هناك الكثير من الجنود المجهولين في حرب السادس من أكتوبر 1973، ليس شرطا أن يحمل بندقية أو يقف خلف مدفع أو حتى يكون سائقا لحافلة نقل جنود أو معدات عسكرية في أرض المعركة، بل يوجد من حاربوا خلف الميكروفون داخل حجرة صغيرة معزولة عن العالم، في محاولة منهم لإرسال صوت مصر إلى العمق الإسرائيلي والعالم بأسره عبر أثير "شبكة الإذاعات الموجهة"، التقوا بأسرى وأذاعوا بيانات وكشفوا أسرارا للجميع لم يكن مقدر لها أن تصل إلا من خلال أشخاص يتحدثون العبرية مثل أي مواطن نشأ في إسرائيل. دكتور حسن علي حسن المدير العام السابق لشبكة الإذاعات الموجهة، يروي ل"الوطن" كواليس العمل داخل الإذاعات الموجهة بصفة عامة والبرنامج العبري بصفة خاصة قبل وأثناء وبعد حرب أكتوبر. يؤكد الدكتور علي أن الدور الرئيسي لشبكة الإذاعات الموجهة كان أثناء وبعد حرب أكتوبر 1973، حيث أنها نقلت ما يدور في ميدان المعركة بصورة صادقة لكل دول العالم، وعلى وجه الخصوص البرنامج العبري الموجه إلى إسرائيل، وكان هناك إيمان بإرسال الصورة الكاملة بما يعكس صدق الموقف المصري والتطورات التي تحدث في الحرب، مشيرا إلى أن التركيز على عنصر المفاجأة وعبور القناة كان الجانب الأهم في بيانات الإذاعة ونشراتها. وأوضح أن فقرات وبيانات شبكة الإذاعات الموجهة كانت تهدف إلى تأكيد أن المبرر الأساسي لهذه الحرب هو استرجاع الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 في شبه جزيرة سيناء، مشيرا إلى أن جميع بيانات القوات المسلحة الصادرة أثناء الحرب تم ترجمتها بلا استثناء وإذاعتها مباشرة. وأشار علي إلى أن شبكة الإذاعات الموجهة لعبت دورا مهما أثناء حرب الاستنزاف، حيث إنها كانت تذيع تقارير عن العمليات التي يقوم بها الجيش المصري خلف خطوط العدو، وكان البرنامج العبري يقوم بإذاعة بيانات المتحدث العسكري المصري وبيانات الجيش الإسرائيلي لتوضيح الفجوة الواضحة بين البيانات والانتصار المصري في عملياته من خلال توضيح عدد الإصابات والقتلى، ونترك للمستمع الإسرائيلي تقييم المعلومات، بخاصة وأن الإسرائيليين كانوا يميلون لبيانات جيشهم وإذاعاتهم، لكن هذه الصورة قد تغيرت بعد حرب 1973. وأضاف أنه خلال حرب أكتوبر بدأت الإذاعات الأخرى ووكالات الأنباء العالمية تنقل عن شبكة الإذاعات الموجهة التي نجحت في أن تجعل معظم الإسرائيليين يقوموا بتحويل مؤشر الراديو ليستمعوا إلى البرنامج العبري الذي يبث من مصر، ويمكن تخيل الحالة النفسية للإسرائيلي حينما يستمع لإذاعة عبرية تكون مقدمتها "صوت القاهرة" باللغة العبرية. وكشف الدكتور حسن علي ل"الوطن" عن أن البرنامج العبري كان يقوم بعمل مقابلات مع الأسرى الإسرائيليين وكان أبرزهم العقيد عساف ياجوري الذي قام مراسل البرنامج أحمد الحملي بمحاورته، وكان كل بيت في إسرائيل يستمع إلى البرنامج العبري من أجل التعرف على ما إذا كان أحد من أبنائه وقع في الأسر أم لا. كما حققت الإذاعات الموجهة انتشارا واسعا جدا في الساحة الإسرائيلية بعدما أدرك الإسرائيليون كذب بيانات جيشهم والتأكد من هزيمته في الحرب، ولم يجدوا سوى الإذاعة العبرية ليستقوا منها المعلومات، بخاصة بعد فقد الثقة في إذاعة صوت إسرائيل، وإذاعة الجيش الإسرائيلي. وأوضح أن المذيعين كانوا يعملون بنظام "الشيفتات" ولكن أثناء الحرب كان العمل يستمر طوال اليوم بقوة 90% من العاملين بالإذاعة وكان النوم في الأستوديوهات، حيث إن البرنامج العبري كان يذاع على مدار 17 ساعة من السادسة صباحا وحتى التاسعة صباحا، ومن الثانية عشر ظهرا وحتى الواحدة صباحا، مؤكدا أن جميع العاملين بالبرنامج العبري لم يُسمح لهم بعمل تقارير ميدانية وتحقيقات من داخل الميدان أو بعد قرار وقف إطلاق النار، لكن كان يتم الاستعانة بالتقارير التي كان يعدها العاملون بالبرامج الأخرى. وأشار إلى أن الفترة التي أعقبت الحرب استمرت شبكة الإذاعات الموجهة في عملها حتى أثرت في الإسرائيليين وأصبحوا مقتنعين أن تكون هناك نتائج للحرب وأن تكلل بالسلام. كما قام البرنامج العبري ببث مباشر لتسليم جثث الجنود الإسرائيليين في وجود الأممالمتحدة بمنطقة بالوظة. ملف خاص في 6 أكتوبر.. ولد "الأسد" واغتال الإرهاب "البطل" وقهرت إسرائيل "هزيمة وانكسار وصدمة".. تأثير حرب أكتوبر على الأدب العبري 10 أسرار تعرفها لأول مرة عن حرب أكتوبر 1973 بالصور| "يوم رد الكرامة".. لقطات لم ينشرها التاريخ بالفيديو| "الوطن" تعيد بث بيان الإذاعة المصرية لحظة عبور القناة "خط بارليف".. محاه عمال القناة بعد 4 عقود بالصور| "الوطن" في "ميت أبوالكوم".. العشرات يحيون ذكرى السادات "حرب تشرين التحريرية" و"يوم الغفران".. لانتصار "أكتوبر 73" مسميات أخرى بالفيديو| في 8 مشاهد.. الشعب والجيش من محنة الهزيمة إلى فرحة "أكتوبر"