أشارت النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التونسية، التى جرت، أمس الأول، إلى تقدم حزب حركة نداء تونس المعارض، بحصوله على أكثر من 38% من مقاعد البرلمان، فى مواجهة منافسه حزب حركة النهضة، التابع للتنظيم الدولى للإخوان، والحاصل على 31% من المقاعد، بينما تلقت الأحزاب، التى كانت تشاطر «النهضة» الحكم، هزيمة قاسية بحصولها على 6 مقاعد فقط. ووفق النتائج التى تداولتها وسائل الإعلام، ومن بينها وكالة أنباء الأناضول، حصل «نداء تونس» على 83 مقعداً من أصل 217، إجمالى عدد مقاعد البرلمان، بينما فازت حركة النهضة ب68 مقعداً، وجاء ثالثاً «الاتحاد الوطنى الحر» بحصوله على 17 مقعداً، فيما لم يحصد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، حليف «النهضة»، الذى يتزعمه الرئيس المؤقت المنصف المرزوقى، إلا 4 مقاعد فقط، بينما حصل حزب التكتل، الذى تولى رئاسة المجلس التأسيسى السابق، على مقعدين. وقال مصدر حزبى لوكالة أنباء «رويترز»، أمس، إن حزب نداء تونس فاز بأكثر من 80 مقعداً فى البرلمان، مقابل 67 مقعداً لحركة النهضة، وعقب إغلاق مكاتب الاقتراع، وانتظاراً لنتائج الانتخابات، التى كان من المقرر أن تعلن رسمياً، مساء أمس، قال زعيم «نداء تونس»، الباجى قائد السبسى، إن «الشعب التونسى قال كلمته اليوم، ووقف لساعات أمام مكاتب الاقتراع، وتونس ستنتصر والحمد لله». وأضاف، فى مؤتمر صحفى عقده مساء أمس الأول: «(نداء تونس) لديه مؤشرات إيجابية تفيد بأنه فى الطليعة»، لكنه حرص على تأكيد أنه لا يمكن الحديث عن نتائج الانتخابات قبل الإعلان الرسمى من قِبل هيئة الانتخابات. وقال القيادى ب«نداء تونس»، محمد الأزهر العكرمى، تعليقاً على سير العملية الانتخابية، إن «الشعب التونسى انتصر على الإرهاب عبر صناديق الاقتراع وليس بحمل السلاح». وأضاف، فى حديث لقناة «نسمة» التونسية الخاصة، مساء أمس الأول: «كانت لدىّ شكوك حول المشاركة والإقبال، لكن تفاجأت وأصبحنا موضع ثقة أمام العالم كله والأشقاء». وبينما لم تصدر حركة النهضة تعليقاً رسمياً على النتائج الأولية للانتخابات، فإن عدداً من قيادات الحركة، فى تصريحات إعلامية، رفضوا الاعتراف بأى نتائج قبل الإعلان عنها رسمياً ووصفوا النتائج الأولية ب«الانقلاب الإعلامى». وقال رئيس المكتب السياسى للحركة، عامر العريض، إن «النتائج حول التصويت التى نشرتها بعض مكاتب استطلاعات الرأى مغلوطة، ولا تعكس النتائج الحقيقية للانتخابات التشريعية». وأضاف، فى تصريح لإذاعة «موزاييك» التونسية، مساء أمس الأول، أن لدى حزبه «أرقاماً تفيد بأنه متقدم فى النتائج». وقال القيادى بالحركة عبدالحميد الجلاصى، فى تصريح لقناة «المتوسط» التونسية، مساء أمس الأول: «تفاجأنا من الانقلاب الإعلامى على نتائج الانتخابات، والفرز ما زال متواصلاً». وأعلنت، مساء أمس الأول، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فى تونس أن نسبة المشاركة فى الانتخابات التشريعية بلغت 61.8%. كما أعلنت عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فوزية الدريسى، أن النسبة الإجمالية للتصويت فى الدوائر الانتخابية بالخارج وصلت إلى 29%. واحتفل المئات من أنصار حركة «نداء تونس»، مساء أمس الأول، أمام المقر المركزى للحركة بنتائج الانتخابات وسط صيحات «الليلة عيد»، والرقص الاحتفالى على آلات تنبيه السيارات، وزغاريد النساء. وعبّر مواطنون تونسيون ل«الوطن»، عن سعادتهم بالعملية الانتخابية وبنتائجها، وقال الصحفى التونسى، منير بن ناصر، إن «فوز (نداء تونس) أسعد التونسيين، وسيعيد رسم الخريطة السياسية التونسية». وأضاف: «بالنسبة للأحزاب التى كانت تشارك (النهضة) الحكم فإنها اندثرت». وقال النقابى الأمنى، وليد زروق، ل«الوطن»: «أؤكد أن هناك تغييراً كبيراً فى الخارطة السياسية، لكننى لست متفائلاً بأنهم سيكونون حريصين على تغيير المنظومة الفاسدة التى ما زالت تتحكم فى البلاد». وسيكلف حزب «نداء تونس» بتشكيل الحكومة المقبلة من قبل رئيس الجمهورية التونسية بصفته أكثر الأحزاب حصولاً على الأصوات فى الانتخابات التشريعية، لكن سيكون عليه الدخول فى ائتلاف مع أحزاب أخرى لتشكيل الحكومة، كونه لم يحصل على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة منفرداً. قال زياد العذارى، المتحدث الرسمى باسم «حركة النهضة» الإسلامية، أمس، إن الحركة حلت ثانياً بالانتخابات التشريعية التونسية التى أجريت أمس الأول، خلف حزب «نداء تونس» العلمانى، حسبما أكد لوكالة «فرانس برس». وقال «العذارى»، استناداً إلى إحصائيات مراقبى حزبه لمراكز الاقتراع «لدينا تقديرات غير نهائية، أن (نداء تونس) فى المقدمة، وسيكون لنا حوالى 70 مقعداً فى البرلمان»، فى حين سيكون لهم نحو 80 مقعداً». من ناحية أخرى، رحّب وزير الشئون الخارجية الفرنسية، لوران فابيوس، فى تصريح صحفى أمس، بحسن سير الانتخابات التشريعية بتونس، وأضاف قائلاً: «إنه بعد مرور 4 أعوام على الثورة التونسية، توجه التونسيون إلى صناديق الانتخاب فى هذا الاقتراع الحاسم الذى يمهّد لبناء مؤسسات مستدامة وديمقراطية فى الجمهورية التونسية الثانية». كما شدّد «فابيوس» على أن «التونسيين أكدوا حرصهم على الديمقراطية، وقطعوا خطوة تاريخية ليؤكدوا أن الديمقراطية ممكنة فى كل القارات وفى كل الثقافات». من جانبه، أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، إياد أمين مدنى، فى بيان أمس، عن خالص تهانيه للشعب التونسى بنجاح الانتخابات التشريعية فى أجواء آمنة وبمشاركة جميع الأطياف السياسية التونسية، وفى نطاق التداول السلمى على السلطة، مشيداً بهذه الانتخابات التى تمّت فى إطار التعددية السياسية والشفافية وطبقاً للمعايير الدولية التى تضبط شروط نزاهة وديمقراطية الانتخابات. وأعرب «مدنى» عن ثقته فى أن يواصل الشعب التونسى مسيرة إرساء المؤسسات الدستورية الدائمة التى ستتوج بانتخاب رئيس للجمهورية فى الآجال المحددة، مما سيفتح آفاقاً واعدة من الديمقراطية والتنمية والازدهار للشعب التونسى.