقرير اللجنة الهندسية بشأن عقار روض الفرج المنهار    لص يعترف بتهديد سيدة لسرقة شقتها فى القاهرة.. اعرف التفاصيل    ضبط قطع أثرية مقلدة بحوزة أشخاص في القاهرة للنصب على المواطنين    فضيحة النازي الأسود تقود كبار موظفي حملة المرشح لحاكم نورث كارولاينا إلى الاستقالة    نتنياهو يأمر فعليا ببناء حاجز على الحدود مع الأردن    الأقصر تستعد للاحتفال باليوم العالمي للسياحة -صور    مواعيد وقنوات عرض مسلسل تيتا زوزو الحلقة 3.. خلال ساعات    إعلام إسرائيلي: حزب الله قد يضرب أهدافا في تل أبيب وسنكون مستعدين للرد    وفاة والد الإعلامية حياة عبدون .. موعد الجنازة والعزاء    منظمة خريجي الأزهر تناقش مكانة المرأة في الإسلام بورشة عمل للطلاب الوافدين    الأزهر للفتوى يوضح تواضع النبي الذي كان عليه    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    محافظ المنوفية يتفقد مدرستي عبد العزيز باشا فهمي ومصر الحرة بكفر المصيلحة    نصائح مهمة يجب إتباعها عند تحضير اللانش بوكس    جامعة القاهرة تعلن برنامج القوافل التنموية ضمن «بدابة جديدة»    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    خبير تربوي يكشف عيوب ومميزات الواجب المنزلي الموحد للطلاب    اليوم.. فتح باب تعديل الترشيح بجامعة الأزهر إلكترونيًا وحتى الأربعاء    هل يتعاقد برشلونة مع حارس مرمي جديد بعد انتهاء موسم تير شتيجن؟    خلال 24 ساعة.. ضبط 30129 مخالفة مرورية متنوعة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    المستشار الألماني يلتقي زيلينسكي وأردوغان ولولا في نيويورك    شعبة الأدوية توضح كيفية تحصل الأدوية الناقصة في السوق    ماذا قال محمد صلاح لأحمد فتحي بعد اعتزاله كرة القدم ؟    استشهاد 4 أطفال فلسطينيين ووالدتهم جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي    إصابة فى مقتل    أحمد سعد يعلق على سرقة مقتنياته الثمينة في حفل زفاف نجل بسمة وهبة: "المكاسب من عند الله"    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    «قوم اطمن على رصيدك».. عطل فودافون يجتاح السوشيال ميديا    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    الأهلي لا يعرف الهزيمة أمام أندية الإمارات فهل يواصل المارد الأحمر الهيمنة ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف غريب يكتب: إمبراطورية ميم.. ثراء الفكرة وتحديات المعالجة
نشر في الوطن يوم 22 - 03 - 2024


مجموعة من الأصدقاء يصنعون مسلسلاً مهماً.. هذا هو الانطباع الأول الذى يقفز إلى مقدمة ذاكرتك وأنت تشاهد الحلقات الأولى من مسلسل «إمبراطورية ميم»، فالكاتب محمد سليمان عبدالمالك والمخرج محمد سلامة والممثل خالد النبوى ومدير التصوير محمد مختار والمطرب مدحت صالح وآخرون هم أنفسهم من قدموا قبل عامين المسلسل التليفزيونى «راجعين يا هوى»، والعملان يمثلان تعاوناً مشتركاً بين الشركة المتحدة والمنتج تامر مرتضى «أروما»، والفارق بين العملين هو أن الأول كان مسلسلاً إذاعياً تم تقديمه عام 2004 من تأليف الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، والأخير عن قصة الأديب الكبير إحسان عبدالقدوس تم تحويله إلى فيلم شهير عام 1972 من بطولة سيدة الشاشة فاتن حمامة، ورغم