كانت آلاف الأقدام تضرب أديم جبال مران وسهولها وآلاف الأيدى تضرب الصدور وتشق الجيوب، كانت جنازة لقتيل مضى على مصرعه نحو 9 سنوات على يد قوات الجيش اليمنى بعد خوضه تمرداً مسلحاً، لكن جسده ظهر الآن بعد أن ظن أتباعه أنه دخل السرداب ولن يخرج منه إلا كما يخرج مهديهم المنتظر. قتله عميد فى الجيش اليمنى يدعى ثابت حواس، بعد أن صمدت جماعته فى حربها الأولى عام 2004، إلا أن جثته لم تسلم لذويه، بعدها قامت 5 حروب أخرى قاد فيها تمرد الحوثيين أخوه الأصغر عبدالملك الحوثى. ولد حسين فى عام 1956 لأب كان يعد أحد مراجع الزيدية، إحدى الفرق الشيعية التى وُصفت بالاعتدال، لعدم تعرضها بالتجريح فى حق صحابة رسول الله، لكن ثمة طارئ حدث فى حياة الأب. فى أواخر الثمانينات من القرن الماضى كثرت زيارات بدر الدين الحوثى لطهران، وبعد عودته لاحظ مراجع الزيدية أن خطابه تغير فى اتجاه الشيعة الإمامية وسياسياً فى اتجاه إيران. بدأ مع شخصيات زيدية بتأسيس حزب الحق فى 1990 وفاز فى الانتخابات البرلمانية عام 1993 بمقعد فى البرلمان اليمنى ممثلاً عن إحدى دوائر محافظة صعدة من العام «1993-1997» كمرشح لحزب الحق. تلقى دعماً اشتراكياً فى انتخابات 1993 وكان موقفه كما موقف حزب الحق مؤيداً للاشتراكية خلال الأزمة السياسية التى سبقت حرب صيف 1994 واتهم حسين الحوثى بمساندة الانفصال ومناصرة قوات الحزب الاشتراكى اليمنى فى حرب صيف 1994 وبعدها ترك حزب الحق وتفرغ لحركة الشباب المؤمن «الحوثيين» وتكوين نواتها ونشر فكر الثقافة القرآنية حسب اجتهاداته تحت غطاء المذهب الزيدى وتأسيس مدارسه فى محافظة صعدة والعمل على إضعاف الوجود الحكومى الضعيف أصلاً فى محافظة صعدة، التى تعانى من ضعف البنية التحتية ونسبة البطالة العالية، والتى قد تكون أسهمت بطريقة غير مباشرة فى التفاف الشباب حول فكره. وبدأ حسين الحوثى توسيع نشاطه خارج منطقة صعدة، ليؤسس مراكز مماثلة لمركزه فى عدة محافظات، وبدأت تتجلى ظاهرة حسين الحوثى فيما يطرحه من المسائل والآراء، فظهر تطاوله وتهجمه على علماء الزيدية، وآراء المذهب وكتبه، معتبراً نفسه مصلحاً ومجدداً لعلوم المذهب وتعاليمه، وتجاوز الأمر إلى حد السخرية من كتب الحديث والأصول والصحابة، وهو ما دفع علماء الزيدية لإصدار بيان نشرته صحيفة «الأمة» الناطقة باسم حزب الحق حذّر من ضلالات حسين الحوثى وأتباعه، منكراً أن تمتّ أقواله وأفعاله إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدى بصلة، ومحرّماً الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات والتأييد لها أو الرضا بها. كان الصعود المتنامى لتنظيم الشباب المؤمن بقيادة الحوثى يتم على حساب الحجم السياسى والشعبى لحزب الحق، الذى خرج عنه حسين الحوثى من قبل، والذى يمثل الطائفة الزيدية، ويرى بعض المراقبين أن رجحان كفة تيار الحوثى يعود إلى استغلاله الدعم الإيرانى المخصص لتصدير الثورة إلى اليمن.