فى تمام الرابعة والنصف من مساء أمس، تمركزت سيارتان مصفحتان فى ميدان طلعت حرب، وظهرت مجموعة شبابية فى مسيرة، سرعان ما ألقت قوات الأمن القبض على عناصرها، وتحفظت عليهم حتى وصول عربة الترحيلات، وفور وصولها دفع رجال الأمن الشباب داخل السيارة، على مرأى ومسمع من المواطنين، الذين تجمعوا لمشاهدة ما يحدث، ولم يمر وقت طويل حتى سقطت شيماء الصباغ، عضو حزب التحالف الشعبى، غارقة فى دمائها، بالقرب من الميدان. «الوطن» استمعت إلى شهود العيان الذين شهدوا الواقعة: «اتقبض على زمايلها الاتنين، واتسابت مرمية فى مكانها».. هكذا بدأ عادل المليجى، أمين تنظيم حزب التحالف الشعبى، شهادته عن أحداث أمس فى ميدان طلعت حرب، التى بدأت باحتفالية بسيطة لوضع إكليل من الزهور على النصب التذكارى لشهداء ثورة يناير فى ميدان التحرير. وأوضح «مليجى» أن مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس الحزب، حاول الحصول على تصريح بالوقفة من مأمور قسم قصر النيل، هانى جرجس، لكنه لم يتلقَّ رداً على مطلبه، لذلك قرر أعضاء الحزب تنظيم وقفة سلمية صغيرة العدد، توجه فيها أعضاء الحزب من شارع هدى شعراوى حتى وصلوا إلى ميدان طلعت حرب، وتحركوا بخطى منظمة، على حد قوله، والتزموا الرصيف أمام مقر مكتب الخطوط الجوية الفرنسية فى ميدان طلعت حرب. وتابع «مليجى»: «توجه طلعت فهمى، أمين عام الحزب، إلى قائد القوة الأمنية الموجودة فى ميدان طلعت حرب، وأستأذن فى تحرك خمسة فقط من زملائه لوضع إكليل من الزهور فى ميدان التحرير، تكريماً لشهداء يناير، وما لبث طلعت فهمى أن استدار بظهره، حتى سمع الجميع طلقتى خرطوش تم إطلاقهما فى الهواء، فضلاً عن القنابل المسيلة للدموع». وأكد «مليجى» أنه تم استهداف شيماء الصباغ بقصد، لأنها كانت تهتف بصوت عالٍ: «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، كما كانت تحمل إكليل الزهور، موضحاً أنها تركت ابنها الوحيد، وعمره ست سنوات، ورحلت. نفس الكلام ردده أيمن أبوالعلا، شاهد عيان، عضو حزب التحالف الشعبى، قال إن قرارات الحزب كانت واضحة، بعدم الهتاف بأى شعارات مناهضة للنظام، وقال: «شيماء ماتت وهى ماسكة ورد، مش شماريخ وألعاب نارية». وقال إن الصور التى التقطتها العدسات شديدة الوضوح، وتحكى القصة بالكامل، وأكد أن الذى حاول حملها أولاً بعد إصابتها هو مصطفى عبدالعال، وجرى بها لمسافة قصيرة، قبل أن يأخذها عنه سيد أبوالعلا، ويجرى بها حتى مقهى زهرة البستان، حتى فاجأتهما قوات الأمن وألقت القبض عليهما وعلى صاحب المقهى، وتركوا «شيماء» وحدها تنزف. وأكمل «أيمن»: «مش قادر أصدق إن كل ده حصل عشان إكليل زهور وشوية لافتات وهتاف»، وقال إنه تلقى خبراً من أحد زملائه فى الحزب بأن «شيماء» موجودة فى مستشفى الكلى بشارع كريم الدولة، ويجب نقلها بسرعة إلى مستشفى معهد ناصر، وأوضح أنه لم يتمكن من نقلها حيث عرف أنها ماتت قبل وصولها إلى مستشفى الكلى.