تفاصيل حركة الصادرات والورادات بميناء دمياط البحري في 24 ساعة    مدير "بحوث أمراض النباتات" يتفقد محطة الجميزة بالغربية    وزير الإسكان ومحافظ بورسعيد يبحثان مقترحات تنفيذ مشروعات سكنية لأهالي المحافظة    محافظ بني سويف يعلن بدء المرحلة الثانية من الموجة 23 لإزالة التعديات على أراضي الدولة    «الغرف السياحية»: مهرجان العلمين حقق نجاحا كبيرا على جميع المستويات    حضور أمير قطر ووالده الأبرز.. مشاهد من تشييع جثمان إسماعيل هنية في الدوحة (صور)    الاحتلال الإسرائيلي يجدد غاراته على عدة بلدات جنوب لبنان    محافظ بيت لحم: هجمات إسرائيل على الضفة الغربية هدفها تهجير الفلسطينيين قسريا    أخبار الأهلي : قناة مفتوحة "وحيدة" تنقل مباراة مصر وباراجواي    أول تعليق من شروق فؤاد بعد رحيلها عن الأهلي وانتقالها إلى الزمالك    ثنائي مغربي.. يلا كورة يكشف تحركات الأهلي لدعم مركز الظهير الأيسر في انتقالات الصيف    ضبط المتهمين بالتعدي على مالك شركة لمستحضرات التجميل وسرقته لوجود خلافات مالية بينهم    كواليس ظهور العوضي وياسمين عبدالعزيز في جنازة المنتجين الثلاثة | فيديو وصور    محافظ أسيوط يشهد تسليم شحنة مستلزمات طبية كدعم للمستشفيات    أبرزهم أحمد السقا.. نجوم الفن يتوافدون على جنازة المنتج تامر فتحي    تنبيه هام من البترول بشأن بدء تفعيل آلية QR Code لتلقى الشكاوى إلكترونياً    زراعة 250 شتلة متنوعة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة لمواجهة التغيرات المناخية بالأقصر    مدرب سلاح الشيش: لم نوفق في منافسات الفردي وهدفنا ميدالية في الفرق    مميزات معهد فني صحي لطلاب الدبلومات الفنية 2024 والمناهج التعليمية (تفاصيل)    تعليم القاهرة تستعد لاستقبال امتحانات الدور الثانى للدبلومات الفنية غدا    «عاشور»: البحث العلمي والابتكار ركيزة أساسية للتنمية المستدامة في مصر    لما جبريل: حفل نجوم التسعينات من أجمد حفلات مهرجان العلمين واستمر 6 ساعات    بشرى في سهرة خاصة من العلمين مع إيمان الحصري في "حد النجوم" على dmc    وزير الثقافة يهنئ فريق عمل "فريدة" على حصد جائزتي الإخراج والتمثيل    اعتماد تراكمي بكالوريوس اقتصاد منزلي المنوفية بنسبة نجاح 80,61%    التعليم تبحث مع مديريات مدن القناة مواجهة الكثافة الطلابية (صور)    ضبط 3 أطنان لحوم ودواجن وأسماك فاسدة وتحرير 22 محضرًا بالمنوفية    أحكام الأسبوع الماضي| إحالة أوراق المتهم بقتل زوجته للمفتي.. الأبرز    جامعة عين شمس راعي بلاتيني بمعرض أخبار اليوم للتعليم العالي| صور    محافظ البحر الأحمر: الاقتصاد الأزرق أحد السبل لمواجهة التغيرات المناخية    «بيسكوف»: روسيا منفتحة على المفاوضات بشأن أوكرانيا    الصحف الأوروبية صباح اليوم.. لاجازيتا: أستون فيلا يضم لوكاكو من تشيلسي وميرور: أرسنال قريب من نجم إسبانيا    مِنْ أَسْبَابِ الرِّزْقِ الخَفِيَّةِ 2 "التقوى".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    ترامب يشكك في أصول هاريس مع تقدّمها في استطلاعات الرأي    فحص 1714 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» ببني سويف    يعزز مناعتك الأبرز.. 7 فوائد مذهلة عند تناول العنب    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الاحتكار من أنواع أكل أموال الناس بالباطل    بتوجيهات القيادة السياسية.. 