معاناة بعد يوم عمل طويل بأحد مصانع الألومنيوم بكفر الشيخ، يحاول أن يصل إلى منزله بمركز الحامول الذي يبعد بعض الكيلو مترات من كفر الشيخ، يضح الأحجار واحدًا تلو الآخر يحاول أن يصل إلى مدخل المنزل دون أن تبتل ملابسه، تعود أحمد محمد الأعصر (30 عاما) أن يشم الروائح الكريهة معاناته من "مصرف كتشنر" الذي يمر في محافظة كفر الشيخ بطول 46 كم لا تنتهي. المصرف الذي ظل يعاني منه "أحمد" منذ ولادته ومن معه من أهالي القرية حتى الآن تعاقبت الحكومات ولم تحل أزمة الصرف الصحي التي أصبحت وباءً يتسبب في إصابة الآلاف بأمراض فيروس "سي" وأمراض سرطانية وبيئة حاضنة للحشرات والقوارض والثعابين، أيضاً ارتفاع منسوب مياه الصرف الصحي الذي أصبح يهدد آلاف البيوت بالانهيار وصعوبة الخروج والدخول من المنازل وتلوث مياه الشرب. "عدد كبير من المزارعين بيستخدموا مياه المصرف في ري أراضيهم وكلهم مصابين بفيروس "سي" بخلاف الزرع المسرطن"، قالها "أحمد" مشيراً إلى إنه تحدث الكثير من الحوادث السيارت في المصرف ويصعب استخراج الجثث بخلاف الأطفال الذين يسقطون أثناء لعبهم، حسب وصفه. معاناة "أحمد" ليست في الخروج والدخول من المنزل فقط وإنما خشيته في أن يأتي ذات مرة ولا يجد المنزل، نظراً لانهيار منازل مجاورة تأثرت بالصرف الصحي، يقول "احنا بنام نحلم أن البيوت هاتنهار لأن الصرف الصحي بينخر في أساس البيوت ده غير اختلاطه بمياه الشرب". بينما يقول الدكتور عصام محمد شعبان، 40 عاما ،أحد أهالي كفر الشيخ، في عهد أحمد نظيف الحكومة خصصت 200 ألف جنيه لتنقية ومعالجة مياه الصرف لكن الفاسدين أكلو الفلوس وحطوها في جيوبهم واحنا لسه بنعاني"، مصائب المحافظة أتت واحدة تلو الأخرى ومعدلات التلوث وصلت إلى ذروتها. ويضيف "عصام" أن ارتفاع نسبة تلوث المياه يسبب الإصابة بأمراض ارتفاع ضغط الدم وتضخم القلب وفقر الدم والإصابة بأنواع الروماتيزم المختلفة، وضمور في الكلى، والإصابة بمرض سرطان الرئة، والفشل الكبدي والكلوي، إضافة إلى الإصابة بأمراض السرطان، حسب قوله "مفيش حد سليم في المحافظة حتى الشباب الصغير عجز قبل الآوان". لم يجد " شعبان سامي النجار"،53 عاما، أحد الفلاحين وسيلة أخرى لري أرضه سوى مصرف الغربية الرئيسي "كتشنر" هو ومعه آلاف من الفلاحين، حيث يقول "شعبان": "غلبنا من الشكاوى للمسؤولين في النظام السابق عن تلوث مياه الري في "كتشنر" لكن مفيش فايدة واحنا بنروي أرضنا لأن مفيش بديل غيره والحكومة لا تهتم بالمصرف ولا بالفلاحين اللي بيموتوا بسبب الأمراض"، مشيراً إلى أن أبناء القرية يقومون بغسل الملابس وأواني الطعام داخل مياه هذا المصرف مما يجعل الكارثة مضاعفة،حسب قوله، "لازم الدولة تسرع وتتحرك لإنقاذ المواطنين"، خطر يهدد صحة الإنسان والنبات والحيوان، ومؤكداً أن جميع أراضي الفلاحين بمنطقة الإصلاح تروى من مياه مصرف الغربية الرئيسي التي يغلب عليها الصرف الصحي والصناعي دون معالجة. في الوقت الذي أكد فيه الدكتور جمال محمد الصعيدي، رئيس فرع جهاز شؤون البيئة بمنطقة وسط الدلتا، إن الوزارة قامت بإجراء مسح شامل لكل مصانع الصرف الصناعي بكفر الشيخ ومصرف "كتشنر"، ويقول "هدف المسح عشان نتأكد من وجود محطات معالجة ودراسة وافية للمصارف"، مضيفاً أن كل لجنة قامت بالتفتيش وأخذ عينة من السيل النهائي للصرف الصناعي ل 50 منشأة صناعية وسيصل إلى مائة خلال الأسابيع القادمة، حسب تأكيده "سنتخذ إجراءات قانونية صارمة ضد المصانع والمنشآت الملوثة".