لم تنحصر مغالطات التاريخ التي تختلقها إسرائيل داخل الكيان الصهيوني، ولكن استخدمت جميع الآليات التي يعمل بها برنامجها منذ أن بدأ مع المؤتمر الأول ببازل في سويسرا عام 1897، إلى تصدير ما يسعون في إقناع العالم به، وهو ما ظهر في أزمة الفيلم الأمريكي "الخروج.. ملوك وآلهة" للمخرج "ريدلي سكوت"، والذي تم منعه من العرض في مصر نظرًا لتزييف التاريخ به. أحداث الفيلم، تدور حول حياة النبي موسى منذ ولادته، ويعرض معاناة المصريين القدماء من معاملة الفرعون القاسية لهم وإجبارهم على العمل بالسخرة لديه، وسلط الضوء على معجزة شق البحر لموسى، وعلى تسليط الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم على فرعون وقومه، وصورت بعض مشاهد الفيلم في مصر بمنطقتي الأعقاب، وجبل المغارة بأسوان. ورغم تأكيد الخبراء سواء المصريين أو غيرهم من إثبات عكس ما تسعى إسرائيل إثباته، إلا أنها تستمر في تزوير الحقائق، وهناك الكثير من الأفلام الإسرائيلية التي تتناول قصة موسى عليه السلام من وجهة النظر الصهيونية، ما جعل السينما العالمية تستجيب إليهم في فيلم "الخروج.. ملوك وآلهة"، والذي كذب ما جاء به الخبير في الشؤون الإسرائيلية "منير محمود"، من خلال الآيات التوراتية نفسها، أن اليهود لم يشاركوا في بناء الأهرامات مثلما جاء في الفيلم الأمريكي الذي تم منعه من العرض. واستشهد الخبير في الشأن الإسرائيلي، في كتابه "إسرائيل بين الحقائق والأكاذيب"، ببعض الآيات التي تثبت ذلك، وهي "8 ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف، 9 فقال لشعبه هو ذا بنو إسرائيل شعب أكثر وأعظم منا، 10 هلم نحتال لهم لئلا ينموا فيكون إذا حدثت حرب أنهم ينضمون إلى أعدائنا ويحاربوننا ويصعدون من الأرض، 11 فجعلوا عليهم رؤساء تسخير لكي يذلوهم بأثقالهم، فبنوا لفرعون مدينتي مخازن فيثوم ورعمسيس، 12 ولكن بحسبما أذلوهم هكذا نموا وامتدوا، فاختشوا من بني إسرائيل، 13 فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف، 14 ومرروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين وفي كل عمل في الحقل، كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفًا". وقال الخبير، إن هذه الآيات أوضحت أن بني إسرئيل تم تسخيرهم في بناء مدينتي "رعمسيس"، و"فيثوم"، والتي تم تشييدها من الطين اللين المخلوط بالتبن، والذي احترفت بني إسرائيل البناء به، لأنهم لم يعرفوا البناء بالأحجار، مشيرًا إلى أن هذه الآيات لم يأتي فيها قط أنهم استخدموا الحجارة في البناء، سواء في أهرامات أو مقابر ملكية أو أبنية حجرية، مركدًا أنهم سكنوا منطقة الدلتا التي تبعد كيلومترات عن منطقة الجيزة وسقارة التي بني فيها الأهرامات. الإدعاءات الإسرائيلية بشأن الأهرامات، تعود إلى عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات، حينما حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق "مناحم بيجن" عندما كان في ضيافته، إقناع الحضور أن هناك من الآيات التوراتية التي تتحدث عن أعمال السخرة التي كان يعمل بها بنو إسرائيل أثناء بناء الأهرامات، وكان ذلك في أواخر السبعينات. البروفيسور الإسرائيلي "إسرائيل فينكلشتاين" رئيس معهد الآثار في جامعة تل أبيب، قبل ما يقرب من 10 أعوام، أكد أنه ليس هناك أي إشارات أثرية أو تاريخية توضح أن اليهود شاركوا في بناء الأهرامات، سواء في الكتاب المقدس أو التلمود، مشيرًا إلى أن الذين بنوا الأهرامات لم يكونوا عبيدًا، بل كانوا من الفراعنة من مختلف الطبقات، وعاشوا في منطقة الجيزة، وهذا ما أشار إليه منير محمود، الخبير في الشأن الإسرائيلي. ورصدت الصحف الإسرائيلية، ردود الفعل المصرية على منع الفيلم، ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، أن الحكومة المصرية قالت إن أحد أسباب منع الفيلم أنه عرض بصورة عرقية، مشيرة إلى أن المغرب أيضًا منعت الفيلم. ونقلت الصحيفة هجوم وزير الثقافة "جابر عصفور"، على الفيلم، قائلًا إن الفيلم به أخطاء تاريخية كثيرة منها بناء اليهود الأهرامات، من خلال توضيحه لمنع عرض الفيلم، فضلًا عن باقي المواقع والصحف التي انتشر بها خبر منع العرض وأسبابه. وكان عبدالستار فتحي، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، أعلن منع عرض الفيلم الأمريكي، الذي يصور قصة حياة النبي موسى في مصر، بعد رؤية لجنة المشاهدة نسخة منه، وبررت الرقابة قرارها بأن الفيلم يتضمن تحريفاً في التاريخ. "الفيلم يحاول تصدير بعض المعلومات الدينية والتاريخية المحرفة للمشاهد، من بينها أن اليهود شاركوا في بناء أهرامات الجيزة باعتبارهم شعب الله المختار، وأن المصريين شعب غوغائي عذب اليهود، كما أنهم يؤكدون طوال الأحداث أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى".. هكذا كان تبرير "المصنفات الفنية" لمنع عرض الفيلم. وأضاف "فتحي"، أن "الفيلم تعرض للذات الإلهية من خلال تجسيد الله سبحانه وتعالى في صورة طفل، وحاولوا مغالطة القرآن الكريم في أن اليهود خرجوا من مصر عبر حدوث زلزال أرضي وليس بشق البحر، إضافة للعديد من المغالطات التي أوجبت علينا إصدار قرار منع عرض الفيلم في مصر".