نحو الشرق، اتجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى 3 زيارات خارجية اكتسبت أهميتها من الظروف الدقيقة التى يمر بها العالم، فى ظل أزمة اقتصادية خانقة من رحم الأزمة الروسية الأوكرانية، فضلاً عن كونها زيارات تكتب تاريخاً جديداً فى علاقات مصر بدول ذات تأثير دولى، وتمثل تجديداً للعلاقات الخارجية المصرية، وتثبت قدم مصر فى إقليم يموج بالتفاعلات. الدبلوماسية الرئاسية وجهود مؤسسات الدولة المصرية، وفى القلب منها وزارة الخارجية والأزهر الشريف، كان لها بالغ الأثر فى إثراء تلك الزيارات والتمهيد لها وخلق أرضية لفرض مزيد من الوجود المصرى فى النطاق الآسيوى، والتنسيق المشترك مع الدول الثلاث «الهندوأذربيجانوأرمينيا»، لاسيما مع توافق الرؤى فى كثير من القضايا الإقليمية والدولية بين الدول الثلاث، وضرورة إيجاد مساحة تحرك كبيرة لمصر فى منطقة الكومنولث وآسيا الوسطى، بما يحقق للقاهرة مكاسب سياسية ودولية كبرى وأخرى اقتصادية متعلقة بجذب مزيد من الاستثمارات إلى مصر. قمة «مصرية - أذربيجانية».. تتصدرها «مكافحة الإرهاب ودعم التنمية والأزمة العالمية» أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال مؤتمر صحفى، اليوم، مع رئيس أذربيجان إلهام علييف، عن سعادته بوجوده فى العاصمة باكو وأن يكون أول رئيس لمصر يزور أذربيجان، وذلك منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين التى مر عليها 30 عاماً خلال العام الماضى 2022. وقال الرئيس: يطيب لى أن أعرب عن إعجابى الشديد بالتقدم الحضارى والعمرانى للعاصمة باكو، الذى يعكس مدى الجدية والجهد الذى بذلته الحكومة والشعب الأذرى الصديق لتحقيق هذه الصورة المشرفة لعاصمة متحضرة ومتطورة، وأتمنى لبلدكم الصديق مزيداً من التطور والرخاء. وقبل المؤتمر الصحفى شهد قصر «زوجلوب» الرئاسى فى العاصمة الأذرية باكو قمة «مصرية - أذربيجانية» بين الرئيس «السيسى» والرئيس الأذرى فى ثانى أيام زيارته لأذربيجان، وأقيمت للرئيس مراسم استقبال رسمى، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف. «السيسى»: العلاقات التاريخية بين مصر وأذربيجان رسمياً وشعبياً تمثل قاعدة راسخة لتطوير التعاون الثنائي وأوضح الرئيس أن المباحثات أكدت أهمية تنشيط التبادل التجارى بين البلدين ليرتقى إلى مستوى العلاقات السياسية المشتركة، ويتسق مع ما يتمتع به البلدان من إمكانات واعدة للتصنيع والتصدير، وهو الأمر الذى سيكون محل بحث معمق من الجانبين خلال أعمال الدورة السادسة للجنة المشتركة المقرر عقدها فى القاهرة العام القادم 2024. الرئيس فى أرمينيا.. غداً قال السفير بسام راضى، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن زيارة الرئيس لأرمينيا الصديقة هى الأولى من نوعها لرئيس مصرى تأتى فى ظل العلاقات التاريخية المتميزة بين البلدين والشعبين الصديقين، والتى لا تقتصر فقط على الشق الرسمى وكون مصر أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع أرمينيا عقب استقلالها، وإنما تتعدى ذلك لتشمل العلاقات الشعبية الوطيدة واستضافة مصر لجالية أرمينية كبيرة ساهمت من جانبها بدور مهم فى تاريخ مصر على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية. وأوضح «راضى» أن الرئيس سيلتقى غداً فى أرمينيا بكلٍ من نيكول باشينيان رئيس وزراء جمهورية أرمينيا، وفاهاجن خاتشاتوريان رئيس الجمهورية، ومن المنتظر أن يتم تبادل الرؤى بشأن سبل تعظيم العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين على شتى الأصعدة وفى كافة القطاعات، خاصةً التجارية