البعض تصور أن مناقشة الحكومة المصرية وفقاً لآلية الاستعراض الدورى الشامل فى مجلس حقوق الإنسان أنه سيكون بمثابة محاكمة لكل الأوضاع فى مصر أو محاكمة لثورة 30 يونيو، وفى الحقيقة رأيت أن من تبنى هذا واستعد للاحتفال بعقاب الحكومة والنظام لم يكن يعرف حقيقة الاستعراض الدورى ولا وظيفة ومهمة هذا الاستعراض، فوفقاً لنص قرار الجمعية العامة رقم 60/251 مجلس حقوق الإنسان فى الدورة الستين لانعقادها، وهو خاص بإنشاء مجلس حقوق الإنسان ليحل محل اللجنة، وحدد اختصاص آلية الاستعراض بأنه إجراء يستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها، لمدى وفاء كل دولة بالتزاماتها وتعهداتها فى مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة فى المعاملة بين جميع الدول، ويتخذ هذا الاستعراض شكل آلية تعاون تستند إلى حوار تفاعلى يشترك فيه البلد المعنى اشتراكاً كاملاً، مع مراعاة احتياجاته فى مجال بناء القدرات، وتكمل هذه الآلية عمل الهيئات المنشأة بموجب معاهدات ولا تكرر عملها، فهو آلية للتعاون من أجل تعزيز واحترام حقوق الإنسان، وأهم قيمة فى هذا القرار أنه إجراء تخضع له كل الدول 192 على أن يتم مراجعة 48 دولة كل عام وتراجع جميع الدول خلال أربع سنوات، ولا يتم وفقاً لاعتبارات سياسية، كما كان أثناء لجنة حقوق الإنسان، وفيه هذا تلتزم الدولة طوعياً بالتوصيات التى تقدم من الدول الأعضاء وتلتزم بالعمل على تنفيذ هذه التوصيات. وكانت أقوى نقطة فى الاستعراض الحالى لمصر هو الدستور الصادر فى عام 2014 الذى تضمن موادها تعزز حقوق الإنسان فى كافة الحقوق السياسية والمدنية بالإضافة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاعتراف بحقوق الأقليات العرقية فى سيناء والنوبة، وحقوق المرأة والشباب والمعاقين وجعل مرجعية الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان أساسية فى التشريع المصرى بنص المادة 93 من الدستور، لذلك أثنت أغلب الدول التى ناقشت التقرير الرسمى بالدستور الجديد وبعضها طالب الحكومة بتنفيذ بنوده. الاستعراض الأول عام 2010 كانت الحكومة قد قبلت 119 توصية أغلبها تم تنفيذه فى الدستور لكن لم يتم تنفيذه على مستوى التشريع، هذا العام تقدمت الدول ب300 توصية، ومهم التوضيح أن زيادة عدد التوصيات مرتبط بعدد الدول التى شاركت فى الآلية حيث بلغ عدد الدول 122 دولة تقدمت بتوصيات، بينما كان عام 2010 عدد الدول 51، ورغم أن الحكومة قد أجلت الرد لتحديد التوصيات المقبولة كلياً أو المرفوض إلى جلسة المجلس فى مارس المقبل الآن أنه يمكن بشكل واضح معرفة التوصيات المقبولة وتلك المرفوضة فأغلب التوصيات وفقاً للدستور المصرى هى جزء من خطة التطوير التشريعى، وأعتقد أنه من المهم أن تشرك الحكومة منظمات المجتمع المدنى فى آلية تنفيذ التوصيات وتحديدها، فأهمية آلية الاستعراض أنها توفر منصة للتعاون من أجل تحسين حقوق الإنسان وتطويرها، وفى رأيى أن التوصيات من الشمول بمكان أن نجعلها خطة وطنية لتطوير وتحسين حقوق الإنسان المصرى، فهناك حزمة من القوانين والتشريعات تبنتها منظمات حقوق الإنسان والمجلس القومى يمكن أن تكون الأساس للتعاون البناء بين المنظمات والحكومة تقدم كخطة وطنية نعمل عليها خلال السنوات الأربع المقبلة، وأن تشرك المنظمات فى تنفيذها ومتابعة التزام الحكومة بكل عناصرها، ويأتى على رأسها تعديل المادة الخاصة بالتعذيب وقانون الجمعيات وقانون التظاهر، ومهم أيضاً التعاون مع الآليات الدولية وإنجاز اتفاقية المكتب الإقليمى للمفوضية السامية لحقوق الإنسان لينشأ بالقاهرة، فآلية الاستعراض هى للتعاون لتحقيق حماية لحقوق الإنسان، وليس لمحاكمة الدول.