هو أسبوع ككل الأسابيع المصرية التى تمر علينا الآن بزخمها وصخبها وتدافع أخبارها السريع، لكن هذا الأسبوع انفرد بمجموعة أخبار امتدت من رفح المصرية حتى الوصول إلى نادى الجزيرة بالزمالك، «أنصار بيت المقدس» فقدت قدرتها على إنتاج عمل إرهابى له صدى مؤثر فاستبدلت نشاطها بقطع رؤوس أربعة رجال من قبيلتى الرميلات والسواركة بجنوب الشيخ زويد، تحت ادعاء متهالك بأنهم قاموا بالوشاية على أعضاء التنظيم لصالح قوات الجيش المصرى فى رواية وللموساد الإسرائيلى فى رواية أخرى أكثر تهالكاً. مجدى أحمد إبراهيم «فونيا»، 34 سنة، والمحمدى محمد شحاتة «أورتيجا» كُلفا من بعض قيادات الإخوان بتشكيل 12 شاباً داخل ما يُعرف ب«كتائب حلوان»، وسابقة نشاطهم منذ ثورة 30 يونيو هى الخروج فى تظاهرات الإخوان لارتكاب أعمال تخريب وإنتاج معارك بالمولوتوف وأسلحة الخرطوش مع قوات الأمن وأهالى مناطق حلوان والهرم وعين شمس والمطرية، وهؤلاء جميعهم لا علاقة لهم بأى انتماء أيديولوجى بجماعة الإخوان، هم فقط المادة الخام الجاهزة لإنتاج أعمال العنف مقابل أموال وتحت سطوة «مخدر الترامادول»، تقلّب معظمهم داخل تشكيلات متجانسه جداً، الوايت نايتس، وهو رابطة ألتراس زملكاوى، ثم حزب الراية التابع لحازم أبوإسماعيل، ثم استقروا مع الإخوان فى رحلة بحث عن عنف يتجدد أسبوعياً كل يوم جمعة وفى المناسبات، بعض الأحداث التى شارك فيها هؤلاء تفاقمت بطبيعة ظروف الحدث فتورطوا فى حرق قسم المطرية وقسم حلوان ومبنى حى عين شمس، وأيضاً فى جرائم قتل لكنها لم تكن سبباً لأن يتوقفوا أمامها، بل اعتُبرت وفق قناعاتهم من متاعب المهنة. إذا عبرنا بأقدامنا من حزام التردى الاجتماعى الذى أنتج هؤلاء لنصعد إلى درجة مرتفعة من سلم الرقى الطبقى «المفروض»، تحمل لنا أخبار نفس الأسبوع أن مجموعة شباب بنادى الجزيرة انزعجوا من تكاثر عدد القطط بالنادى، فاتفقوا فيما بينهم على أن يقوموا بمذبحة لهذه الحيوانات عبر اصطيادها وتقطيع رؤوسها وأجسادها وعمل مقبرة جماعية لهذه القطط، دون أن ينسوا وفق أدبيات درجتهم الطبقية أن يلتقطوا لأنفسهم صوراً أثناء المذبحة وهم ممسكون برؤوس تلك القطط ثم ينشروها على صفحاتهم الشخصية «بالفيس بوك» تفاخراً وزهواً بهذا اليوم اللذيذ. ولم يُرد الأسبوع أن يمضى دون أن يهدى إلينا واقعتين من داخل جهاز الأمن، إحداهما لأمين شرطة تحرش جنسياً بفتاة ذات إعاقة ذهنية داخل قسم شرطة إمبابة، والأخرى لثلاثة أمناء شرطة أيضاً قاموا بالتمثيل بجثة داخل مشرحة الخانكة بالقليوبية لسبب غير مفهوم حتى الآن، فالجثة لشخص مسجل «شقى خطر سرقات بالإكراه»، ومتوفى بعد معركة مسلحة بينه وبين أجهزة الأمن فى يونيو الماضى. وحقيقة حسناً فعلت وزارة الداخلية بإحالة الواقعتين إلى النيابة العامة بالمتهمين لمساءلتهم جنائياً، فضلاً عن إحالتهم جميعاً للاحتياط وخضوعهم لمحاكمة تأديبية داخل الوزارة قد تصل عقوبتها عليهم حد الفصل من الخدمة. هو أسبوع نموذج لا شك لكنه نموذج لمجتمع يغلى وبقوة، التقييم الأمنى يحدثنا بأن الإرهاب سينحسر بالتأكيد لكن سيبقى العنف حاضراً وبقوة، وهو يتخذ أشكالاً متنوعة وفق مسرح ارتكابه وشخصيات ممارسيه، لكنه يجتمع على شىء واحد خفى بين السطور، هو استمتاع مرتكب العنف بما يقوم به، بل والترويج له لاستقطاب المزيد من مهاويس هذا السلوك. والمهووس بهذا العنف قادر على التفتيش عنه وابتداعه حتى لو كان غير مبرر ولا يمتلك دافعاً ضاغطاً لارتكابه، وهو الدرجة الأخطر فى الظاهرة.. قبل الحديث عن الحلول، هناك كلام كثير يجب أن يقال، فما زال الملف مفتوحاً ومرعباً.