مبانٍ متهالكة تحيطها تلال من القمامة، شرفات تقترب من الكوبري المواجه، بل تكاد تلامسه، أثاث غرف لم يهتم أحد بصيانته منذ عام أو يزيد، دورات مياه يتوارى مَن يدخلها خوفًا من عيون المارة بالجهة المقابلة.. هكذا يبدو المشهد في مدينة رعاية الطالبات المغتربات في جامعة القاهرة، الكائن مقرها بشارع ترعة الزمر بمنطقة بولاق الدكرور. وتجولت "الوطن" بأروقة المدينة، لتتفقد حالها بعد تكرار شكاوى الطالبات من انتشار مخلفات تجديد المباني في كل مكان، رغم أن جدران المبنى من الداخل متآكلة بفعل المياه، ووسائل خدمات وتأمين المبنى من غرف الكهرباء وحنفيات الحريق متاحة لكل مَن يمر إلى جوارها؛ حيث أبوابها مفتوحة دون تأمين، إلى أن ينتهي ذلك الممر بشرفة تطل إما على الكوبري المواجه للمدينة أو أحد تلال مخلفات البناء المتراكمة. وأوضحت الطالبة شيماء محروس أمين لجنة التغذية باتحاد طالبات المدينة، أن أبرز المشاكل التي تواجه الطالبات حاليًا هي مشكلة التسكين، حيث لاتزال أكثر من 700 طالبة قيد انتظار السكن، بسبب قرار إدارة المدينة تجديد أحد المباني منذ الإجازة الصيفية، ولم يتم الانتهاء منه حتى الآن؛ مما حرم الفتيات من الإسكان بالمدينة رغم بدء العام الدراسي، مضيفة أنه عندما التقى بعض ممثلي الطلاب باللواء طارق تيرانة مدير عام المدن الجامعية بجامعة القاهرة، وعد بتسليم المباني منتصف أكتوبر الجاري، وبدء التسكين في 20 من نفس الشهر. ثم تنتقل شيماء للحديث عن الخدمة الصحية بالمدينة، فتؤكد أن سيارة الإسعاف المتواجدة بالمدينة هي وسيلة للنقل فقط وليست للإسعاف، فهي غير مجهزة بأي شيء من الداخل، فيما أوضحت أن العيادة الصحية لا توجد بها طبيبة إنما "حكيمة"، تمتنع عن إعطاء الطالبات أي أدوية لكنها تكتفي بتحويلهن لمستشفى الطلبة بالجيزة، كذلك أشارت إلى أن الحكيمة تمتنع عن الصعود لغرفة الطالبة المريضة وتطالبها بالنزول بمساعدة أصدقائها. أما عن تأمين بوابة المدينة، أشارت شيماء إلى أن رجال الأمن المتواجدون لحراسة البوابة لا يستطيعون تأمين الفتيات بشكل كافٍ، وعندما تتعرض إحدى الفتيات لمضايقات لدى عودتها؛ لا يتدخل رجل الأمن لحمايتها بحجة أن مهمته داخل سور المدينة فقط، وتؤكد مطالبة اتحاد طالبات المدينة منذ العام الماضي بنقل السكن إلى مدينة الطلبة إلى جوار الحرم الجامعي وتوزيع الطلبة على مُدن الطالبات؛ نظرًا لما يشكله الموقع الجغرافي للمدينة في "الجيزة وبولاق الدكرور وقصر العيني" من خطر عليهن يوميًا في الذهاب والعودة، مؤكدة أن هذا المطلب قوبل بالرفض من إدارة المدينة، والسبب أن مدينة الطلبة بها ملاعب الجامعة، ولا يجوز أن تتواجد مساكن الفتيات إلى جوارها، فالمدينة تغلق أبوابها في الثامنة مساءً بينما تستمر الملاعب لما بعد ذلك. وتروي شيماء عن واقعة سرقة تعرضت لها ؛ حيت تم سرقة اللاب توب الخاص بها وعندما تقدمت بشكوى لإدارة المدينة، كان الرد بأن الإهمال منها كطالبة لا تحافظ على مستلزماتها؛ مما دفعها لتحرير محضر بالواقعة في قسم شرطة بولاق الدكرور، وتم استرداد اللاب بعد معرفة المتسببة في ذلك، والتي تم إصدار قرار بفصلها من المدينة، لكنها عادت مرة أخرى بعد القرار بأسبوعين؛ مما أثار دهشة الجميع. وبالحديث مع سارة أشرف، طالبة الفرقة الرابعة بكلية الآداب، أكدت أن وجود المدينة في هذه المنطقة يعرضه الطالبات للمضايقات والتحرشات من سائقي "التوكتوك" والميكروباصات