دفعت الطالبة الحسناء زينب، ابنة قرية دمشاو هاشم بالمنيا، حياتها ثمناً لانعدام الضمير وغياب الرقابة على المراكز الطبية غير المرخصة والمنتشرة بالقرى والعزب والنجوع، التى يخضع عدد كبير منها لإشراف وإدارة الجمعيات الشرعية، التى يتحكم فيها الإخوان وأنصارهم، حيث أجرى قيادى فى الجماعة الإسلامية عملية جراحية لها، فارقت الحياة بسببها. يروى شربينى عزت محمود، 37 سنة، ويعمل بالشركة المصرية لنقل الغاز، «والد الطالبة زينب» 17 سنة، بالمرحلة الثانوية التجارية، مأساته قائلاً: ابنتى شعرت فى أوائل شهر يونيو الماضى بآلام بالجسم، فتوجهت بها إلى مركز الهلالى الطبى بقرية طهنشا، لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة، وحوّلها مدير المركز الدكتور جمال الهلالى وهو قيادى بالجماعة الإسلامية، وأمين عام حزب البناء والتنمية بالمنيا سابقاً، إلى طبيب آخر يدعى محمد، أخصائى مسالك، ويعمل بنفس المركز، وطلب إجراء أشعة تليفزيونية، وبعد الاطلاع عليها قرر إجراء عملية جراحية لابنتى لأنها تعانى من وجود 6 حصوات بحوض الكلى والجانب الأيمن، وتم تحديد يوم 20 من شهر يونيو الماضى لإجراء العملية، وبالفعل دخلت العمليات، فى تمام الساعة الرابعة والنصف عصراً من اليوم المحدد، وبعد مرور ساعة تقريباً خرج طبيب التخدير ويدعى وليد من غرفة العمليات، وكان مسرعاً ويهرول ويبدو على وجهه الارتباك الشديد، وحاولت أن أتحدث معه للاطمئنان على الحالة ولم ينصت لى وانصرف بسرعه تاركاً المركز، وفى تمام الساعة الثامنة والنصف أى بعد مرور 4 ساعات، خرجت ابنتى من العمليات، وكانت فى غيبوبة تامة ويبدو عليها أنها تحتضر، وفى اليوم التالى فارقت الحياة. ويضيف والد ضحية الإهمال: شعرت بأمور غير طبيعية وغير مفهومة تحدث منذ دخولى هذا المركز، وبعد الاستفسار عن وضعيته القانونية اكتشفت أنه يتبع الجمعية الشرعية بقرية طهنشا، ومرخص لإجراء كشف ظاهرى فقط، وبأجر رمزى دون إجراء عمليات جراحية من أى نوع، وتبين أن مديره حوله إلى نشاط استثمارى يجرى فيه عمليات جراحية دون وجود رقابة تذكر من جانب الأجهزة المختصة، فتقدمت ببلاغ بقسم شرطة مركز المنيا حمل رقم 37 أحوال، ومقيد برقم إدارى مؤقت 6007 لسنة 2014، وتمت إحالته للنيابة العامة وهو قيد التحقيق، كما أن مدير المركز اعترف فى تحقيقات النيابة بأنه أخطأ بإجراء عمليات جراحية بالمركز، وتقرر إخلاء سبيله لحين ورود تقرير الطب الشرعى. وذكر «شربينى» أن هناك عدة أمور أحرقت قلبه على ابنته بعد وفاتها وزادت من مأساته، ومنها أن القائمين على المركز أجبروه على دفع قيمة العملية الجراحية وهى مبلغ 2500 جنيه، قبل إجرائها، وأثناء العملية أبلغه الطبيب الجراح بحدوث مضاعفات، وأنه يحتاج إلى إحضار كيس دم، كما أن الطبيب الذى أجرى الجراحة قال له بعد انتهاء العملية هنركب لبنتك دعامة ولو عاشت سوف نجرى جراحة أخرى لاستخراج 4 حصوات باقية، مؤكداً أنه عثر على حصوتين فقط، وظل يبحث عن باقى الحصوات ولم يجدها، رغم أن الأشعة أفادت بوجود 6 حصوات، كما أن هناك شخصاً يدعى الشيخ حسنى ليس له علاقة بالطب أو التمريض كان مع ابنتى فى غرفة العمليات، وتركوها تحت رعايته بعد إجراء العملية، وكانت حالتها فى تدهور مستمر. وبعد الوفاة توجهت إلى مدير المركز الدكتور جمال الهلالى لأعاتبه على التقصير، فكرر لى كلمة «معلش» 3 مرات، وقال ياريت نلم الموضوع وإكرام الميت دفنه، وعندما أبلغته بأننى سأتقدم ببلاغ للنيابة العامة، ووجدنى مصراً على موقفى، قال لى براحتك ورينى النيابة هتعمل لك إيه دى منظومة كبيرة أنت مش قدها، والنيابة والقضاء مش فاضيين للقضايا اللى زى دى ومشغولين بقضايا أخرى. من جانبه، طالب خيرى فؤاد، نائب رئيس الاتحاد الإقليمى للجمعيات الأهلية بالمنيا، الأجهزة الصحية بتشديد الرقابة على هذه المراكز والمستوصفات الطبية، والتحقيق فى الواقعة. وقال إن هذه المراكز تحصل على التراخيص من مديرية الصحة المخولة بالرقابة والإشراف عليها من الناحية الطبية والفنية، ويصدر الترخيص طبقاً للمعايير المنصوص عليها، أما الاتحاد الإقليمى، فدوره الإشراف على الجمعيات وما يتبعها من أنشطة خدمية كحضانات ومستوصفات طبية وأنشطة أخرى من الناحية الإدارية والمالية فقط، وفى حالة ثبوت أى مخالفات يتم حل وعزل مجلس الإدارة وإبلاغ الأجهزة المختصة للتحقيق. وشدد «خيرى» على إعادة النظر فى هذه المراكز وتشديد الرقابة عليها ومتابعة الالتزام بشروط الترخيص، وغلق غير المرخص منها.