3 وزراء يبحثون أسعار المحاصيل الاستراتيجية واستلامها من المزارعين    وزير الخارجية يبحث مع نظيره السعودي التصعيد الإقليمي الخطير نتيجة السياسات الإسرائيلية المتطرفة    دعاء يوم الجمعة.. مستجاب    التعاون الإسلامي تدعو لتحقيق دولي في الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين    ضبط عصابة سرقة العلامات الارشادية بطريق الضبعة    ب"جلباب صعيدي وشال فلسطين"..ويجز يشعل حفل مهرجان صيف بنغازي بأغانيه (صور)    حركة تنقلات الجيزة.. من هم مديرو الإدارات النوعية الجدد؟ (أسماء ومناصب)    اليونان تستعد بعد تحذيرات بضرب أهداف إسرائيلية في البلاد    حريق في مصنع منظفات بالمنطقة الصناعية بغرب جرجا (صور)    باريس 2024| مصر تواجه باراجواي في ربع النهائي لمواصلة مشوار الحلم الأولمبي    «مجوش يعزوني».. مرتضى منصور يهاجم مدرب الزمالك وعبد الواحد السيد    " تصنيع الدواء": زيادة 30% في سعر أدوية الأمراض المزمنة الفترة المقبلة    أمين الفتوى: "أنتى هتبقى مراتي" تجر إلى الحرام بين المخطوبين    دعاء الاستغفار والتوبة.. ردده كثيرا لمحو الذنوب    الأوقاف تفتتح 17 مسجدًا جديدا اليوم الجمعة    محمد فؤاد يبكى فى حفل مهرجان العلمين الجديدة والجمهور: بنحبك    بوسي تعلق على تصدرها للترند بأغنية «دنيا جديدة» وتوجه نصيحة للفتيات    رئيس الزمالك السابق: مجلس إدارة القلعة البيضاء الحالي يضم كوادر إدارية مميزة.. وقادرون على النجاح    بالاسم فقط.. نتيجة الثانوية العامة 2024 علمي وأدبي وخطوة لتحويلها لنسبة مئوية    «وداعا للأنسولين».. بشرى سارة لمرضى السكري وبدون آثار جانبية (فيديو)    حظك اليوم برج الأسد الجمعة 2-8-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تواصل نشر الدراسة البريطانية: «شبه الجزيرة الثائرة» أصبحت أرضاً بلا صاحب (2-2)
بعض زعماء البدو طالبوا دولاً أوروبية بدعم قيام «دولة بدوية» فى سيناء
نشر في الوطن يوم 18 - 10 - 2012

فى الجزء الثانى من الدراسة التى أعدها نيكولاس بيلهام، مدير الأبحاث بمركز TIDA للدراسات فى قطاع غزة، والتى صدرت عن المعهد الملكى للشئون الدولية «تشاتم هاوس» والمعنونة ب«سيناء.. حائط الصد الذى يتآكل».
يركز بيلهام على ما وصفه بانتفاضة البدو ضد «القاهرة» إلى الحد الذى طالب فيه بعضهم بالانفصال عن مصر وإقامة «دولة بدوية» مستقلة، ويرصد أسباب تصاعد تنامى نفوذ حماس، وتنافس كل من زعماء الحركة وإسرائيل على شراء ولاء البدو.. ويختتم الباحث دراسته القيمة بتسليط الضوء على خيارات إسرائيل التى تخشى من تحول سيناء لساحة حرب بالوكالة يقودها الجهاديون من كل دول العالم ضدها.
المجلس العسكري:
فى إطار محاولاته لإعادة السيطرة على تمرد البدو، حاول المجلس العسكرى إحكام قبضته على الحدود مع غزة، وهدد أحيانا بإعادة فرض الحصار عليها، وفى أوائل عام 2012 فرضت السلطات المصرية قيودا شديدة على إمدادات الوقود إلى غزة، مما أدى إلى نقص حاد فى البنزين وإغلاق مؤقت لمحطة توليد الكهرباء فى غزة، وسبق ذلك فى أكتوبر 2011 تأكيد المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى أن الجيش استعاد «كامل سيطرته على شبه جزيرة سيناء»، لكن استمرار الاختراقات الأمنية قوض مصداقية هذه الادعاءات، وعلى عكس محافظات مصر الأخرى لم تستطع الشرطة أن تعود إلى شوارع سيناء، كما أن التصعيد العسكرى أثار مشاعر البدو مرة أخرى، وفى هذه المواجهات ثبت على وجه اليقين أن القوات غير مؤهلة تماما من حيث التدريب والمعدات للقيام بمهام الشرطة فى شبه الجزيرة الثائرة، فتجار الأنفاق كانوا يتجاوزون نقاط التفتيش دون أى عائق، وحسب المصادر الإسرائيلية فإن المناوشات مع المهربين المسلحين كانت مستمرة يوميا، فضلا عن اختطاف 17 من أفراد شرطة الحدود فى 9 فبراير 2012.
