قبل أن تدخل أحد مقار الأحياء فى محافظة القاهرة لإنهاء بعض الأوراق الرسمية المهمة، لم تكن تتوقع أن تتعرض لهذا الموقف، فالموظف المكلف بإنهاء أوراقها طلب منها رشوة لإنهاء أوراقها سريعاً، ما أثار اندهاش المواطنة سوسن الشريف ليس طلب الرشوة فى حد ذاته ولكن الجملة التى تلتها: «لو سمحتى عاوزك تكونى مسمحانى فى الفلوس دى.. أنا مش عاوز أدخل على أولادى فلوس حرام»! دهشة وحزن استقبلت بهما «سوسن» هذه الكلمة، وقالت ل«الوطن»: «مش مستوعبة ولا مصدقة نفسى ولا عارفة هو بيفكر إزاى، وازاى بيستحل الرشوة لمجرد إنى هقوله مسامحاك». أمنيات عديدة لدى «سوسن» وكثيرون مثلها فى وجود جهة رسمية نشطة تراقب الفساد دون أن تعطل مصالح العباد: «دلوقتى أنا لو بلغت هل مشكلتى هتنتهى؟ وهافضل قد إيه منتظرة الحل؟ الإجراءات الصعبة والبطيئة للرقابة بتخلى طلب الرشوة سهل على المرتشين». لم تكن تلك هى المرة الأولى التى تقع فيها «سوسن» فى أزمة مماثلة، فحين احتاجت تجديد بطاقتها من أجل سفر سريع من قبل، جاءها الرد: «هتستنى 15 يوم»، وحين أعلنت اعتراضها وحاجتها للبطاقة سريعاً جاءها الرد الواضح السريع: «فتحى مخك». «هل يعقل أن يرتكب المرء معصية، ثم يعود ليقول سامحونى؟!»، قالها الدكتور رشاد خليل، أستاذ الفقه المقارن، مستنكراً الواقعة التى وصفها ب«المرعبة» متسائلاً: «كيف وصلنا إلى المرحلة التى يعتبر فيها الموظف أن الرشوة حلال لكن عدم مسامحته فيها هو الحرام؟!». العميد السابق لكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أكد أن الرشوة بالذات من أكثر الأمور المحرمة بالأحاديث النبوية، والقرآن الكريم: «الرشوة أكل لأموال الناس بالباطل، نهانا الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن الاقتراب منها من قريب أو من بعيد، وشدد القرآن الكريم على عقوبة مرتكبها فهى مال حرام، حتى لو سامحته صاحبة المال فالله لا يسامح ولا يفرط فى حق عباده وأكل أموالهم بينهم بالباطل، هذه جريمة عقوبتها عند الله اللعن والطرد من رحمته يوم يبعثون».