النجاح الذى حققه «راجعين يا هوى» عند عرضه فإن التحدى هذه المرة كان أكبر، ليس فقط فى المحافظة على النجاح، وإنما للفوارق الكبيرة بين مسلسل إذاعى محدود الانتشار لم يكن يتذكره أحد تقريباً، وفيلم يحفظه المشاهد العربى عن ظهر قلب، وتداوم الفضائيات المختلفة على استدعائه كثيراً لا سيما فى مناسبات عيد الأم ويوم المرأة وغير ذلك من المناسبات التى تكون المرأة حاضرة فى صدارة المشهد، فضلاً عن أنه واحد من درر فاتن حمامة، وإحدى نقلاتها السينمائية، باعتباره الفيلم الذى شهد تحولها من أدوار ال«فيديت» كما فى «الخيط الرفيع» المعروض فى العام السابق مباشرة إلى مرحلة أدوار الأمومة لشباب فى طور المراهقة يدرسون فى المرحلة الجامعية.والخطورة هنا ليست فقط فى المقارنة بين فيلم مستقر فى الذاكرة وبين عمل تليفزيونى حديث، فكل المسلسلات التليفزيونية التى كان لها ظهير سينمائى كان مصيرها -من وجهة نظرى- الفشل الكبير، أو على الأقل كان نجاحها مؤقتاً زمن عرض المسلسل التليفزيونى لأسباب يمكن تفهمها، والقائمة تطول وتطول فى هذا المجال، لكن المشكلة فى أن المشاهد يجلس أمام شاشة التليفزيون وهو يعرف مسبقاً حكاية ذلك الذى يشاهده أو على الأقل فى خطوطه العريضة، وهو التحدى الأعظم الذى ربما دفع مؤلف الحلقات محمد سليمان عبدالمالك إلى الاقتراب أكثر من النص الروائى الذى كتبه إحسان عبدالقدوس عام 1965 ضمن مجموعته القصصية «بنت السلطان»، فى محاولة أظنها موفقة للاختلاف عن الفيلم الراسخ فى المخيلة منذ اثنين وخمسين عاماً، فحذف شخصيات وأضاف أخرى، وأراد خلق أجواء جديدة لنص قصير لم يتجاوز بضع صفحات فى العمل الأدبى، فالبطولة فى القصة الأصلية كما فى المسلسل لرجل وليست لامرأة كما فى حالة فيلم فاتن حمامة، وهو ما استتبع نحت علاقة عاطفية مختلفة بين الأب (خالد النبوى) وجارته (حلا شيحا) على خلاف تلك العلاقة التى جمعت بين فاتن حمامة وأحمد مظهر فى الفيلم الشهير، ورغم هذا الاختلاف فى تبادل الأدوار بين العملين فإن كليهما قد حاد عن النص الأدبى، لأن الأسرة كانت مكتملة من أب وأم عند إحسان عبدالقدوس، لكن مقتضيات البناء الدرامى والذهنية الشرقية الباحثة دائماً عن قصة الحب فى أى عمل فنى استلزمت عند نجيب محفوظ، الذى قام بالإعداد السينمائى للفيلم، حذف شخصية الأب، وعند محمد سليمان عبدالمالك حذف شخصية الأم فى المسلسل، وإيجاد نصف آخر لأى من فاتن حمامة وخالد النبوى.وقد استتبع التوجه الذكورى للمسلسل أمر آخر، إذ ليس من المستحب أن تقيم والدة الأم المتوفاة مع الأسرة كما هى الحال فى الفيلم، ومن ثم تم الاستعاضة عنها بشخصية شقيقة رب الأسرة (نشوى مصطفى)، التى وفرت كذلك مطلباً درامياً آخر فى بناء العمل، وهو إضفاء قدر من خفة الروح على الأحداث، بعكس الشخصية التى أدتها دولت أبيض فى الفيلم بكل ما عرف عنها من صرامة وحزم، ولئن حاول كاتب المسلسل الاقتراب أكثر من أجواء النص الأدبى فإنه شارك نجيب محفوظ فى اختلاف العملين عن تركيبة الأسرة كما عند عبدالقدوس، فأفراد الإمبراطورية عنده هم جميعاً من الذكور، لكن الفيلم والمسلسل -على السواء- جعلاها تجمع بين الجنسين، وأظن أن هذا الاختلاف أعطى مزيداً من الثراء البنائى للعملين، ونسج خيوطاً درامية ما كانت تتوفر لو أبقى الاثنان على ذكورية التركيبة الأسرية التى أرادها صاحب النص الأدبى، وهو أمر كان بالتأكيد فى صالح الرغبة الأصيلة فى تقديم معالجة اجتماعية للنص الأدبى.