فاتورة الاقتصاد:
ودفع الاقتصاد فاتورة الاضطرابات، فوفقا للأرقام الرسمية الصادرة فى يناير عام 2012 انخفضت عائدات السياحة من 12.5 مليار دولار فى عام 2010 (أى ما يعادل 11.5% من الناتج المحلى الإجمالى) إلى 8.8 مليار دولار فى عام 2011، لكن تدفق اللاجئين الليبيين وأهالى غزة على سيناء أنقذ الموقف، ولولاهم لوصل انخفاض السياحة إلى 45%، خصوصا فى جنوب سيناء التى تحتضن ثلث فنادق مصر. وتراجعت بشدة عوائد مصر من تصدير الغاز لإسرائيل والأردن، بسبب الهجمات المتكررة على خط أنابيب الغاز عبر سيناء، وهبطت بشدة أيضاً صادرات الكويز فى سبتمبر 2011، بعد أن عطل قناصة البدو -مؤقتا- دخول الواردات الإسرائيلية عبر قناة السويس، التى قيل إن الأمن أحبط هجوما إرهابيا عليها فى منتصف مارس الماضى. والضرر الذى لحق بعلاقات مصر الدولية لم يكن أقل خطورة، فاستخدام الصواريخ المضادة للطائرات خلال هجوم أغسطس 2011 على الحدود الإسرائيلية كان يعنى قدرة البدو عسكريا على تهديد الملاحة عبر قناة السويس ومضيق تيران، ووصل عجز الدولة فى سيناء إلى الحد الذى عرضت فيه الأردن التدخل لحماية خط أنابيب الغاز هناك، علاوة على ذلك فإن استهداف ما تبقى من علاقات إسرائيل مع مصر (وهى التجارة المرتبطة باتفاقية الكويز والسياحة وأنابيب الغاز) على أيدى الجماعات المسلحة، هدد بانزلاق مصر إلى جولة جديدة من القتال مع جارتها وزعزعة العلاقات مع حلفائها الغربيين.
محاولات مرسى:
بعد قرار الرئيس مرسى إقالة كبار العسكريين والقيادات الأمنية فى سيناء عقب مذبحة رفح 5 أغسطس الماضى، بدا أن الإخوان حسموا صراعهم مع العسكريين لصالحهم، أى لتغليب المؤسسات المدنية على الأمنية فى سيناء.
وفى مؤشر على الاهتمام الكبير بسيناء زار مرسى شمال سيناء مرتين، ليكون بذلك أول رئيس يفعل ذلك خلال 3 عقود، وفى محاولة لتشجيع التنمية أمر حكومته بتوجيه استثمارات إلى شبه الجزيرة المحرومة، ودفع بأسلحة ثقيلة إلى عمق سيناء لملء الفراغ الأمنى، لكنه فى نفس الوقت تجنب مواجهات مباشرة ومؤثرة مع المسلحين، متجاهلا بذلك نصائح المؤسسة الأمنية التى كانت راغبة فى الانتقام لمقتل الجنود المصريين، وأثبتت الأحداث أن التقارير الأولية التى أشارت إلى مقتل 20 مسلحا فى هجمات بالهليكوبتر على قرى سيناء مبالغ فيها، وكذلك التقارير عن حملة تدمير الأنفاق.
وفى أعقاب عملية التطهير، بدأ مرسى تعزيز سياسة الحوار مع الجماعات المسلحة فى سيناء، بالتنسيق الوثيق مع ممثلى الإخوان المسلمين فى شمال سيناء الذين كانوا يؤيدون التسوية السياسية وليس العسكرية للمشكلة، واستعان مرسى بأعضاء برلمان سلفيين تحت قيادة الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور ومستشار الرئيس لاحقا، للتوسط لدى بدو سيناء من أجل إلقاء السلاح فى مقابل مشاركتهم السياسية، وكان يمكن لهذه السياسة -إلى جانب محاولات إدماج أهالى سيناء اجتماعيا- أن تؤتى ثمارها لولا معارضة عدد من زعماء الجهاديين الذين لم يظهروا حماسا لمبادرات الرئيس.
