لا حديث للمدينة أمس واليوم وغدا، إلا عن «مفيد فوزى»، هو الصحفي ومعد البرامج والمذيع والمحاور، اتفق معه الكثيرون واختلفوا، رآه البعض صاحب أسلوب متفرد فى الحوار، واعتبر البعض الآخر أسلوبه مستفزا، لكن الطرفين لم يقصرا فى إبداء الرأى بمنتهى الحرية فى وجوده، وكان هو من الذكاء بحيث لم يقف فى وجه من يعارضونه؛ فيرد عليهم أو يشتبك معهم. كأنه كان يعلم جيداً أن كل ذلك إلى زوال، وأن أعماله ستدافع عنه وقت أن يأتى اليوم، الذى يختفى فيه من على الساحة للأبد، تاركاً خلفه تاريخاً طويلاً من الإنجاز المهنى الذى لا يختلف عليه اثنان. «مفيد فوزى» الذى بدأ حياته محرراً صحفياً فى أواخر الخمسينات من القرن الماضى بمجلة «صباح الخير»، تدرج فى العمل المهنى بها إلى أن وصل لرئاسة تحريرها، محققاً على صفحاتها العديد من الخبطات الصحفية المتميزة، وإلى جوارها عرف الطريق للعمل كمعد برامج للإذاعة والتليفزيون، فقدم عدداً كبيراً من البرامج لكبار المذيعين وقتها، قبل أن ينتقل من خلف الكاميراً إلى مواجهتها، فيقدم برنامجه الأشهر «حديث المدينة»، والذى كان حديث المدينة بالفعل، بمادته المتجددة، والمستمدة من الشارع المصرى، بضجيجه وتناقضاته، وزحام مواطنيه وصخبهم. عرف «مفيد» على مدار مسيرته المهنية كيف يثير الجدل حوله، هو صاحب الاعتراف الشهير المنشور على غلاف مجلة «صباح الخير» لسعاد حسنى بأنها تزوجت عبدالحليم حافظ سراً، ووقع الطلاق بينهما لأسباب جوهرية، وهو الاعتراف الذى أقام الدنيا ولم يقعدها حتى اليوم. وهو نفسه الذى حاور عدداً كبيراً من النجوم الصاعدة واللامعة فى لقاءات تحفظها وتعرضها شبكة الإنترنت، وتحظى بمتابعة الملايين داخل مصر وخارجها، وهو أيضاً الصحفى الذى ظل يعمل لآخر يوم فى عمره سواء من خلال الكتابة فى عدد كبير من الصحف، أو الظهور فى البرامج التليفزيونية مقدماً أو ضيفاً، قبل أن ينتهى كل ذلك برحيله أمس عن عمر ناهز التاسعة والثمانين، طاوياً بذلك رحلة طويلة سيذكرها التاريخ جيداً.