يجب الاعتراف بأن هناك فريقاً من الناس يعلق آمالاً عريضة على تجربة «الإخوان» فى الحكم، ويطالب بمنحهم الفرصة لإثبات حسن النوايا، وهناك فريق آخر يقف على النقيض ويرى جماعة «الإخوان» انتهازية الطبع والغرض. من هذا الفريق الأخير المنتج الدكتور محمد العدل، الذى التقيناه لأنه رجل له رأى ورؤية خاصة، وأيضاً لمعرفة كيف يرى مستقبل السينما والإبداع فى زمن «الجماعة». ■ كيف ترى مستقبل الإبداع فى زمن جماعة «الإخوان»؟ - أعترض على مسمى «زمن الإخوان المسلمين»، والاسم الحقيقى لهذه الفترة هو «زمن انتهازية الإخوان»، حيث إن هناك انتهازية من جماعة «الإخوان المسلمين» واستغلالاً لثورة قامت، فهم آخر من انضموا إليها، وأول من رحلوا عنها، وأول من تفاوضوا باسمها، وأول من استغلوا فقر الناس ليجمعوا أصوات أغلب الناس بالزيت والسكر. ■ هناك من يفضل العمل مع «الجماعة» وهناك من يرفض.. إلى أى فريق تميل؟ - لن نعمل معهم، وفى الوقت نفسه لن نعرقل «مرسى»، نحن نقف ونشاهد ونتابع، حيث إن المشروع الذى ترغب فيه «الجماعة» المتمثلة فى محمد مرسى غير الذى نتمناه، وإذا كان سعد زغلول قال «الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة»، فإن «الجماعة» ترى نفسها فوق الدولة، و«المرشد» فوق الرئيس، الإخوان مشروع قائم بذاته، نشأ منذ عام 1928، ولهم أفكارهم السياسية والاجتماعية، ويقولون إن لديهم مشروع النهضة، ثم يظهر فى النهاية أن هذا المشروع مثل إعلان «الفنكوش» فى فيلم «واحدة بواحدة» لعادل إمام. ■ هل ستكون فى ظل وجود «الإخوان» هناك محاولات للتأثير على الفن؟ - بالتأكيد ستكون هناك محاولات للتأثير أو تغيير شكل الفن، وأنا لا أخشى من «الإخوان» ولا من التيارات الإسلامية عموماً، لكنى أخشى من الفنانين والقائمين على الفن، الذين سيكونون أكثر ملائكية، ويقدمون تنازلات دون طلب منهم، فمثلاً عندما يأتى رئيس التليفزيون المصرى ويقول: لن أعرض مسلسل «كاريوكا» فى رمضان لأنه لا يوائم الشهر الكريم، ونكتشف فى آخر الأمر أن المسلسل لم يعرض عليه من الأساس، إذن أنت تقدم فروض الولاء والطاعة للإخوان، وتقول لهم إنك رجل جيد وترغب فى العمل معهم، وهذا هو الخوف، الخوف من أن أكتب سيناريو وفى عقلى خوف من أن ترفض «الجماعة» هذا العمل. ■ تقصد أننا خرجنا من رقابة «أمن الدولة» ودخلنا فى رقابة «الجماعة»؟ - بالضبط، وهذا ما يجب أن يناضل جميع الفنانين من أجله، أقصد النضال من أجل الحرية. ■ لكن حتى الآن لم يظهر تأثير أو محاولة من «الإخوان المسلمين» للتأثير على الفن أو تغيير فى الهوية المصرية؟ - أنا أتحدث عن تيار الإسلام السياسى بمختلف اتجاهاته، وعندما يخرج الدكتور عبدالله بدر ويهين إلهام شاهين، فهذا يشوه جزءاً من الحركة الفنية ويحولها إلى «دعارة»، أنت شيخ فى التفسير ما علاقتك بالفن إذن؟ ■ وماذا عن رؤيتك لمواجهة هجمة تيار الإسلام السياسى على الفن؟ - ليس بيننا وبينهم أى صراع، هم من يخلقون الصراع بل ويبحثون عنه، والسؤال هو: من منا تأثيره أكثر على الشارع؟ هم يشعرون أن تأثيرهم يشمل المجموعات الخاصة بهم والذين يشاهدونهم، لكن تأثير أى حدث درامى صغير يساوى تأثير العشرات من خطبهم، وبالتالى أصبح الفن هو المنافس الحقيقى لهم. ■ أعلن «الإخوان المسلمون» أنهم سيدخلون مجال الإنتاج الفنى وبالتالى ستكون هناك أيضاً منافسة فى هذا المجال.. كيف ترى هذه المحاولة؟ - أهلاً بهم، علماً أن هذا الكلام تردد منذ عامين، وقالوا إنهم سيعيدون إنتاج مسلسل عن حسن البنا. ■ قلت إنك تريد تقديم عمل درامى عن المفكر الإسلامى سيد قطب، فماذا لو اعترض «الإخوان المسلمون» أو اعترضت الرقابة عليه؟ - لا يجرؤ أحد أن يعترض، وبينى وبينه القضاء، طالما أن الدستور لا يحجر أو يمنع أن أتحدث عن شخصية عامة، وعندما تعترض الرقابة، بينى وبينهم القضاء، وما زلت أرى أن القضاء المصرى شامخ وسيظل هو السند الرئيسى لنا، قد يكون هناك قضاة فاسدون، ولكن القضاء المصرى ما زال بخير. ■ لماذا اخترت سيد قطب؟ - درامياً لأنه شخصية ثرية جداً، كما أنه أحد الأسباب الأساسية لكل الجماعات الإرهابية التى ظهرت بعد ذلك فى العالم كله، بخلاف مراحل حياته الشخصية. ■ لكن شخصية سيد قطب يمكن أن تعرضك لنقد شديد من قِبل التيارات الإسلامية؟ - إذا كانوا يؤمنون بالديمقراطية، رغم أننى أشك فى هذا، فليس أمامهم إلا طريق واحد، أنا سأقدم مسلسلاً عن سيد قطب، وهم يردون علىّ بمسلسل آخر، ليس أكثر، ثم إنه أليس من حقى أن أقدم سيد قطب فى عمل درامى، بحكم أنه شخصية اجتماعية مصرية وأنا مصرى؟!، وكان موجوداً وأثّر فى تاريخ الحركة الإسلامية الاجتماعية الموجودة فى مصر منذ إعدامه عام 1965 حتى اليوم. ■ هل ترى أن الهجوم على الفن وصناعه حالياً أشرس من ذى قبل من التيارات الإسلامية؟ - كنا متوقعين هذا الهجوم، علماً أن هذا الهجوم ليس بسبب الحلال والحرام، وإن كنت أتمنى أن يسعى هذا التيار إلى تقديم خطاب دينى جديد، مع محاولة تقديم اجتهادات دينية جديدة، فمن غير المعقول أن نظل على اجتهادات ثابتة من ألف عام، وأتمنى أن يبتعدوا عن السياسة، فعندما نتحدث فى الدين يقولون إنكم لستم رجال دين حتى تتحدثوا فيه، وأقول لهم: أنتم أيضاً لستم متخصصين فى الفن، ولا فى الثقافة، أنتم متلقون ولكم الحق، إذا كان ما نقدمه لا يروق لرؤيتكم، فلكم أن تقاطعوه، ولكن لا تمنعوه، أو تحرموه، والكلام الذى يتاجرون به بأنهم مضطهدون، هذا كلام غير صحيح على الإطلاق، فكل القوى المعارضة كانت مضطهدة، كما أن لديهم أموالاً لا نعرف مصدرها، كانت السبب الأساسى فى قدرتهم على المنافسة فى الانتخابات والصرف عليها وإنشاء مشاريع، وبعد الثورة من منكم كان ضعيفاً، فقوتكم الأساسية هى حسن مالك وخيرت الشاطر اللذان خرجا من السجن ولم يصادر من أموالهما شىء، أى أننا استبدلنا أحمد عز بخيرت الشاطر.