أثار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عاصفة من الانتقادات بسبب القصر الرئاسي الفخم الذي يريده أن يكون رمزًا "لتركيا الجديدة" التي يقودها في حين يعتبره معارضوه دليلًا على إصابته بجنون العظمة. ومنذ أسبوع، تشهد البلاد صراعًا بين المؤيدين لهذا القصر الشديد الضخامة والباهظ الكلفة الذي يعتبرون أنه يرسخ "هيبة ومكانة" تركيا وبين معارضيه الذين يرون فيه تبذيرًا وتبديدًا غير مجد وحتى مشين لموارد الدولة. ويقع "القصر الأبيض" أو "اك سراي" بالتركية الذي يحل محل القصر الرئاسي التاريخي على تلال أنقرة وسط ضاحية بعيدة للعاصمة. ويضم القصر الجديد الذي يجمع بين طرازي العمارة العثماني والسلجوقي الجديد (أول سلالة تركية حاكمة بين القرنين الحادي عشر والثالث عشر) نحو ألف غرفة ويحتل مساحة 200 ألف متر مربع. وفور البدء في بنائه أثار القصر الجديد جدلًا حادًا. وتمكن أنصار البيئة من الحصول على أمر قضائي بوقف البناء في قلب واحدة من المناطق الخضراء النادرة المحيطة بأنقرة إلا أن الحكومة الإسلامية المحافظة ضربت عرض الحائط بهذا القرار وواصلت أعمال البناء بدون استصدار قرار قضائي آخر. ومنذ ذلك الحين، تشن وسائل الإعلام المعارضة هجومًا شديدًا على "نزوة" أردوغان مع وصف القصر بأنه "فرساي الجديد" أو تشبيهه بالقصر المهيب الذي بناه الرئيس الشيوعي الروماني نيكولاي تشاوشيسكو قبل سقوطه. وندد نائب حزب الشعب الجمهوري ليفانت جوق ندد ب"قصر سري ورئيس يسكنه بشكل غير شرعي". وإضافة إلى ضخامة حجمه تثير فاتورة القصر الجديد الاستنكار والاستياء. الصحافة التركية قدرت أولًا كلفته ب 350 مليون دولار إلا أن وزير المالية محمد شمشك، أجج الجدل بكشفه خلال مناقشة للميزانية عن أن التكلفة النهائية لبناء القصر بلغت 1.3 مليار ليرة تركية أي 615 مليون دولار أو 490 مليون يورو. وقال النائب الآخر لحزب الشعب الجمهوري، عزت جيتين مستنكرا "يوجد في هذا البلد أشخاص ينزلون تحت الأرض في أرمنيك وسوما مقابل أجر لا يتجاوز 890 ليرة" في إشارة إلى عمال المناجم الذين راحوا ضحية الكارثتين المنجميتين الأخيرتين. وفي سياق متصل، ندد معارضو أردوغان أيضًا بسعر الطائرة الرئاسية الجديدة وهي من طراز ايرباص 330 والبالغ 185 مليون دولار. وفي مواجهة هذه الانتقادات في الداخل والتهكمات في صحف العالم اجمع اضطر نظام "أردوغان" إلى شن هجوم مضاد، إلا أن حملة التبريرات هذه لم تقنع الجميع حتى داخل فريقه. واعترف نائب رئيس الوزراء التركي بولند ارينتش، بأن كلفة بناء القصر يمكن أن تحدث صدمة في بلد يبلغ الحد الأدنى للأجور فيه 400 دولار وأعلنت حكومته عزمها خفض العجز العام، موضحًا "أنه ليس مبلغًا صغيرًا" مضيفا "إذا رأيتم أنه لم يكن علينا انفاق كل هذا المال فإننا يمكن أن نناقش هذا الأمر". وردًا على انتقادات الصحف، اعتلى رئيس الدولة نفسه المنبر، أمس، للدفاع عن القصر الجديد. وقال "أردوغان" مستنكرًا "هذا القصر ليس ملكية خاصة فهو ملك للجمهورية وهو يمثل هيبة وعظمة تركيا".