اتهم الشيخ نبيل نعيم، زعيم تنظيم «الجهاد» السابق، الائتلافات السلفية التى تهاجم دعاة التوافق بين السنة والشيعة بالعمل على تنفيذ مخططات أمريكية لإشعال حرب المائة عام بين السنة والشيعة لصالح إسرائيل، بتمويل من الولاياتالمتحدةالأمريكية موجه إلى بعض الوسطاء، ومنهم قطر والمراكز الإسلامية فى أوروبا وأمريكا. وقال «نعيم» إن الولاياتالمتحدة هى سبب ثورة الشيعة فى البحرين، نتيجة لرفض أئمة الشيعة فى إيران لتلك الثورة التى اعتبروها تنفيذاً لمخطط أمريكى لإشعال حرب بين السعودية وإيران، كما حدث من قبل بين العراقوإيران. ■ بدايةً.. كيف تفسر الصراع «السنى الشيعى» فى المنطقة؟ - ما يسمى الصراع السنى الشيعى، هو محاولة أمريكية لتحويل الصراع العربى الإسرائيلى إلى صراع سنى شيعى، أو صراع طائفى داخل الدول العربية نفسها، وأمريكا نجحت فى ذلك مع بعض الدول مثل العراق وسوريا واليمن، بتدخل سافر منها فى مجريات الأمور هناك، فضلاً عن نجاحها فى نشر حالة من عدم الاستقرار فى ليبيا. وعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بثورة الشيعة فى البحرين التى تدخلت فيها قوات درع الجزيرة وقضت عليها، فقد التقيت بعدد من العلماء الإيرانيين وتحدثت معهم عن دعمهم لثورة البحرين، وما نتج عنها من كوارث، إلا أنهم تبرأوا منها، وأكدوا أنهم نصحوا شيعة البحرين بعدم الثورة، منعاً للاصطدام، لكنهم لم يستجيبوا لنصحهم، ما جعلنى أسألهم مرة أخرى «كيف ذلك وأنتم مراجعهم العلميون وأئمتهم الدينيون؟»، فردوا بأنهم ليسوا أئمتهم الدينيين، بل الأمريكان هم أئمتهم، ما يؤكد تورط أمريكا فى تلك الثورة، وكان الهدف منها أن تكون هناك مواجهة عسكرية بين السعودية وإيران، كما حدث فى السابق بين العراقوإيران، إلا أن وعى الجانب الإيرانى حمى المنطقة من حرب طائفية كبيرة. ■ وما خطورة هذا السيناريو؟ - فى عام 1982، قدم هنرى كسينجر وزير الخارجية الأمريكى الأسبق، مخططاً لما يسمى حرب المائة عام، وقال إنها ستقوم فى الشرق الأوسط، عندما يشعلون نيران الصراع بين السنة والشيعة، وعندها ستستمر الحرب مائة عام. ■ وما أدوات أمريكا لإشعال هذه الحرب؟ - أولى هذه الأدوات هى السلفية الوهابية، وهى سلفية حمقاء تخطو نحو هذا المخطط، كما توجد فى إيران فرقة تشبه السلفية الوهابية، وتتمثل فى الشيعة الشيرازية، وهم يتعبدون بسبّ الصحابة والسيدة عائشة، وهؤلاء هم أدوات الولاياتالمتحدةالأمريكية لتنفيذ هذا المخطط، لكن بقية أهل السنة والشيعة لا مشاكل معهم خصوصاً الشيعة الإمامية والاثنى عشرية، الذين يتفهمون جيداً هذا المخطط ويدركون خطورته، على عكس السلفية الوهابية والشيعة الشيرازية تستخدمهم الإدارة الأمريكية لتنفيذ مخططاتها فى المنطقة. ■ هل ستنجح أمريكا فى هذا المخطط بوضع السعودية وإيران فى حرب عسكرية صريحة؟ - الإيرانيون لديهم وعى شديد، خصوصاً بعد أن خاضوا تجربة الحرب مع العراق، وهم لا يرغبون فى أن تستدرجهم أمريكا للحرب بالوكالة بدلاً منها أو من إسرائيل، لكن لا أعتقد أن الطرف الآخر لديه هذا الوعى. ■ بالحديث عن الطرف الآخر، نجد أصواتاً تحذر مما يسمى المد الشيعى فى مصر والسعودية.. ما رأيك فيهم؟ - تلك الأصوات هى أدوات لإشعال الحرب الطائفية بين السنة والشيعة، وهى أصوات أمريكية وليست سلفية، فأيام الملك فاروق تزوجت أخته من شاه إيران، وكان الشيعة الإيرانيون تجاراً فى شارع الأزهر، وكان والد السيدة تحية كاظم، قرينة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر شيعياً إيرانياً، ولم يستطِع الشيعة نشر مذهبهم، مع أن مصر كانت مفتوحة لهم، وكانوا تجاراً بها يدخلون ويخرجون كيفما شاءوا، ولم يستطيعوا تشييع أهلها، بينما حالياً الأصوات السلفية المحذرة من ذلك تابعة للسلفية الوهابية، لا الخالصة، فهى منتسبة لمحمد بن عبدالوهاب الذى كفّره علماء الأمة، وقالوا عنه إنه من الخوارج ومنهم والده وأخوه، وإليه تنتسب السلفية التى تهاجم الشيعة وتنفذ المخطط الأمريكى دون وجه حق. ■ هل يعلم السلفيون أن الأمريكان يستخدمونهم لإشعال حرب طائفية فى المنطقة؟ - عوام السلفيين لا يعلمون ذلك، ويُستَخدمون لتنفيذ ذلك المخطط عن جهل منهم، أما من يسمى علماءهم وقياداتهم، فإنهم يعلمون ذلك المخطط جيداً، وممولون لتنفيذه. ■ ومن أين يأتى هذا التمويل؟ - التمويل أمريكى، لكنه يأتى بصورة غير مباشرة عبر دولة قطر، أو ما يسمى بالمراكز الإسلامية فى أمريكا وأوروبا، وهى خاضعة بشكل كامل للمخابرات المركزية الأمريكية. ■ كيف يمكن القضاء على مخطط الحرب الطائفية؟ - بنشر الوعى والإصرار عليه، ومحاولة التواصل مع الشيعة خصوصاً الشيعة الإمامية والاثنى عشرية، فعلى سبيل المثال فى لقاء مع القائم بأعمال السفير الإيرانى فى القاهرة، قلت له إن هناك تخوفاً منهم ومن نشر مذهب الشيعة فى مصر، فرد علىّ: هل يعقل أن يكون لمصر علاقات بإسرائيل وليس لها علاقات بإيران، فمثل هذا الكلام يعد تقليلاً من مذهب السنة، إن كان هناك تخوف من نشر المذهب الشيعى، وأكد لى أن هناك 15 مليون سنى إيرانى ما زالوا على مذهبهم ولم ينتشر بينهم المذهب الشيعى رغم وجودهم فى إيران، كما أن هناك فتوى بحرمة نشر المذهب الشيعى فى مناطق السنة. ■ إذن، ما سبب التحذيرات من نشر التشيع والأذرع الإيرانية والهلال الشيعى؟ - هذه تحذيرات لا وجود لها إلا فى عقول أصحاب السلفية الوهابية، هؤلاء عقولهم خربة، وحينما كانوا فى البرلمان وجدنا منهم حديثاً عن نكاح الصغير وإرضاع الكبير ونكاح الوداع، ما يدل على أن عقولهم خربة، وكان الأولى بهم أن يهاجموا الإخوان الذين فتحوا القصر الرئاسى والأزهر ومقصورة الحسين للرئيس الإيرانى الأسبق أحمدى نجاد. ■ وماذا عن الائتلافات السلفية ضد المد الشيعى؟ - تلك الائتلافات ممولة، وتنفذ المخططات الأمريكية لتقسيم المنطقة، على سبيل المثال «ائتلاف الصحب والآل» يقول إن الأحواز منطقة عربية محتلة، إذا كانت جامعة الدول العربية لم تطالب بها، ولم تطالب دولة عربية بالأحواز، فلماذا يطالبون هم بها؟، إنهم يتحدثون عن أشياء لا وجود لها، ومنها سب الشيعة للصحابة، على الرغم من أن هناك فتاوى شيعية تمنع سب الصحابة، باستثناء الشيرازية. ■ هناك هجوم على بعض العلماء المنتسبين للأزهر والوفود التى تزور إيران.. ما رأيك فى هذا الهجوم؟ - أؤمن تماماً بضرورة الحوار مع الآخر، وأنه حوار إيجابى وليس سلبياً، مهما كان الآخر، فلدينا علاقات مع الهند ومعظمهم هندوس، والصين رغم أنهم ملحدون، فالعلاقات الدولية والسياسية لا علاقة لها بالمذاهب والأديان والعقائد، وأرى أن الحوار والتوافق هما الحل لإفشال المخططات الأمريكية لإشعال الفتنة الطائفية، فالسعودية نفسها لديها سفير فى طهران، وإيران لديها سفير فى الرياض، ويوجد مليون إيرانى يذهبون إلى السعودية للعمرة والحج، إضافة إلى 20% من السعوديين الذين يسكنون المنطقة الشرقية شيعة، كما أننى التقيت فى لبنان بطالب سعودى شيعى يدرس فى «قم» الإيرانية، ومثله نحو 35 آخرين، بموافقة من السلطات السعودية، ودون أى مشاكل أمنية مع السلطات.