أكد الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن موازنة السنة المالية الجديدة «2023 - 2024» ستكون استثنائية مع استمرار آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، والتى تلقى بآثارها على اقتصاديات العالم، منوهاً بوجود مؤشرات إيجابية بتحقيق أكبر فائض أولى للموازنة بقيمة تصل إلى 295 مليار جنيه، والذى يصب فى صالح الاقتصاد، هو ناتج الفارق بين الإيرادات والمصروفات بعد استبعاد خدمة الدين، وبالتالى فإن الإيرادات أصبحت أعلى.. وإلى نص الحوار: د. فخرى الفقى: 3 تريليونات جنيه مصروفات فى العام المالى الجديد.. ودعم السلع التموينية ليبلغ 127.7 مليار جنيه كيف تم تحقيق فائض أولى رغم الظروف الاقتصادية؟ وما تأثير ذلك على الموازنة؟ - لا شك أن تحقيق الموازنة العامة الجديدة للدولة فائضاً أولياً له أثر إيجابى وانعكاس كبير، خاصة على المؤسسات المالية العالمية، وبالطبع على الموازنة، حيث من المتوقع أن تحقق الموازنة للسنة المالية 2023/2024 أكبر فائض أولى فى تاريخ الموازنات العامة بقيمة 295 مليار جنيه بنسبة 2.5% من الناتج الإجمالى المحلى، وهو أحد مستهدفات الموازنة منذ مدة طويلة، حيث كان ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادى وتحقق لأول مرة، حيث كان الهدف الوصول إلى فائض أولى 2% منذ العام المالى الحالى، وهو ما لم يتحقق بسبب الظروف الاقتصادية العالمية، التى أثرت بشدة على الموازنة والاقتصاد وكافة الاقتصاديات العالمية حتى الكبرى منها، فيما يبلغ حجم الفائض الأولى لموازنة العام المالى الحالى 2022/2023 نحو 136 مليار جنيه، ومنذ موازنة السنة المالية 2019/2020، وهناك فائض أولى يتحقق بالموازنة العامة، وقبل ذلك كان هناك عجز كلى، وهو أمر سلبى كان يمثل عبئاً كبيراً على الموازنة، حيث يحملها أعباء إضافية على أعباء الدين، خاصة أنه يتم وضع الفائض ضمن مخصصات سداد فوائد الدين العام، والفائض الأولى هو ناتج الفارق بين الإيرادات والمصروفات بعد استبعاد خدمة الدين، وبالتالى فإن الإيرادات أصبحت أعلى من المصروفات بعد استبعاد خدمة الدين، ويتم سداد جزء منها بالفائض، وهو ما يقلل العجز الكلى. ماذا عن معدل النمو فى الموازنة الجديدة؟ - تستهدف الموازنة العامة الجديدة للدولة للسنة المالية 2023/2024 معدل نمو 4.1% مقارنة بنحو 5.5% فى موازنة العام الحالى، بالنسبة للناتج الإجمالى المحلى، وهو ما يعنى توقع تراجع بنحو 34% نتيجة التأثيرات السلبية الناجمة عن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، بل إن هذه الظروف حالت دون تحقيق النمو المستهدف فى العام الجارى، وبعد مراجعة وزارة التخطيط ومع قرب نهاية السنة المالية الحالية تراجع النمو، ومن المرجح أن يكون 5% فى موازنة العام الحالى، وسبب التراجع فى النمو يعود إلى استمرار آثار الأزمة الاقتصادية العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، واستمرار تلك الآثار وتراجع خطوط الإمداد وزيادة الأسعار العالمية، فيما تبلغ تقديرات صندوق النقد والبنك الدوليين للنمو بالعام المالى الحالى بالموازنة نحو 4%. هل هناك زيادات فى إيرادات الموازنة الجديدة؟ - المستهدفات هى توقعات تزيد أو تقل، ولكن تستهدف الموازنة العامة للدولة فى العام المالى الجديد تعظيم الإيرادات سواء الضريبية أو غير الضريبية، وهناك زيادة كبيرة متوقعة بالفعل فى الإيرادات مع تطبيق الميكنة، حيث زادت لتبلغ فى الموازنة الحالية 1.5 تريليون جنيه بنسبة 16.7% من الناتج المحلى الإجمالى، فيما تبلغ الايرادات المتوقعة للسنة المالية الجديدة 2023/2024 نحو 2 تريليون جنيه بزيادة 624 مليار جنيه بنسبة 44%، وبنسبة 18٫1% من الناتج الإجمالى المحلى، وهذه الإيرادات مقسمة إلى زيادة 361 مليار جنيه من الإيرادات الضريبية، و262 مليار جنيه من غير الضريبية من خلال 59 هيئة اقتصادية وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام، وإيراداتها 610 مليارات جنيه فى العام المالى الحالى، فيما بلغت فى العام المالى السابق 360 مليار جنيه، وهو ما يعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى فى الهيئات الاقتصادية وقطاع الأعمال العام، حيث تحول العديد منها من الخسائر إلى الأرباح وفوائض أكبر فى الموازنة، ويتم معالجة مشكلات الهيئات الخاسرة. ماذا عن حجم المصروفات فى الموازنة الجديدة وأثر ذلك على العجز؟ - يبلغ حجم المصروفات فى موازنة العام الجارى 2 تريليون و235 مليار جنيه، وقد تم اعتماد إضافى بقيمة 160 مليار جنيه، بينما يبلغ حجم المصروفات فى الموازنة العامة الجديدة للدولة للسنة المالية 2023/2024 نحو 3 تريليونات وتحديداً 2 تريليون و991 مليار جنيه، وبالتالى يبلغ بذلك العجز النقدى فى الموازنة الجديدة 849 مليار جنيه مقارنة بنحو 718 مليار جنيه فى العام المالى الحالى. زيادة مخصصات المرتبات والأجور 60 مليار جنيه والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية إلى 529.7 مليار جنيه ما أولويات مصروفات الموازنة؟ - أولويات الموازنة فى المصروفات هى زيادة مخصصات المرتبات والأجور، والتى زادت بالفعل 60 مليار جنيه عن العام المالى الحالى، حيث كانت 410 مليارات جنيه بعد إضافة 10 مليارات من الاعتماد الإضافى بعد موافقة مجلس النواب، وتصل الأجور فى الموازنة العامة الجديدة إلى 470 مليار جنيه، ولا شك أن الاعتماد الإضافى 160 مليار جنيه، وكان يمثل أهمية، حيث تم تقسيمه إلى ما يلى: 10 مليارات جنيه للأجور والمرتبات، و85 مليار جنيه لسداد فوائد الدين العام، و70 مليار جنيه للدعم والمنح والحماية الاجتماعية، كما خصصت الموازنة للباب الثانى شراء السلع والخدمات نحو 139 مليار جنيه فى العام المالى الجديد 2023/2024، مقابل 126 مليار جنيه فى العام المالى الحالى، وهى لا تعد زيادة كبيرة فى إطار التقشف الحكومى. هل هناك زيادة فى مخصصات الدعم؟ - رغم الظروف الاقتصادية، فإن المؤشرات الإيجابية عديدة وهناك زيادة فى معظم البنود، منها زيادة مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية إلى 529.7 مليار جنيه بنسبة 48.8%، مقابل 426 مليار جنيه فى العام المالى الحالى بزيادة 103 مليارات جنيه، وهى زيادة كبيرة تستهدف تحقيق برامج الحماية الاجتماعية بشكل كبير، حيث تم زيادة مخصصات دعم السلع التموينية لتبلغ 127.7 مليار جنيه بمعدل نمو سنوى 41.9%، مقارنة بنحو 90 مليار جنيه (بخلاف 40 مليار جنيه اعتماداً إضافياً) فى العام المالى الحالى، كما تمت زيادة دعم المواد البترولية بشكل كبير فى الموازنة الجديدة، حيث ارتفع دعم المواد البترولية إلى نحو 119.4 مليار جنيه، مقارنة بنحو 28 مليار جنيه (بخلاف 30 مليار جنيه اعتماداً إضافياً) فى العام المالى الحالى، وهناك أنواع أخرى من الدعم، منها نحو 6 مليارات جنيه للتأمين الصحى والأدوية بزيادة 58.2% عن العام المالى الحالى، و10.2 مليار جنيه لدعم الإسكان «محدودى الدخل والإسكان الاجتماعى» بمعدل نمو سنوى 31.5% ونحو 31 مليار جنيه لمعاش الضمان