والاستثمارية، فضلاً عن التباحث بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. أول رئيس مصرى يزور «باكو» عبر الرئيس «السيسى» عن خالص التقدير للرئيس «علييف» على دعوته لزيارة أذربيجان، مشيداً بمتانة العلاقات الممتدة بين مصر وأذربيجان ومدى تميزها، والتى ظهرت بشكل خاص خلال الزيارة الحالية، خاصة أن الرئيس السيسى أول رئيس مصرى يزور أذربيجان، وما يحمله ذلك من رغبة وإرادة صادقة لتعزيز وتطوير العلاقات المصرية - الأذرية واستكشاف أوجه التعاون فى شتى المجالات، إلى جانب استمرار التنسيق والتشاور السياسى بين البلدين. «علييف» يشيد بالمقاربة الشاملة التى اتبعتها مصر فى الحرب على الإرهاب وأكد «راضى» أن المباحثات تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، وأشاد الرئيس «علييف» بالمسار الإصلاحى الاقتصادى فى مصر، الذى كان مؤداه التحسن الملحوظ والمستمر فى مؤشرات الاقتصاد المصرى. كما أكد الجانبان أهمية البناء على عمق العلاقات التاريخية الودية الطيبة بين مصر وأذربيجان على المستويين الرسمى والشعبى، وما تمثله من قاعدة راسخة لتطوير التعاون فى المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق نقلة نوعية فى مستوى التعاون بين الجانبين، ويعمل على توطيد أطر التعاون الثنائى والحوار السياسى لتحقيق المصلحة المشتركة للجانبين، والبناء على ما تم تدشينه من تقارب بين البلدين خلال السنوات الماضية. تداعيات الأزمة الروسية- الأوكرانية وجهود مكافحة الإرهاب تطرق اللقاء إلى مناقشة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على المستوى الدولى، بالإضافة إلى تبادل الرؤى بشأن مستجدات القضية الفلسطينية. وتم خلال المباحثات مناقشة جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، فى ضوء ما تمثله هذه الظاهرة من تهديد حقيقى على مساعى تحقيق التنمية فى المنطقة والعالم. وأكد الرئيس السيسى ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولى لحصار هذه الآفة على كافة المستويات، سواء فيما يتعلق بتمويل الجماعات الإرهابية وتزويدها بالسلاح والعناصر الإرهابية، فى حين أشاد الرئيس «علييف» بالمقاربة الشاملة التى اتبعتها مصر فى الحرب على الإرهاب من خلال علاج جذور المشكلة عبر دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفكر المتطرف الذى يؤدى إلى الإرهاب. وأضاف أن الرئيسين شهدا التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم المشتركة بين الجهات الحكومية المعنية فى البلدين للتعاون فى مجالات الثقافة، والموارد المائية، وبين وزارة التجارة والصناعة المصرية ووزارة الاقتصاد الأذرية. أوجه التعاون الاقتصادى والتبادل التجارى تم استعراض تميز مصر فى عدد من القطاعات الصناعية الواعدة التى تمثل أهمية كبرى للجانب الأذرى والتى يمكن العمل على تنمية التعاون فيها، مثل قطاع الصناعات الدوائية الذى تمتلك فيه مصر قدرة إنتاجية وتصديرية تنافسية، ومن ثم ضرورة إيلاء التعاون بين مصر وأذربيجان فى هذا المجال اهتماماً خاصاً. وقال الرئيس السيسى: استعرضت من جانبى الطفرة الكبرى التى تشهدها مصر فى مجال البنية التحتية وقطاع التشييد والبناء والخبرة التى حازتها الشركات المصرية فى هذه المجالات على مدار السنوات التسع الماضية، مع تأكيد استعدادنا للتعاون مع الجانب الأذرى فى هذه المجالات لنقل الخبرات وتنفيذ المشروعات المشتركة فى أذربيجان للمساهمة فى النقلة الحضارية المتميزة التى تشهدها. كما تم خلال المباحثات استعراض الجهود التى تبذلها مصر لتذليل العقبات أمام المستثمرين