سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اليوم الأول لشهادات استثمار قناة السويس فى البنوك: «حضر المواطنون.. وغابت الشهادة» موظفو البنوك: «الناس سحبت فلوسها من البنوك الخاصة وفوجئوا بعدم وجود الشهادة»
لم تمنعهم الشمس الحارقة، ولم تقف درجة الحرارة المرتفعة عائقاً أمام تجمعهم عند البنوك الحكومية، صباح أمس، لتلبية «نداء الوطن». تحسسوا جميعاً حافظات نقودهم وحساباتهم البنكية، وقرروا أن شراء شهادات استثمار قناة السويس هو الاستثمار الأمثل لمستقبل أفضل، لكن «يا فرحة ما تمت»، فالخبر الذى تابعوه عبر وسائل الإعلام فى الليلة السابقة قد تبخر فى الصباح. «الشهادات لسه مانزلتش»، لم يصدق الرجل الستينى الإجابة التى جاءت على لسان موظف خدمة العملاء فى «بنك مصر» الذى كانت مهمته الوحيدة هى الرد على استفسارات المواطنين بشأن شهادات قناة السويس: «يا جماعة، مفيش حاجة نزلت رسمى لسه، واللى اتقال امبارح فى التليفزيون مجرد كلام، واحنا لسه ماجالناش أى ورق رسمى»، الدهشة التى ارتسمت فى عيون الحاج جمال، الذى قرر، منذ مشاهدته أخبار اجتماع البنك المركزى وقرار بدء إصدار شهادات الاستثمار، أن يشترى شهادات لأبنائه وأحفاده بمبلغ 10 آلاف جينه مصرى بواقع عشر شهادات: «ماحدش قال إن فيه حد أقصى للشراء وشهادات القُصر هتتصرف إمتى.. مفيش حد حتى عايز يبل ريقنا بمعلومة نفهم منها».. الصباح الذى تفاءل به الحاج جمال لم يعد كذلك بعد خروجه من بنك مصر، مقرراً أن يذهب لبنك آخر من البنوك المعلنة «علَّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً». على باب «بنك القاهرة» كان الموقف متغيراً، فهناك كان الأمر أشد ضراوة ما بين موظفى خدمة العملاء وبين مواطنين تلخص جُلُّ همهم فيما اعتبروه «اشتغالة حكومية»، بحسب الحاج صلاح الذى لم يجد أمامه سوى موظف البنك ليخرج فيه شحنة الغضب المكتوم: «خدت إجازة من شغلى وقلت ألحق وآجى بدرى قبل الزحام ما يشتد والشهادات تخلص أو البنك يبقى زحمة وأنا مش قادر أقف». على باب البنك كذلك وقف رجل ستينى تبدو عليه أمارات التعب والإرهاق، يسأل رجال الحراسة: «هى الخناقة دى عشان إيه؟»، فيجيبه الشرطيان: «دى ناس بتسأل على شهادات قناة السويس»، يكمل الرجل طريقه إلى عمله القريب، ثم يعود مرة أخرى ليسأل: «أنا معاشى 1000 جنيه وعندى 6 عيال ممكن أشترى لهم بكام؟»، «لو ولادك كبار يا حاج يبقى الشهادة بمية أو ألف».. يضحك الرجل ثم يسير متمتماً: «ماشى، لما المية تيجى نبقى نشترى». بعد أن أنهت «سحر» مشوارها الصباحى بوسط البلد قررت أن تدلف إلى البنك تسأل عن الشهادات وقيمتها وعائدها، لكنها لم تلبث أن خرجت متمتمة: «مفيش مشكلة، هرجع تانى لما تنزل»، القرار الذى اتخذته سحر بهدوء كان سبباً فى أن يتنفس موظفو البنك الصعداء: «أخيراً الناس فهمت إن مش بإيدينا حاجة». «الشهادات وصلت البنك وموجودة فى الخزنة عندنا لكن مفيش أى تعليمات جتلنا ببداية التعامل فيها»، يؤكد رئيس قسم خدمة العملاء ببنك القاهرة، مضيفاً أن عدداً مهولاً من المواطنين جاء للبنك صباحاً متسائلاً عن الشهادة، لكن مع الأسف لا أحد لدينا يملك إجابة: «فيه ناس بتتهمنا إننا إخوان ومش عايزين ننفذ اللى سمعوه امبارح فى التليفزيون انتقاماً من الدولة وناسيين إننا أصلاً بنوك حكومية وكل اللى حصل بسبب لخبطة حصلت فى آخر لحظة إن قرار بدء العمل بالشهادات يرتبط بقرار من الرئاسة»، يحتاج موظفو البنوك الأربعة المخول لها التعامل فى شهادات قناة السويس مزيداً من المعلومات حولها، بحسب خدمة عملاء بنك قناة السويس: «إحنا ماعندناش أى ورقة رسمية تفيد بكيفية التعامل مع المواطنين، وهل يوجد حد أقصى للشراء وشروط الشراء والبيع، والأسعار المقررة والعائد ونسبة الفائدة.. ننصح المواطنين بعدم الالتفات للتليفزيون وانتظار القرار الأكيد».