الاجتماعى بمعدل نمو سنوى 25%، ونحو 202 مليار جنيه مساهمة وزارة المالية لصناديق المعاشات الاجتماعية فى إطار اتفاق فض التشابك، بمعدل زيادة سنوية 6%؛ بما يضمن توفير السيولة المالية اللازمة لخدمة أصحاب المعاشات والمستحقين و8 مليارات جنيه لعلاج المواطنين على نفقة الدولة بمعدل نمو سنوى 14.3%، وهناك أيضاً موازنة دعم بدء المرحلة الثانية لتنمية الريف، وتحسين معيشة 60% من المصريين ممن يعيشون به، وزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، والتوسع فى البرامج الفعَّالة بهذين القطاعين الحيويين، من أجل الاستمرار فى التنمية البشرية. هل هناك زيادة فى مخصصات الصحة والتعليم؟ - تم تحقيق النسب الدستورية المخصصة للإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى بالموازنة العامة للدولة، وبالفعل هناك زيادة مخصصات للتعليم الجامعى وقبل الجامعى والبحث العلمى بموازنة العام المالى المقبل بمبلغ 48.6 مليار جنيه لتصل إلى 305.3 مليار جنيه بمعدل نمو 19%، وزيادة مخصصات قطاع الصحة لتصل إلى 111.2% مليار جنيه بمعدل نمو 14%، إضافة أيضاً إلى زيادة المخصصات المالية للقائمين على تقديم الخدمات التعليمية والصحية، ضمن حزمة تحسين الأجور ورفع حافز الأداء للمعلمين بالتربية والتعليم والأزهر الشريف بمبلغ 300 جنيه شهرياً، وزيادة حافز الجودة لأعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالجامعات والمراكز البحثية بمبلغ 300 جنيه شهرياً، وكذلك هناك زيادة بدل المخاطر للمهن الطبية بفئات مالية تتراوح بين 400 و475 جنيهاً للأطباء وهيئة التمريض مع مضاعفة فئات نوبتجيات السهر والمبيت وحافز الطوارئ، بما يضمن تقديم الخدمات التعليمية والصحية بصورة متميزة. لكن بشكل عام.. كيف ترى الظروف الاقتصادية وآثارها على الموازنة؟ - العالم يمر منذ فترة بأوضاع اقتصادية غير مسبوقة، حتى إن هناك استمراراً للآثار على المدى الطويل، فليست أزمة قصيرة وتنتهى، وهناك تحديات كبيرة، فعلى سبيل المثال: الفائدة الخارجية على الدولار كانت تتراوح بين 0 إلى ربع% فى السابق، ولكنها وصلت حالياً إلى 5% بعد زيادة أسعار الفائدة من قبل البنك الفيدرالى الأمريكى 9 مرات متتالية، ما أثر بشكل كبير، وهناك ارتفاع فى أسعار السلع والطاقة، كما أن الحرب الروسية الأوكرانية كان لها مردود سيئ أدى إلى توقف خطوط وسلاسل إمداد الغذاء فى العالم، فمصر كانت تشترى طن القمح بحوالى 220 دولاراً للطن، ووصل بعد الحرب إلى ما بين 500 دولار، وحالياً أصبح ما بين 300 إلى 350 دولاراً للطن مع تراجع خلال الفترة الماضية ما يعنى زيادة كبيرة فى سعر القمح، وزيادة سعر برميل النفط كان 60 دولاراً قبل الأزمة، ووصل إلى 120 دولاراً، واليوم يتراوح بين 70 إلى 80 دولاراً مع وجود حالة من عدم استقرار الأسعار، ما يعنى زيادة كبيرة فى أسعار الطاقة بكل أشكالها، إضافة إلى الارتفاع غير المسبوق فى السلع الغذائية، وهو ما يحمّل الاقتصاد والموازنة أعباء كبيرة. الأزمة الاقتصادية لا شك أن الآثار الاقتصادية موجودة، إلا أن الدولة كان لديها إصرار على زيادة الاستثمارات العامة لاستمرار المشروعات وفرص العمل، لذلك وصلت الاستثمارات العامة فى العام المالى 2023/2024 إلى 512 مليار جنيه، وهذا أمر جيد للغاية بعدما كانت 376 مليار جنيه فى موازنة العام الحالى، وهذه الاستثمارات هامة للغاية لأنها تخص التطوير مما يلقى بظلاله على زيادة معدل النمو الاقتصادى وتترك آثاراً كلية ومهمة على الاقتصاد.