الحوثيون شيعة ينتمون إلى المذهب الزيدى. ويُنسب هذا المذهب إلى «زيد بن على بن الحسين». ويفترض فى أتباعه أنهم الأكثر اعتدالاً بين فرق الشيعة. فإمامهم «زيد بن على» أعلن حينما خرج على بنى أمية أنه يفعل ذلك من أجل رفع ظلم حكامهم عن المسلمين. وقد سُئل من أتباعه ذات مرة: ما قولك، يرحمك الله، فى أبى بكر وعمر؟، فقال: غفر الله لهما، ما سمعت أحداً من أهل بيتى تبرأ منهما، وأنا لا أقول فيهما إلا خيراً، قالوا: فلِمَ تطلب بدم أهل البيت؟ فقال: إنا كنا أحق الناس بهذا الأمر، ولكن القوم استأثروا علينا به ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً، ثم سألوه لماذا يقاتل بنى أمية وهو يوقر الشيخين أبا بكر وعمر فقال: «إن هؤلاء ليسوا كأولئك، إن هؤلاء -يقصد الأمويين- ظلموا الناس وظلموا أنفسهم، وإنى أدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه وإحياء السنن وإماتة البدع فإن تسمعوا يكن خيراً لكم ولى، وإن تأبوا فلست عليكم بوكيل». فما كان من أتباعه إلا أن رفضوه وانصرفوا عنه ونقضوا بيعته وتركوه، فلهذا سُموا «الرافضة». وقد اخترع أهل السنة وصف «الرافضة» فى نعت الشيعة عبر العصور المختلفة، وعلى وجه التحديد الشيعة الاثنى عشرية الذين يؤمنون بالأئمة الذين يبدأون بعلى ومن جاء من ظهره ومن ظهر ولديه الحسن والحسين رضى الله عنهما. وعلى الرغم من أن الحوثيين ظلوا زمناً طويلاً يؤمنون برؤية «زيد بن على» -صاحب المذهب الزيدى- فى احترام الصحابة الأجلاء وأمهات المؤمنين، والثورة فقط ضد الحكام الظالمين دون نعتهم بالكفر، فإن تحولات عدة بدأت تظهر على تصورهم المذهبى، فجعلتهم يقتربون شيئاً فشيئاً من المذهب الاثنى عشرى الذى يتحلق حوله أهل إيران. ويشير البعض إلى أن دخول «إيران» على الخط غيّر الكثير من الأمور فى الرؤية «الزيدية» للحوثيين. ومن المعلوم أن حسين بدر الحوثى أقام فترة فى إيران مع والده، وهو الأمر الذى برّر للبعض الزعم بأن الحوثيين أصبحوا أكثر قناعة بالمذهب الإيرانى الاثنى عشرى. يسيطر الحوثيون الآن على «صنعاء» بدعم واضح -إلى حد كبير- من إيران، وسكوت عجيب من المملكة العربية السعودية، وردود أفعال متراخية من المجتمع الدولى. يحدث هذا فى ظل دعوات تخرج على ألسنة بعض المسئولين اليمنيين تتلاقى مع دعوات أخرى أطلقها تنظيم القاعدة يحث فيها المسلمين السنة من أهل اليمن على حمل السلاح لمواجهة الشيعة الحوثيين. لا نستطيع أن نقرر بشكل قاطع أن ثمة تحضيراً لحرب مذهبية فى المنطقة، لكن ليس فى وسعنا أيضاً أن ننفى وجود مؤشرات مقلقة على إمكانية نشوب هكذا حرب. والشاهد فى الأمر أن ثمة عاملين أساسيين يصبان فى دعم هذه الإمكانية: أولهما العبث الأمريكى فى المنطقة الذى يهدف إلى إعادة تشكيل خريطتها طبقاً لتصورات صانع القرار الأمريكى، وثانيهما الارتباك اللافت فى المشهد السياسى داخل العديد من دول المنطقة بصورة تهيئ لاشتباك يمكن أن يندلع إذا تكاملت شروطه الموضوعية. ولا أجد حلاً يمكن أن يؤدى إلى تبريد الأوضاع الحالية سوى فهم حقيقة أن الشعوب العربية قاطبة لم تعد ترضى بغير طريق الإصلاح -بالمفهوم الشامل- سبيلاً.