لعبت التكنولوجيا دوراً محورياً فى إنعاش الطلب على العقارات خلال السنوات الأخيرة، خاصة فى ظل انتشار جائحة فيروس كورونا وبدء اتباع الكثير من الشركات آليات العمل من المنزل وتعزيز الاستثمار فى مجال التكنولوجيا ودمج الواقع المعزّز والافتراضى بالشركات العقارية فى طرح مرئى لجذب العملاء. وأصبح إسقاط الضوء على مفهوم التكنولوجيا فى العقارات، أو ما يُسمى ب«البروبتك» متغيراً مهماً لواقع ومستقبل القطاع العقارى فى مصر ومنطقة الشرق الأوسط، وهو الذى يجسّد التطبيقات التكنولوجية المستخدَمة فى القطاع العقارى، والتى تشمل الخدمات المتطورة التى تقدّمها الحلول الذكية لإدارة العقارات باستخدام تقنيات الblockchain وغيرها من الحلول العقارية الذكية، وحلول حجز وتأجير العقارات، وتكنولوجيا التخطيط والبناء، والتكنولوجيا المالية العقارية. وبالتالى أصبح بإمكان التقنيات عن بُعد التعامل مع عمليات بيع عبر الاتصال المرئى للمستثمرين من الداخل والخارج، حيث تبدأ الصفقة بالتجول داخل المشروع واختيار الوحدات، بالإضافة إلى استخدام المقاطع المصوّرة للترويج لهذه المشاريع، فضلاً عن الإعلانات وعرض حى للمشروع، الأمر الذى قاد المبيعات فى الشركات العقارية إلى الاهتمام أكثر باحتياجات العملاء. وأكد الكثير من التقارير ارتفاع عمليات بيع الوحدات السكنية «عن بُعد» لمستثمرين أجانب، بنسبة تصل إلى 25%، وذلك رغم صعوبة السفر، ويعزى ذلك إلى عدد من العوامل، فى صدارتها تنافسية الأسعار والتسهيلات الاستثمارية، فى ظل تداعيات أزمة جائحة كورونا، وثقة المستثمرين بالقوانين الاستثمارية فى الدولة، ومصداقية الشركات العقارية المطورة فى تسليم وحداتها فى مواعيدها، وتطور العمليات التكنولوجية فى عمليات الترويج وتنفيذ عقود البيع، وجدوى الاستثمار العقارى من حيث العوائد المالية. الطلب على منتجات القطاع ينمو 4% منذ بداية 2021 والمبيعات الرقمية تثبت جدارتها وبتحليل الأرقام وُجد أن الطلب على العقارات شهد تطوراً ملحوظاً منذ بدء فيروس كورونا فى مارس الماضى حتى الآن، حيث سجّل معدل نمو الطلب نحو 32% بنهاية فبراير 2021، مقارنة بنهاية فبراير 2020، كما سجل الطلب خلال ال3 أشهر الأولى من 2021، تحسّناً طفيفاً، حيث تشير الأرقام إلى استقرار الطلب على العقارات فى شهر فبراير الماضى بعد أن أبدى نمواً ملحوظاً بنسبة 3% فى يناير ، بالمقارنة مع مستوى الطلب فى ديسمبر 2020. وسجل موقع «عقار ماب» نمواً متزايداً، باعتباره إحدى وسائل التسويق الإلكترونى الحديث للوحدات العقارية فى مصر، حيث أوضحت الإحصائيات على المنصة أن المملكة العربية السعودية والكويت والولايات المتحدةالأمريكية وكندا على رأس الدول الأكثر بحثاً عن العقارات فى مصر، خاصة فى مناطق العاصمة الإدارية الجديدة والقاهرة الجديدة والجونة والعين السخنة، إذ تم تحقيق 50% من الحجوزات من المصريين العاملين بالخارج، ونسبة 25% من الأجانب. ولكن دعنا نتساءل.. لماذا يحتاج المطورون العقاريون إلى التكيّف مع التكنولوجيا؟! أوضح شون ماكولى الرئيس التنفيذى لمجموعة «ديفمارك»، أهمية إدخال البرمجيات المتكاملة فى القطاع العقارى، مضيفاً أن التكنولوجيا يمكن أن تغيّر من الوضع العام على الطلب فى القطاع بشكل كبير يتخطى ال360%، باعتبارها عاملاً حاسماً لبقاء الشركات العقارية فى السوق المحلية والعالمية خلال 2021. ولفت إلى أن مصر لديها القدرة على تطبيق الحلول الذكية، ولكن ما زال أمامها المزيد من السنوات، كما تابع أنه لكى يتم التغلب على هذه العوائق يجب توافر البيانات وبناء بنية تحتية قوية تدعم بناء المدن الذكية وتطبيق سياسات الدفع الإلكترونى، موضحاً أن المبيعات الرقمية تلعب دوراً بارزاً فى الوقت الراهن، خاصة عقب أزمة «كوفيد-19». ولعل ما يمثله القطاع العقارى فى مصر من 20% من حجم الاقتصاد الكلى، ونحو 10.7% من حجم رأسمال البورصة المصرية، بالإضافة إلى استقطابه 14.4% من إجمالى الاستثمارات المنفّذة بالدولة، فضلاً عن بلوغ عدد العاملين فى القطاع نحو 10 ملايين عامل، سواء عمالة مباشرة أو غير مباشرة، حسب بيانات غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات المصرى، يجعل لتغيره تأثيراً كبيراً على الاقتصاد الكلى للدولة، مما دفع الحكومة لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لدفع قطاع العقارات إلى الأمام وزيادة المساحة العمرانية من 6% إلى 13%، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص فى إنشاء الوحدات السكنية وتصدير العقار من خلال المشاركة فى المعارض العقارية الدولية، لدعم صناعة العقارات ومساهمتها فى نمو الناتج المحلى الإجمالى. وعلى جانب آخر وُجد أن الطلب على العقارات تأثر أيضاً بصورة إيجابية بخفض أسعار الفائدة خلال الفترة الماضية، حيث ارتفع الطلب فى شهر أبريل 2020 بنحو 8%، مقارنة بشهر مارس الماضى، وهى الفترة التى شهدت انخفاضاً فى أسعار الفائدة بنحو 300 نقطة أساس، وذلك وفقاً لموقع «عقار ماب»، مما يعنى أن قرار خفض أسعار الفائدة بمثابة تحفيز وتشجيع على الاستثمار وزيادة مبيعات القطاع ويسهم فى تخفيض المصروفات التمويلية على الشركات العقارية صاحبة الديون المرتفعة، وإمكانية الاستفادة من القروض البنكية لتمويل المشروعات، بدلاً من الاعتماد على المبيعات التعاقدية. ويعمل البنك المركزى على تقديم تيسيرات لتمويل المستهلك للوحدات العقارية التى شهدت أسعارها استقراراً خلال العام الماضى، ومن المتوقع ارتفاع أسعار الوحدات السكنية خلال العام الحالى بنسبة تتراوح ما بين 10 إلى 15%، ورغم الارتفاع المرتقب فإن شراء العقارات ما زال أهم الأوعية الادخارية الآمنة فى الوقت الحالى.