نشرت السلطات التركية، اليوم، قوات ضخمة من الشرطة في أسطنبول، لمنع تنظيم مسيرات مرتقبة بمناسبة عيد العمال، وخصوصا في ساحة "تقسيم"، فيما يجوب مئات آلاف الناشطين مدن العالم، للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة. وأغلقت الشرطة الشوارع المؤدية إلى وسط أسطنبول، أكبر مدن تركيا، وفرضت قيودا على وسائل النقل العام، إذ أن السلطات تسعى لإحكام قبضتها على التظاهرات النقابية المرتقبة خارج ميدان "تقسيم". ومنعت الشرطة السيارات من الوصول إلى ميدان "تقسيم" الشهير، مركز التظاهرات ضد حكومة رجب طيب أردوغان في العام 2013. أما في مدن العالم، نزل الناشطون إلى الشوارع احتفالا بعيد العمال، وفي أثينا، تجمع الآلاف في وسط العاصمة، ردا على دعوات المشاركة في تظاهرة الأول من مايو، من الاتحادات النقابية الخاصة والعامة. وشارك وزير المالية يانيس فاروفاكيس، يرافقه 3 وزراء من حكومة حزب سيريزا اليساري، في تظاهرات أثينا، ووصل ظهرا إلى ساحة كلافثمونوس، القريبة من وسط العاصمة، حيث التظاهرات التي شارك فيها نحو 2500 شخص، وفق مصدر في الشرطة. وبعيدا عن الفعاليات النقابية، تظاهر في أثينا أيضا 7 آلاف شخص، بدعوة من "جبهة كفاح العمال"، المقربة من الحزب الشيوعي، فضلا عن 1500 آخرين بدعوة من مجموعة يسارية أخرى، كذلك تظاهر 4 آلاف شخص في مدينة سالونيك، وفق الشرطة. وفي موسكو، تظاهر نحو 140 ألف عامل وطالب في الساحة الحمراء، ورفعوا الأعلام الروسية، في مشهد يعيد للذاكرة سنوات الحكم السوفيتي. ومن المتوقع أن تشهد روسيا، تظاهرات تجمع نحو 2.5 مليون شخص، وفق ما أعلن حزب "روسيا الموحدة" الحاكم. وتنتظر ميلانو أيضا خروج عشرات الآلاف إلى الشوارع بعد ظهر اليوم، بمناسبة عيد العمال، وضد افتتاح "اكسبو 2015" اليوم في المدينة، واتهم معارضون للمشروع السلطات، بتبذير المال العام، عبر استضافة معرض بهذا الشكل في أوقات التقشف التي تعاني منها البلاد. أما فرنسا، فتنتظر تظاهرات متفرقة لمناسبة عيد العمال، إذ تشارك النقابات في فعاليات مختلفة، وقال برنارد ثيبو، الذي قاد الاتحاد العام للشغل 14 عاما، إن هناك الكثير من النقابات في فرنسا، والحركة النقابية تعاني في الوقت ذاته، من الانقسام وكثرة العناصر. وفي كوريا الجنوبية، تظاهر عشرات الآلاف، متوعدين ب"إضراب عام" في حال نفذت الحكومة الإصلاحات في قطاع العمل التي أعلنت عنها. وتظاهر آلاف العمال في وسط طهران، في موقع قريب من "دار العامل"، نقابة العمال الرسمية. وبالعودة إلى تركيا، ورغم الإجراءات الأمنية المشددة، شارك المئات في تظاهرة في منطقة بيشيكتاش في أسطنبول، على ضفاف البوسفور، بدعوة من أكبر نقابتين يساريتين وأحزاب معارضة. وهتف هؤلاء بمواجهة خراطيم المياه، وطوق فرضه عناصر شرطة مكافحة الشغب، لسد المنافذ إلى ساحة تقسيم "يعيش الأول من آيار" و"تقسيم ساحة الأول من أيار" و"معا ضد الفاشية". وطوقت الشرطة مجموعة صغيرة من عشرات المتظاهرين الشيوعيين، حاولوا الوصول إلى ساحة تقسيم، واعتقلت عددا منهم. وكما في العامين الماضيين، قرر محافظ أسطنبول منع أي تظاهرة للنقابات في تقسيم، ومنذ عامين، قرر نظام الرئيس الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان، منع التجمعات والحشود في الساحة منذ التظاهرات ضد حكمه. وتخشى حكومة أردوغان من التظاهرات، وخصوصا قبل الانتخابات التشريعية، المرتقبة في السابع من يونيو، لكن النقابات تطالب كل عام بالتظاهر في ساحة "تقسيم" لإحياء ذكرى ضحايا الأول من مايو 1977، عندما أطلق مجهولون النار في المكان، ما أدى إلى مقتل 34 شخصا. وقال عمر قره تبه، أحد مسؤولي اتحاد نقابات العمال الثوريين، ل"فرانس برس" أمس، "في 1977، وقعت مجزرة، نود أن نكون هناك (تقسيم) لإحياء الذكرى بكل بساطة، لا نقبل أن نحييها بشكل آخر، فهي تحمل قيمة رمزية كبرى بالنسبة لنا". وأضاف، أن رئيس الجمهورية، الرجل الذي يمنح نفسه كل الحقوق، لا يستطيع أن يقول لنا أين سنحتفل في الأول من آيار، "هذا أمر غير مقبول". وأسفرت مواجهات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين في عيد العمال العام 2014 قرب ساحة "تقسيم" عن 90 جريحا وتوقيف 142 شخصا، بحسب حصيلة رسمية. ونقلت وسائل إعلام تركية، أن 20 ألف شرطي انتشروا في المدينة، معهم 62 شاحنة مياه، لاستخدامها في حال حصول اشتباكات. واضطر سكان إسطنبول، إلى قضاء حاجياتهم مشيا على الأقدام، بسبب إغلاق الطرقات أمام السيارات، فيما وجد المسافرون أنفسهم محاصرين بانتظار أن يجدوا طريقة للتوجه إلى المطار. وفي محاولة لمنع التظاهر، أغلقت السلطات خط المترو، قبل أن يصل إلى "تقسيم"، كما أن خطوط الترام عملت بشكل جزئي، أما ساحة "تقسيم"، فكانت خالية سوى من الشرطة ورجال الأمن بثياب مدنية والصحافيين. وجمدت السلطات خدمات النقل عبر البوسفور من الجانب الأسيوي، من المدينة، لمنع المواطنين من العبور والمشاركة في التظاهرات، في الجهة الأوروبية. ومنعت الطوافات الخاصة من التحليق، لإخلاء الأجواء أمام مروحيات الشرطة، ويهد هذا عيد العمال الأول في تركيا، بعد قانون أقره البرلمان الشهر الماضي، يمنح الشرطة صلاحيات لقمع التظاهرات.