أيقونات «الراهبات».. الفن القبطي يوثق خصالهن «حشمة وطهارة وبهجة»

احتفت الكنيسة القبطية بقديساتها على مر العصور، فرسمن صورهن على جدران الكنائس، ليتبارك بالأيقونات كل من ذهب طالباً للبركة، وعلى كثرة الأيقونات يلتزم الفنان القبطى بقواعد معينة عند رسم الراهبة تختلف عن بقية القديسين والقديسات، وعلى رأسهن القديسة دميانة التى تظهر كأميرة وسط 40 فتاة.
الفنان فيكتور فاخورى رسام أيقونات قبطية، يقول إن هناك قواعد عامة عند كتابة أيقونات الراهبات والقديسات فى الفن القبطى، فمثلا يجب أن يكون شعرها مغطى وبملابس محتشمة، مع رسم هالة من النور حول رأسها فى إشارة لأنها قديسة، مع عدم الالتزام بلون معين فى الملابس.
وأشار الفنان القبطى إلى أن أقدم نموذج لرسم راهبة كان فى أيقونة القديسة دميانة، التى وضعت نظاماً للفتيات فى قصرها، وبالتالى لا نستطيع رسم القديسة دميانة دون رسم الأربعين عذراء معها.
ماركو الأمين باحث الأيقونوجرافى القبطى بالمنيا، قال إنه لأسباب تاريخية من تضييق وتدمير وحرق اختفت صناعة الأيقونات من القرن الثالث عشر حتى مطلع القرن الثامن عشر، وهو القرن الذى ازدهرت فيه صناعة الأيقونات فى الشرق وخاصة بمصر، موضحاً أنه رغم تعدد الأيقونات للشهيدة دميانة لكن الأقدم تعود لعام 1739 وهى أيقونة من كتابة الفنان إبراهيم الناسخ.
وصور «الناسخ» دميانة فى شكل فتاة متوّجة، وذلك مستوحى من سيرتها حيث إن والدها كان والياً ومن رجال الحكم، فألبسها حلة بهية مع التاج، واستوحى إبراهيم الطراز المعمارى فى الأيقونة من سيرة دميانة والعمارة ذات القباب مشيراً إلى القصر الذى بناه والدها مرقس لها لتترهب فيه، بحسب «الأمين».
ويقسم إبراهيم أيقونته إلى قسمين قسم تقف فيه دميانة ممسكة بالصليب ناظرة لصديقاتها الأربعين، والقسم الآخر رسم فيه إبراهيم أربعين فتاة كلهن ينظرن نحو دميانة، ليبرز بذلك المشهد حياة رهبنة دميانة التى قدمت نفسها كمثال لتشرح للأربعين فضائل الحياة المسيحية والأربعون ينظرن إليها كمثالهن ومعلمتهن.
باحث: أيقونات «دميانة» حرصت على إبراز دورها فى تأسيس الفكر الرهبانى النسائى
ولفت الباحث إلى أنه بالرغم من أنه لا يوجد على الإطلاق أى أيقونة أو رسم جدارى معلوم لدينا قبل محاولة «الناسخ»، وهو أول من قدم تصميماً لأيقونتها، إلا أن الفنانين اللاحقين لم يتبعوا تصميمه، وتنوعت التصميمات لأيقونات أميرة الشهيدات ولكن بقى إبراز دورها كأم للفتيات واضحاً فى كل أيقوناتها.
وفى مايو من كل عام يتوافد الآلاف من المسيحيين والمسلمين إلى دير القديسة دميانة أقدم الأديرة النسائية فى العالم، للاحتفال بعيدها، وتبدأ طقوس الاحتفالات اليومية فى الساعة السادسة مساءً، بعمل زفة الأيقونة للقديسة دميانة يتقدمها رئيس الدير، وعدد من الكهنة بحمل أيقونة الست دميانة والطواف حول الدير ومنطقة السوق وبين الخيام للتبخير مع الترانيم ورش مياه البركة على حضور الاحتفال، وتستمر الزفة لمدة ساعة ونصف، ويتجمع الآلاف من الأقباط حول الأيقونة ويسيرون مع الزفة مرددين الترانيم الكنسية وتمجيدات للست دميانة.