وليد فنى مستحدث نوعاً، أتى العالم العربى من رحم الفن العالمى الذى برز فى أمريكا وأوروبا خصوصاً على المقاهى، يعتمد على «البطل الواحد»، وهو فن ارتجالى، يجد المواطن فيه متعته، ويعقب ضحكته موقف كوميدى ساخر، جرى على لسان مقدم العرض، كما أن جميع الوجوه التى تمارس هذا الفن من الشباب. والموقف الذى يلقيه الممثل يكون موقفاً حياتياً بالأساس، ويرمى إلى انتقاد أوضاع سياسية أو اجتماعية ما، أو التعقيب على أى من ظواهر المجتمع، وهو ما استورده الفنانون من الخارج، كنوع من التجديد فى الفن، وخلف فناً مختلفاً عن السائد، وتحدياً لذلك الواقع الملىء بالقمع والظلم والكآبة العامة التى مصدرها الأنظمة الحاكمة العتيدة، والظروف والأحوال الاجتماعية الصعبة، التى تنضح بدورها سخرية ممتزجة بالمرارة. لم يكن ال«ستاند أب كوميدى» فناً حديث العهد، وإنما مورس قبل سنين فى أمريكا وبريطانيا وغيرهما من دول الغرب، إلا أنه جديد على العالم العربى، حيث عمر الفن فى مصر لا يتعدى الثلاث سنوات. الإعلامى أكرم حسنى، الذى قدم ستاند كوميدى بساقية الصاوى من قبل، يقول إن الفن يعتمد على وجود بطل وحيد على المسرح يتحدث بسخرية عن تجارب ما مر بها، أو رؤيته لما حوله، كما يشدد على أن أهمية الفن تكمن فى إلقائه الضوء على آفات المجتمع وتوجيه الناس وتبصيرهم بعيب من عيوبهم، حيث إن أقصر الطرق لإيصال الرسالة، هى أن يضحك المشاهد، دون تحليلات معقدة، أو شعور من جانب الجماهير بنوع من التنظير. يضيف حسنى «الفن مستورد وبدأ ينتشر آخر سنتين أو ثلاث»، مشيراً إلى أن فنوناً مثل الحكى والحواديت منشأها مصرى فى الأساس. يرى أكرم أن فن ال«ستاند» كوميدى، لم يشهد تراجعاً ملحوظاً، «لا أعتبره هبط»، وإنما تأثر بالأحداث السياسية ومستجدات الساحة، كما المجالات الأخرى، وينفى أن يكون هناك تحول من قبل الناس عن مشاهدة الفن، أو أن البعض أشاح بوجهه عن الفن، حيث صعوبة تنظيم الحفلات، عقب الأحداث الكثيرة المتعاقبة التى شهدت تظاهرات واعتصامات، وحالة أمنية غير مستقرة، وقد أبدى رفضه لإطلاق لفظة «تراجع»، حيث الحكم على نوع من أنواع الفن بالتراجع أو الازدهار يتطلب فترات طويلة وأعواماً كثيرة، لتبيان ما إذا كان الفن مستمراً بقوته التى بدأ بها أو تراجع قليلاً، مشيراً إلى أن الأمر مجرد ظروف. ومع ذلك، يتعجب حسنى من عدم عودة الفن إلى سابق عهده مرة أخرى، لا سيما أن الأحداث تعتبر مادة شديدة الثراء، بالأفكار والموضوعات جديرة بالطرح على خشبة المسرح. يعتبر جورج عزمى هو الفنان المتربع على عرش هذا الفن فى مصر، فهو الأكثر تميزاً من بين فنانى ال«ستاند أب كوميدى» فى مصر، فحضوره على المسرح، وخفة ظله، ووجهات نظره الكوميدية، تجعله الأفضل بين أقرانه. وهو الأمر الذى يقره أكرم حسنى، الذى أضاف أنه من حسن حظه أن ظهوره فى أول «ستاند أب» كوميدى، كان برفقة عزمى، ويؤكد أنه كان يتعلم منه، ويرقب أداءه، بل تعدى الأمر إلى مراجعة حفلاته القديمة، ومذاكرة أعماله التى قدمها، وأوضح حسنى أن فنانين آخرين تميزوا أيضاً، وحققوا نجاحاً ملحوظاً تجلى فى حفلاتهم، مثل معتز عبدالله، وعلى قنديل، وتامر فرج، ومعتز عطا الله.