قبل أذان المغرب بساعات، يقف «عزت» بجلبابه الأبيض على رصيف موقف العرب بمنطقة المعادى، وسط أوانى الطهى والباجور، منذ 40 عاماً، موعده ثابت، يجمع فقراء المنطقة حول منضدة وإلى جواره أهل بيته وبعض من الأسر الفقيرة لمساعدته فى إعداد الطعام الذى يقدم لهم. يفكر الرجل الستينى دائماً فى مساعدة الأسر الفقيرة بالمنطقة دون المساس بكرامتهم، فاعتاد يومياً إمدادهم بالطعام وأوانى الطهى، أملاً فى رسم البسمة على وجوههم «عشان ميحسوش إنهم بيشحتوا الأكل ويبقوا زيهم زى غيرهم، الناس بتطبخ فى البيوت وهما بيطبخوا فى الشارع وبياكلوا من إيديهم»، يقابل «عزت» كثيراً فقراء يرفضون قبول موائد الرحمن المعتادة «فيه ناس ببقى شايفهم قاعدين ساعة الفطار على الأرض مش راضيين يمدوا إيديهم لحد، ففكرت بدل ما أعمل الأكل فى البيت ووزع عليهم، أطلع كل الإمكانيات اللى هنطبخ بيها وأجمعهم يطبخوا لنفسهم ويساعدوا مراتى وعيالى قبل الفطار». «مائدة الرحمن» باتت فكرة مستهلكة للرجل الستينى «فيه غلابة فاكرين إنها مجرد شفقة وثواب عايزين ناخده وخلاص، مع إنى بقالى 40 سنة طول شهر رمضان المائدة فى نفس مكانها من أيام وقفتى مع أبويا الله يرحمه، ولما مات فكرت إنى أساعدهم وتفضل المائدة زى ما هى وأساعد الغلابة بنفس الطريقة».