شهدت العلاقة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسى شداً وجذباً، وإن كانت طبيعتها تختلف عن الصراع الأيديولوجى بين الرأسمالية والاشتراكية. إنّ العلاقات «الأمريكية - الروسية» يشوبها دائماً عامل انعدام الثقة، ومما زاد من توتر هذه العلاقات أنّ الإدارة الأمريكية السابقة لم تأخذ بعين الاعتبار «الإطار الاستراتيجى» الذى تضمنه الإعلان الروسى - الأمريكى فى نهاية «قمة سوتشى» فى أبريل 2008، إنّ الدولتين لم تعودا عدوتين ولا تشكلان تهديداً استراتيجياً الواحدة للأخرى، والدعوة إلى حوار يتناول الخلافات التى تفرق بينهما فى شأن توسيع الحلف الأطلسى، والاهتمام المشترك بإنشاء نظام دفاعى مشترك مضاد للصواريخ مع أوروبا، تشارك فيه ثلاثة أطراف، «روسياوالولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبى». ودراسة التهديدات الصاروخية الجديدة، والعثور على وسائل لمواجهتها. على أى حال، هناك أكثر من ورشة تفكير ودراسة دعت إدارة الرئيس أوباما إلى التفكير الجدى فى أسس الشراكة الضرورية لإصلاح العلاقة الأمريكية - الروسية، وقد حملت إحدى الدراسات الأخيرة عنوان «التوجه الصحيح للسياسة الأمريكية نحو روسيا»، فى تقرير للجنة رفيعة المستوى ترأسها السيناتور والمرشح السابق للرئاسة غارى هارت، اقترحت ضبط السلاح وتخفيض الترسانة النووية، والعمل على مناطق المصالح المشتركة مثل: إيران، أفغانستان، كوريا الشمالية، الطاقة، السيطرة على الإرهاب. على هذه الأرضية يمكن فهم العرض الأمريكى لروسيا، الذى مفاده أنّ الإدارة قد تكون مستعدة للبحث فى مسألة شبكة الصواريخ الباليستية فى بولونيا وتشيكيا، مقابل تخلّى روسيا عن دعم البرنامج النووى الإيرانى، طبقاً لاقتراح عالم السياسة الأمريكى الشهير والأستاذ فى جامعة هارفارد جوزيف ناى صاحب نظرية دبلوماسية «القوة الناعمة». وفى المقابل، تواترت التصريحات الروسية التى تربط بين الملف الإيرانى وملف الدرع الصاروخية، باعتبار أنّ الإدارة الأمريكية تتذرع لإنشاء منظومتها بما يوصف ب«خطر الصواريخ الإيرانية». ولعل هذه الصفقة تؤدى إلى قبول إيران بالمبادرة التى طرحها الرئيس بوتين فى عام 2006، والتى تدعو إلى إنشاء شبكة مراكز دولية لتخصيب اليورانيوم وإنتاج الوقود النووى تعمل تحت إشراف مباشر من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو إقامة مركز روسى - إيرانى مشترك لتخصيب اليورانيوم على الأراضى الروسية بمشاركة خبراء إيرانيين.