غير أنه يجب هنا التأكيد على أن إحسان عبدالقدوس لم يكن فى النص الأصلى معنياً فى أولوية اهتماماته بالبعد الاجتماعى لتلك الإمبراطورية، وإنما كان يقدم لقارئ عام 1965 طرحاً فكرياً يلائم التوجه الاشتراكى الذى تقف وراءه دولة الرئيس عبدالناصر، ومن هنا كان المشهد الرئيسى وربما الوحيد فى النص الأدبى هو فكرة الانتخابات داخل الأسرة، باعتبارها النواة الأولى لأى كيان ديمقراطى، فكثرت مناقشات الأب والابن عن المجتمع الاشتراكى للأسرة، وضرورة التخلص من سطوة رأس المال، وأن جميعهم شركاء فى الإنتاج حتى لو كان هذا المنتج هو السعادة التى يمنحها الأبناء للأب، ناهيكم عن حتمية مشاركة كل المقيمين فى البيت بمن فيهم الخدم فى العملية الانتخابية، باعتبارهم أيدى عاملة وشريكاً أساسياً فى مجتمع الأسرة، ورغم أنه لا الفيلم ولا المسلسل أغفلا فكرة الانتخابات بكل تداعياتها ونتائجها فى محيط الأسرة، فإنهما تجاوزاها إلى خيوط درامية أخرى تخدم الهدف من وراء العملين، إذ شتان بين قصة قصيرة يمكن قراءتها فى ربع ساعة ليس أكثر، وفيلم سينمائى يقترب من الساعتين، أو مسلسل تليفزيونى يتخطى حاجز الخمس والعشرين ساعة مع اختلاف الأدوات الإبداعية فى كل مصنف وطبيعة المتلقى، وكذلك السياق الزمنى الذى ظهر فيه كل عمل، فضلاً عن الدوافع الإنتاجية التى تقف خلف كل عمل.. لقد كان إحسان عبدالقدوس عام 1965 ابن مرحلته معبراً عن اهتماماتها وتوجهاتها، وهو بالأساس ليس مسئولاً إلا عن الورق الذى كتبه، بينما كان كل شىء فى الفيلم الذى أخرجه حسين كمال سنة 1972 فى خدمة البطلة فاتن حمامة العائدة لتوها من منفى اختيارى خارج مصر على خلفية علاقتها المضطربة بجهاز صلاح نصر وأخريات فترة حكم الرئيس عبدالناصر، فى محاولة لاستعادة بريقها السينمائى الذى خفت فى سنواتها العجاف بعيداً عن الوطن، فحشد لها رمسيس نجيب منتج الفيلم كل ما يخدم ظاهرة النجم، من أول تغيير البطولة الرئيسية من رجل إلى امرأة إلى عكوف كل من نجيب محفوظ (الإعداد السينمائى) وإحسان عبدالقدوس (كتابة الحوار إلى جانب القصة بطبيعة الحال) ومحمد مصطفى سامى وكوثر هيكل (كتابة السيناريو) فضلاً عن بقية عناصر الفيلم الذى تم تقديمه بالألوان فى وقت كانت فيه غالبية الأفلام المنتجة بالأبيض والأسود. أما الشركة المتحدة و«أروما» فكان هدفهما من وراء المسلسل أمراً أكثر وضوحاً ومشروعية. لقد كان إحسان عبدالقدوس فى قصته القصيرة مهتماً بالجانب الفكرى من أول اختيار مفردة «إمبراطورية»، باعتبار أن الأسرة هى أساس كل مجتمع سياسى، بينما كان صناع الفيلم معنيين بمشاعر امرأة غاب عنها زوجها بحاجة لمن يلبى احتياجها العاطفى، ربما يخفف عنها ما تواجهه بمفردها من مشكلات أبنائها فى تلك المرحلة الحرجة التى يمرون بها.. أما مسلسل 2024 فهدفه الأساسى تقديم دراما اجتماعية معاصرة مشوقة أو مسلية يلتف حولها جميع أفراد الأسرة ربما يجدون فيها ظلاً لحياتهم اليومية، أو تلمس فيهم وتراً، أو تمس مشكلة نفسية أو تربوية كان من الضرورى الانتباه لها، وأعتقد المسلسل نجح بالفعل فى الوصول إلى هدفه.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.