الأجانب، والمشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها للنهوض بالاقتصاد الوطنى، خاصة المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وما توفره من مزايا للمستثمر الأجنبى ونفاذ لمنتجاته إلى عدد كبير من أسواق الدول المجاورة العربية والأفريقية عن طريق الاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية المبرمة بين مصر وهذه الدول. كما رحب الرئيس باستئناف تسيير رحلات الطيران بين باكو وشرم الشيخ، وإمكانية النظر فى تدشين خط طيران مباشر بين القاهرة وباكو، الأمر الذى من شأنه أن يسهم فى تعزيز التعاون والتبادل السياحى والثقافى والاقتصادى بين البلدين. كرم الضيافة أكد الرئيس السيسى امتنانه لكرم الضيافة الذى لمسه خلال زيارته إلى أذربيجان، وقال: «لا يسعنى إلا أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير للرئيس إلهام علييف على حسن الاستقبال وكرم الضيافة منذ أن وطئت أقدامنا أرض بلدكم الصديق، حيث تم عقد المباحثات بيننا فى مناخ ودى سادته روح التفاهم والتعاون، وحرصت على تأكيد اهتمام مصر باستمرار تعزيز العلاقات الثنائية». تعزيز التبادل التجارى والشراكة الاقتصادية شدد الرئيسان «السيسى» و«علييف» على أهمية تعزيز التبادل التجارى، وتوطيد الشراكات الاقتصادية بين القطاع الخاص فى البلدين، من خلال تشكيل مجلس مشترك لرجال الأعمال، وتطرقت المناقشات إلى تعزيز التعاون بين الجانبين، خاصةً فى مجال الطاقة سواء الجديدة والمتجددة أو الغاز الطبيعى، فى ضوء سعى مصر للتحول إلى مركز إقليمى للطاقة، علاوةً على التعاون فى مجالات أخرى كالإنشاءات والبنية التحتية، والنقل، والصناعات الدوائية، والسياحة والثقافة. وتوافقت وجهات نظر البلدين على أهمية دعم جهود التسوية السياسية فى سوريا، ومواصلة العمل على إعادة إعمار البلاد، والقضاء على الجماعات الإرهابية، ودعم مؤسسات الدولة، بما يحافظ على وحدة الأراضى السورية. أما على صعيد مستجدات الأوضاع الليبية، فقد استعرض «السيسى» رؤية مصر للتسوية فى ليبيا وجهودها من أجل دعم المسارات السياسية والدستورية والاقتصادية. توافق الرؤى فى قضايا دولية: الحوار وصوت الحكمة قال الرئيس السيسى، خلال المؤتمر الصحفى مع رئيس أذربيجان: تم خلال مباحثاتى مع الرئيس إلهام علييف التطرق إلى عدد من القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، سواء فى منطقة الشرق الأوسط أو جنوب القوقاز، حيث تم تأكيد أهمية الحوار والتفاوض وتغليب صوت العقل والحكمة، أخذاً فى الاعتبار أن القوة العسكرية وحدها لم تكن أبداً كافية لتحقيق السلام الدائم والشامل والعادل، وأنه لا بد من التفاوض لاستكمال مسار السلام. وتحقيق واقع أفضل وحياة كريمة للشعوب، لاسيما فى المرحلة الراهنة التى تتكبد فيها الشعوب معاناة مضاعفة على الصعيد الاقتصادى؛ إذ إنه لم يكد العالم يستفيق من أزمة جائحة كورونا، حتى خيمت الأزمة الروسية الأوكرانية، وما تبعها من تداعيات اقتصادية، على مختلف القطاعات الحيوية فى العالم، سواء الأمن الغذائى، والطاقة، فضلاً عن حركة الملاحة البحرية والقطاعات المصرفية، وكذا قطاع السياحة. عزاء واجب حرص الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى مستهل مباحثاته مع رئيس أذربيجان، على تقديم التعازى والمواساة نيابة عن الشعب المصرى فى ضحايا حادث إطلاق النار على السفارة الأذرية فى طهران، متمنياً الشفاء العاجل للمصابين، وأعرب عن التضامن مع أذربيجان فى هذا الحادث، واتفق الرئيسان على ضرورة تعظيم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.
