«طز وستين طز فى مجلس الأمة إذا لم يحم الدستور، فنحن بايعنا صاحب السمو وله فى رقبتنا بيعة، لكن من لا يدافع عن الدستور من ذرية مبارك لا مكان له بالحكم، وإذا عبثتم بحقوقنا راح نعبث بحقوقكم». كانت هذه كلمات مسلم البراك، النائب السابق بالبرلمان وأحد أبرز المعارضين الكويتيين، والتى على أثرها اعتقلته السلطات من منزله ووجهت إليه تهم العيب فى ذات الأمير، والمساس بمسند الإمارة، والتعدى على سلطات واختصاصات الأمير، حيث يُعتبر خطاب البراك للأسرة الحاكمة وللأمير بشكل شخصى سابقة هى الأولى من نوعها فى الحياة السياسية الكويتية، ومثلت خرقاً لسقف طالما حاولت المعارضة والسلطة المحافظة عليه. وقال البراك هذه العبارات الجريئة فى 22 أكتوبر الماضى أمام المعتصمين فى محيط البرلمان الكويتى احتجاجاً على صدور مرسوم أميرى بتعديل نظام الدوائر الانتخابية، وهو ما اعتبرته المعارضة انقلاباً جديداً على الدستور. وفى 29 أكتوبر ألقت السلطات القبض على البراك من منزله بعد أن كان قد عقد مؤتمراً صحفياً حضره مجموعة من أنصاره ومؤيديه نفى فيه وجود محاولة لقلب نظام الحكم بقيادة أحد التيارات السياسية، فى إشارة ضمنية ل«الإخوان المسلمين». وقال إنه رفض فى وقت سابق تسليم نفسه وفق أوامر شفهية وصلته، مطالباً بضرورة تسلمه مذكرة اعتقال وهو ما حدث عقب ذلك بوقت قصير، إذ حضر إليه عقيد من أمن الدولة ومعه كتاب رسمى من الداخلية ليخرج النائب وسط هتافات من المواطنين الذين وجدوا بديوانه، وأصدرت النيابة العامة قراراً بحبسه عشرة أيام على ذمة التحقيق. وسرعان ما اشتعل غضب القوى الوطنية فخرج آلاف المتظاهرين فى مسيرات باتجاه السجن الذى احتُجز فيه، وبعد مواجهات عنيفة بين المحتجين وقوات الأمن تم الإفراج عن البراك بكفالة قدرها عشرة آلاف دينار. ومع خروجه من السجن أكد البراك على استمراره فى الدفاع عن الدستور والمكتسبات الشعبية، ووجه رسالة لمؤيديه قائلاً: «أقسم بالله كنت أستذكر مسيرة 16 سنة تشرفت خلالها بتمثيلكم.. وأقسم بالله بأنى لم أخنكم يوماً، ومع ذلك أعلم أننى مقصر تجاهكم، وأقسم بالله أن الذى أخرجنى من السجن ليست العشرة آلاف دينار التى طلبتها النيابة بل أخرجنى أصواتكم الحرة». وبالفعل، فإن للبراك تاريخاً سياسياً مشرفاً، حيث يعد صاحب أكبر عدد من الأصوات فى تاريخ الكويت خلال عدة دورات متتالية فى الانتخابات البرلمانية التى شهدتها البلاد، وهو ابن محمد حمد البراك النائب السابق بالبرلمان الكويتى، ويُعتبر البراك أحد أهم المطالبين بإجراء إصلاحات سياسية فى البلاد، ومحاسبة نواب مجلس 2009 ال13 ممن تم اتهامهم بتلقى رشاوى مالية من الحكومة لتمرير مشروعات القوانين التى تطرحها، وهى القضية المعروفة إعلامياً ب«الإيداعات المليونية». ويُعتبر البراك من الشخصيات التى لا يمكن التعامل معها بحيادية، فنجد دائماً أن مؤيديه يرون فيه رمزاً للشجاعة وضميراً للأمة وترجمةً لكل آمالهم فى مستقبل أفضل لوطنهم، بينما يراه معارضوه شوكة ظلت تقض عليهم مضاجعهم طوال ستة عشر عاماً متواصلة أزاح فيها العديد من القيادات الفاسدة فى المؤسسات الكويتية. فحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، يحتل البراك المركز الثالث كأقوى معارض ضد سرقة المال العام والفساد على مستوى العالم، ويُعد أبرز قادة المعارضة الكويتية التى يطغى عليها التيار الإسلامى والقبلى وتطالب بإصلاحات سياسية جذرية تعزز الديمقراطية، لكن دون المطالبة بتغيير النظام أو التخلى عن حكم آل الصبّاح الذين يحكمون الكويت منذ أكثر من 250 عاماً. أخبار متعلقة: الكويت على طريق الانفجار السلطة والشعب.. «القمع» فى مواجهة «الإرادة» الدلال: الحديث عن تحريك «إخوان مصر» للاحتجاجات «أسطوانة مشروخة» «الإخوان» تفشل فى استعادة فرعها بعد 22 عاماً فتقرر «تحرير الكويت» «عدوى الديمقراطية» تهدد دول الخليج