أثناء ذهابها وعودتها من الكلية؛ خاصةً وأن هناك أيام تتأخر فيه مواعيد محاضراتها حتى السابعة مساءً؛ مما يضطرها للعودة سريعًا قبل أن تغلق بوابة المدينة أبوابها في الثامنة، وتعاني سارة من اقتراب شرفات المباني والغرف من الكوبري المواجه لهم، حيث تتعرض لسماع ألفاظ نابية من بعض المارة. أما شيماء فرحات، طالبة الفرقة الثالثة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، فطالبت بوضع حد للمضايقات التي يتعرضن لها بشكل دائم بسبب الكوبري المواجه للمبنى، والتي كان آخرها منذ يومين فقط، على الرغم من وضع حواجز على الكوبري، إلا أن المضايقات لاتزال مستمرة. ومن جانبها، فقد تحفظت وفاء إسماعيل مديرة المدينة في الحديث مع "الوطن" ورفضت الإدلاء بأي تصريحات أو مناقشة أي شيء يتعلق بأحوال المدينة حتى يأذن لها مدير عام المدن الجامعية بالكلام أو الحديث معه شخصًا، وبعد إجراء مكالمة من جانبها مع اللواء طارق تيرانة مدير عام المدن الجامعية والسماح لها بالحديث، قالت إن كل شيء في المدينة "تمام"، على حد قولها. وأوضحت أن بالمدينة أربعة مبان، منها مبنى يتم تجديده من أغسطس الماضي وحتى الآن، بينما تم تسكين الطالبات بالمباني الباقية بداية من تقدير امتياز وحتى جيد وبعض المستجدات، أما الحاصلات على تقدير مقبول فلم يتم تسكينهن؛ نظرًا لعدم توافر أماكن لهن حاليًا، ولكن بمجرد الانتهاء من تجديد المبنى الرابع سوف يتم تسكينهن بالأولوية. وعن المضايقات التي تتعرض لها الفتيات من المارين بالكوبري المواجه للمبنى، أكدت المديرة أنه بعد تكرار شكاوى الفتيات؛ قامت إدارة الجامعة بعمل حواجز بين الكوبري والمبنى، فيما ألقت مديرة المدينة باللوم على الفتيات وحملتهن مسؤولية ما يحدث، مشيرة إلى أن ملابس الفتيات السبب في ذلك فضلًا عن وجود عمال البناء ليلًا بالمدينة؛ مما دعا إدارة المدينة لتحذير الطالبات من ارتداء ملابس "غير لائقة" والنزول بها من الغرف، مشددة على أن من تخالف هذا التحذير ستعرض نفسها للفصل. واستكملت حديثها فيما يخص تأمين المباني والمدينة، مشيرة إلى وجود حراسة أمنية على البوابة في فترتي الصباح والمبيت، تم تعيينهم عن طريق إدارة الأمن، ويوجد بكل مبنى مشرفة ولكل دور عاملة، فضلًا عن وجود رئيسة واحدة لجميع المباني تنوب عن المديرة ليلًا في حال عدم تواجدها، مشيرة إلى أن المدينة تأثرت بقرار إلغاء الحرس الجامعي، متمنية عودته مرة أخرى. وأكدت المديرة أن ميزانية المدينة لا تسمح بتواجد طبيبة، لذلك توجد "حكيمة صحية" بالعيادة مهمتها تحويل أي مريضة لمستشفى الطلبة بالجيزة في حال خطورة حالتها أو إسعافها سريعًا إذا لم يستدع الأمر نقلها، لكنها لا تتحمل مسؤولية حقن مريضة؛ نظرًا لعدم خبرتها الكافية في الطب، كذلك أشارت إلى وجود سيارة إسعاف لكنها ليست مجهزة لأن الغرض منها نقل الطالبة فقط للمستشفى. وأوضحت مديرة المدينة أن مصاريف المدينة التي تدفعها الطالبة شهريًا غير كافية في مقابل ما يتم تقديمه لها من خدمات المدينة، مؤكدة أن معظم ميزانية المدينة يتم صرفها على الوجبات، إلى جانب قاعة الإنترنت لمساعدة الطالبات في أبحاث الكليات، لكن المدينة تحاول جاهدة لتوفير أقصى درجات الرفاهية للطالبات، بالرغم من وجود نقص في العمالة لعدم وجود تعيينات من الجامعة في الوقت الحالي، فيما يتم حل أي مشاكل بالإدارة عن طريق تصعيدها لمدير عام المدن ونائب رئيس الجامعة.