مطالب الانفصال:
يصعب التكهن بنتائج انتفاضة سيناء، فالحكومة المركزية تحاول بعمليات أمنية متتالية استعادة سيطرتها على سيناء، فى الوقت الذى يمضى البدو فى انتخاب رؤساء قبائلهم بدلا من هؤلاء الذين فرضهم الأمن عليهم، ويسعون لاستعادة تقاليدهم وأعرافهم الخاصة، وإذا أفلحوا فسيشجعهم ذلك على مطالب الحكم الذاتى والانفصال، وهو ما عبر عنه أحد زعماء البدو بقوله: «سنقيم نظامنا الخاص فلدينا قانوننا الخاص، وسجوننا الخاصة، ولدينا أسلحة ثقيلة جاءت من السودان»، وفى كل يوم يتصاعد تحديهم للدولة إلى الحد الذى اضطر قوات حفظ السلام إلى استخدام الهليكوبتر بعد أن عجزت عن نقل مؤنها بالسيارات نتيجة الهجمات المستمرة عليها، بل إن بعض البدو طالبوا دولا أوروبية بدعم دولة بدوية فى سيناء وافتتاح قنصليات لها هناك. ولم ينتبه كثيرون فى الأيام الأولى لثورة 25 يناير إلى مطالبة بعض أهالى جنوب سيناء -الذين حضروا للمشاركة فى مظاهرات ميدان التحرير- ب«دولة بدوية مستقلة»، وأثبتت مذبحة رفح أن سيناء أصبحت أرضا بلا صاحب.
ومع استمرار الحرب فى سيناء ضعفت آمال مرسى فى التوصل إلى اتفاق مع البدو، مما اضطره إلى إرسال دباباته، لكن هذه المرة بموافقة إسرائيل، ومع لجوء مرسى إلى الحل العسكرى بدلا من السياسى تثور الشكوك.. هل ينجح فى أى منهما؟
حماس قنبلة على الحدود:
لم تكن سيناء على أجندة حماس حين صعدت إلى السلطة فى غزة، يناير 2006، لكنها سرعان ما اكتسبت أهمية متزايدة للحركة بعد أن تعاونت مصر والولايات المتحدة وإسرائيل فى حصار غزة وخنقها، فبدأ زعماء الحركة فى البحث عن منافذ تجارية ومالية وعسكرية بديلة، وزاد اهتمام حماس بسيناء كملاذ آمن بعد هروب نحو 350 من القوات الموالية لمحمد دحلان إلى العريش بعد سيطرة حماس العسكرية على القطاع فى يونيو 2007.
ومع صعود الإخوان المسلمين إلى السلطة زادت جاذبية سيناء لهم أكثر وأكثر، وتؤكد الدراسة أن العلاقات التجارية بين أهالى غزة قديمة وعميقة جدا، تدعمها صلات القربى بين المصريين، فثلث أهالى غزة من أصول بدوية، ومن هؤلاء خرج عدد كبير من قيادات حماس، ولعب مبارك - بتواطئه مع إسرائيل فى حصار «حماس فى غزة» - دورا كبيرا فى دفع حماس للتحالف مع بدو سيناء الساخطين على الحكومة المركزية، وترصد الدراسة 3 أسباب لصعود نفوذ حماس فى سيناء؛ أولها الاعتماد التدريجى للأهالى على التجارة «غير الرسمية» مع غزة التى أصبحت بحلول عام 2009 مصدر الدخل الرئيسى لبدو شمال سيناء، مما عزز «القوة الناعمة» لقادة حماس فى سيناء، والسبب الثانى انهيار النظام الأمنى مع سقوط مبارك، أما السبب الثالث فهو زيادة القدرات العسكرية لحماس، مما قوّى من نفوذها فى مصر، ولم يكن هناك ما هو أكثر دلالة على قوة حماس فى غزة من اختيار رجال أعمال فلسطينيين غسل أموالهم - التى حققوها بشكل غير مشروع من خلال بزنس الأنفاق - من خلال موجة من المضاربات على الأراضى داخل وحول العريش، مما أدى إلى ارتفاع كبير فى أسعارها، وتدل القرائن على أن أهالى غزة يسعون ليس فقط لإخفاء أموالهم فى سيناء بل أسلحتهم أيضاً حتى تكون «فى الحفظ والصون».
