- ما زال الحديث موصولاً عن أهم بنود إعلان برلمان الأديان عن المقاييس العالمية للأخلاق، وذلك على النحو التالى: - الالتزام بثقافة التضامن وبنظام اقتصادى عادل: ■ إننا نعرف من تقاليد الإنسانية الدينية والأخلاقية القديمة الإرشاد القائل: لا تسرق، لا يحق لأى إنسان بأى شكل من الأشكال أن يسرق إنساناً آخر أو يعتدى على ملكيته أو على الملكية العامة، وفى المقابل لا يحق أيضاً لأى إنسان استخدام ملكيته الخاصة دون مراعاة احتياجات المجتمع وحاجات الأرض، وإنما المطلوب هو استعمال اجتماعى للملكية. إن الطمع يفقد الإنسان نفسه وحريته وطمأنينته وسلامه الداخلى، وبذلك يفقد ما يجعله إنساناً. ■ لكى تغيّر أوضاع أفقر مليار إنسان على هذا الكوكب بصورة حاسمة، لا تكفى الأعمال الخيرية الشخصية ومشروعات الإغاثة الفردية مهما كانت ضرورية ولا يمكن الاستغناء عنها، بل يحتاج الأمر إلى مشاركة جميع البلدان وإلى سلطة المنظمات الدولية من أجل التوصل إلى توازن عادل. ■ أينما يعم الفقر المدقع ينتشر الإحساس بالعجز واليأس، وأينما تتكدّس السلطة والثروة بلا هوادة تستيقظ لا محالة لدى المظلومين والمهمشين مشاعر الحقد والضغينة، بل الكراهية القاتلة والتمرد، وهذا يقود إلى حلقة شيطانية مفزعة من العنف والعنف المضاد، فلا ينْخَدِعنَّ أحد: (لا يوجد سلام عالمى بلا عدالة عالمية). - الالتزام بثقافة العيش فى صدق: إننا نعرف من تقاليد الإنسانية الدينية والأخلاقية القديمة الإرشاد القائل: لا تكذب، لا يحق لأى إنسان ولا مؤسسة ولا دولة ولا طائفة دينية الكذب على الناس، وهذا ينطبق بصورة خاصة على: ■ وسائل الإعلام الجماهيرى: المكفول لها حرية النشر من أجل إيجاد الحقيقة والتى تمارس بذلك سلطة رقابية، لكنها لا تقف فوق الأخلاق، بل تبقى فيما يخص الموضوعية والإنصاف ملتزمة بالكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان والقيم الأساسية، ولا يحق لها انتهاك حرمة النطاق الشخصى للأفراد ولا تشويه الحقيقة ولا التلاعب بالرأى العام. ■ السياسيون والأحزاب السياسية: عندما يكذبون على شعوبهم وعندما يرتكبون جرم التلاعب بالحقيقة والارتشاء، يكونون قد فقدوا مصداقيتهم ويستحقون فقدان وظائفهم وناخبيهم، فى مقابل هذا ينبغى على الرأى العام دعم أولئك السياسيين الذين يتجرأون على إعلان الحقيقة للشعب فى كل وقت. ■ ممثلو الأديان: عندما يُؤجِّجون الأحكام المسبقة والكراهية والعداء تجاه أصحاب الديانات الأخرى وعندما ينادون بالتطرف، بل ويدشنون الحروب الدينية أو يعلنون شرعيتها، فهم يستحقون استنكار الناس وفقدان أنصارهم، لا ينْخَدِعنَّ أحد: (لا عدالة عالمية، بلا صدق) - الالتزام بثقافة المساواة فى الحقوق والشراكة بين الرجل والمرأة: إننا نعرف من تقاليد الإنسانية الدينية والأخلاقية القديمة الإرشاد القائل: لا تَزْنِ، لا يحق لأى إنسان إهانة إنسان آخر بجعله مجرد أداة لغريزته الجنسية أو دفعه إلى التبعية الجنسية أو الإبقاء عليه فيها، وإننا ندين الاستغلال الجنسى والتميز بين الجنسين باعتبارهما أسوأ أشكال إهانة الإنسان، وأينما تتم الدعوة، حتى إن كانت باسم عقيدة دينية إلى سيطرة جنس على الجنس الآخر، وأينما يتم التسامح مع الاستغلال الجنسى وأينما يتم تشجيع البغاء أو يحدث استغلال للأطفال تصبح المقاومة واجبة، لا ينْخَدِعنَّ أحد: (لا يوجد إنسانية حقيقية، فلا يوجد تعايش مبنى على الشراكة). - حتمية تحوُّل الوعى: تظهر الخبرات الاجتماعية كافة أن كوكبنا الأرضى لا يمكن أن يتغير بدون التوصل إلى تحوُّل فى وعى الناس عامة، وقد اتضح هذا فى قضايا مثل الحرب والسلام والاقتصاد والبيئة، حيث تم التوصل إلى تغييرات جوهرية فى العقود الأخيرة، وهذا أيضاً ما ينبغى التوصل إليه بالنظر إلى المقاييس الأخلاقية، ولقد انبعث بالفعل وعى جديد بالمسئولية الأخلاقية فى كثير من مجالات الحياة، وإننا نلح بصورة خاصة على كل طائفة من الطوائف الدينية أن تصوغ معاييرها الأخلاقية المميزة لها مثلاً عن: قيمة الإنسان وحقوقه، الغاية من خلقه، معنى الحياة والموت، وستقوم المقاييس العالمية للأخلاق بتعميق ذلك وشرحه وتحديده. - من الصعب التوصل إلى إجماع عالمى حول كثير من القضايا الأخلاقية المنفردة المختلف عليها (الأخلاق البيولوجية، الأخلاق الجنسية، أخلاق الإعلام، أخلاق العلوم، أخلاق الاقتصاد، أخلاق الدولة)، لكن ينبغى أن يكون من الممكن أيضاً إيجاد حلول مناسبة لكثير من القضايا المختلف عليها بروح المبادئ المشتركة المطورة هنا. - وأخيراً، إن هذه المقاييس ليست ديناً عالمياً جديداً، ولكنها توحِّدُ جميع الأديان، ويمكن لغير المؤمنين أيضاً أن يشاركوا فى دعمها، لتحقيق ذلك لا نحتاج إلى ديانة مشتركة، بل فقط إلى أخلاق أساسية مشتركة.