وفى سعيها لإقامة علاقة تجارية وسياسية جديدة مع مصر عقب الإطاحة بمبارك، عرضت حماس «مساعدات لوجستية» على القوات المصرية فى الجانب الجنوبى من الحدود المشتركة، وأكد مسئولون أمنيون فى حماس أنهم استخدموا مرارا وتكرارا نفوذهم على عشائر البدو لتهدئتهم، أى توسطوا لدى البدو حتى يخففوا من تمردهم ضد السلطات المصرية، والأكثر غرابة أن حماس اضطرت - فى انقلاب كبير فى الأدوار - لإغلاق حدود غزة لمنع تدفق السلفيين الجهاديين من مصر إليها فى فترات الاضطرابات الأخيرة.
والواقع أن صعود الإخوان عزز موقف حماس فى مصر حتى قبل تولى الرئيس مرسى مهام منصبه، ففى حين سعى المجلس العسكرى للحفاظ على العلاقة مع إسرائيل، فإنه لم يستطع تجاهل رغبات جماعة الإخوان التى تدعو لإدخال تعديلات على اتفاقيات كامب ديفيد، ومع تحقيق الإسلاميين نتائج مبهرة بدأ المجلس العسكرى فى أخذ تطلعات الإسلاميين فى الاعتبار، وسعوا مرارا لتهدئة التوتر مع حماس فى غزة، وسمحوا لقادة حماس بالتحرك دون عائق عبر الحدود المصرية، لأداء صلاة الجمعة فى المساجد الكبيرة ومنها الأزهر، وعقد اجتماع لمجلس الشورى فى القاهرة، وفتح مكتب لموسى أبومرزوق نائب زعيم حماس فى القاهرة، وفى فبراير 2012 وقعت هيئة البترول اتفاقية رسمية مع حماس بعيدا عن السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية تلتزم فيها بالوفاء بربط غزة بشبكة الكهرباء المصرية.
وكان لسياسات مرسى الراغبة فى دعم القضية الفلسطينية والمتعاطفة معها انعكاس هائل على حماس التى بات الطريق إلى قصر الرئاسة ومقرى المخابرات ووزارة الدفاع معبَّدا لدخولهم، مما مهد الطريق لتنسيق ثنائى أفضل.
خيارات إسرائيل الصعبة:
منذ نشأتها، تعاملت إسرائيل -التى خاضت 5 حروب مع مصر من 1948 وحتى 1973 فوق أرض سيناء وخسرت فيها 5000 من جنودها- مع سيناء كفناء خلفى لها، ومنطقة عازلة ضد أى محاولات من جانب مصر لتوسيع نفوذها شرقا باتجاهها، وهى المخاوف التى بدأت بتدخل مصر لإنقاذ فلسطين من الغزو اليهودى فى 1948.
وإسرائيل التى لم تكن أبدا راغبة فى الخروج من سيناء اضطرت إلى ذلك بعد حرب 1973، بعد أن أدركت أن ثمن احتفاظها بسيناء سيكون عاليا جدا، ووافقت على توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979.
وقدمت الاتفاقية مزايا هائلة لإسرائيل على مدار أكثر من 30 عاما، فقد تمكنت من تخفيض قواتها على الحدود المصرية وأعادت نشرها على حدودها الأخرى، وساعدها ذلك على خوض عدة حروب على جبهتها الشمالية، وهى آمنة من التهديدات المصرية إلى الحد الذى جعلها تسحب حرس حدودها بالكامل من الجبهة المصرية عام 2007!
لكن بمرور الوقت، خلق غياب القوات المسلحة فى سيناء فراغاً سارعت قوى محلية وإقليمية لملئه. وتفاقم الوضع مع انسحاب إسرائيل من غزة. وحاولت إسرائيل تأمين حدودها بطرق مختلفة منها نشر قواتها أحياناً على طول ممر فيلادلفيا وبناء جدران عازلة، لكن هذه الجهود أثبتت فشلها، وأمام إغلاق إسرائيل الحدود مع غزة خاصة، اتجه سكان القطاع لنقل طرق تجارتهم إلى سيناء، وأقام زعماء حماس علاقات تكافلية مع البدو، مما قوض نفوذ إسرائيل التاريخى على بدو سيناء وأهالى عزة.
ويوضح الكاتب أن البدو فى شمال سيناء ظلوا حانقين على إسرائيل بسبب تهجيرهم لإقامة مستوطنة «ياميت»، على عكس بدو جنوب سيناء الذين يذكرون الإسرائيليين بالخير لتوصيل المياه إلى قراهم وفتح المراكز الطبية أيام الاحتلال.
وكشفت تفجيرات 2004 و2006 للإسرائيليين أن شعور البدو بالولاء لهم ما زال قائما، فقد تجنبوا ضرب الأهداف الإسرائيلية، ومعضلة ساسة إسرائيل -التى أعلنها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو فى سبتمبر 2011 أن سيناء تشكل تهديدا أمنيا لدولته - أنهم غير قادرين على تحديد أفضل الخيارات: هل يتركون حدودهم الجنوبية فى يد جماعات مسلحة ومعادية لكنها متخلفة تكنولوجياً وعسكريا، أم تدعم إسرائيل الجيش المصرى لفرض سيطرته على سيناء، أم تتدخل عسكريا لفرض الأمن بنفسها مستغلة ضعف مصر بعد الثورة؟
الخيار الثالث يمثل الملاذ الأخير إلا أنه محفوف بالمخاطر لدولة تعانى بالفعل من عزلة متزايدة، وفى حالة دخولها سيناء ستفقد حليفتها مصر، وعلى الأرجح جدا الأردن وباقى العالم العربى، لكن عدم التدخل سيمكن حماس من بسط نفوذها على الجنوب، ولا يمانع بعض الإسرائيليين فى ذلك آملين فى أن يؤدى قطع العلاقات مع غزة وحصارها إلى أن يتوجه سكانها الذين يتزايدون بمعدلات مخيفة إلى التطلع إلى فضاء شمال سيناء والزحف عليه كحل لمشاكل القطاع السكانية على حساب مصر، لكن مرة أخرى ترك الحدود الجنوبية لحماس قد يشعل الجبهة الجنوبية ويؤدى إلى حرب استنزاف أخرى قاعدتها سيناء، وفى حالة أى رد عسكرى إسرائيلى ستنهار العلاقات مع مصر، وفى ظل هذا الوضع المضطرب يبقى خيار السماح للحكومة المصرية بإعادة تسليح قواتها فى سيناء «أقل الخيارات سوءا».
وبالفعل بعد هجوم جهاديين على حدودها فى 8 أغسطس 2011 الذى قتل فيه 8 جنود إسرائيليين أذنت إسرائيل لمصر بشن أكبر عملية عسكرية فى سيناء منذ حرب عام 1973 ضد المسلحين. لكن كثيراً من قادة إسرائيل لا يثقون فى قدرة القيادة المصرية أو استعدادها لخوض «حرب على الإرهاب» فى سيناء، فقد فشلت القوات المصرية فى تحقيق أى إنجاز يذكر فى مواجهة المسلحين حتى الآن.
الأمر الذى يجدد الجدل داخل إسرائيل بشأن خياراتها الثلاثة الصعبة مع مصر.. وحتى إذا تجنبت إسرائيل حرباً مباشرة مع مصر والتزمت بسياسة ضبط النفس، فقد تجد نفسها أمام كابوس آخر وهو تحول سيناء إلى ساحة حرب بالوكالة يقودها الجهاديون من كل دول العالم عليها.
سيناء التى لا نعرفها
سيناء (61000 كيلو متر مربع) ضعف حجم منطقة وادى النيل والدلتا فى مصر، وثلاثة أضعاف حجم إسرائيل و200 ضعف حجم غزة.
عدد سكانها نحو 400 ألف شخص، يتركزون على سواحلها وسهولها الشمالية.
تتكون سيناء من 20 قبيلة تتراوح أعداد أفرادها بين 500 و25 ألفاً.
يمثل ال300 ألف بدوى فى المحافظتين 70% من السكان.
العريش أكثر مدن سيناء ازدحاماً ب145 ألف نسمة.
يوجد نحو 165 ألفاً يعيشون حياة بدوية فى جبال جنوب سيناء.
رغم إهمالها فإن نسب البطالة والأمية أقل من المتوسط العام فى مصر خصوصاً فى جنوب سيناء صاحبة ثانى أعلى دخل فى محافظات مصر ال26 بفضل السياحة وإنتاج البترول فى أبورديس.
هناك تفاوت كبير فى الدخول بين البدو والنازحين من محافظات وادى النيل.
معدل المواليد 4 أضعاف المعدلات العامة فى مصر.
يوجد نحو 40 ألف فلسطينى فى 3 مدن بشمال سيناء (رفح والشيخ زويد والعريش) قرب الحدود مع غزة.
أخبار متعلقة:
دراسة بريطانية تحذر: سيناء قد تتحول إلى ساحة «حرب بالوكالة» «1-2»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.