مصر واحدة، وستبقى إن شاء الله واحدة. مصر هى الوطن الواحد الحاوى لينابيع ثقافية عدّة، تصب كلها فى نهر الوطن الذى لا يتجزأ. وحين يكون الوطن بخير وجداناً وعقلاً، تكون كل تنويعاته الداخلية بخير فى أحسن حال، وخيرها وحسن حالها يعطيان الوطن الحاوى كل الخير المُصفَى، من نتاج وجدانى وعملى، وتهب الوطن استقراراً وتماسك جدائل فى الرابطة الواحدة. مصر تتأثر وتؤثر فى مجالها الحيوى وفى أنحاء العالم بوحدتها وبتنويعاتها الثقافية معاً. وهكذا تكون الأوطان الواعية التى تدرك فطرة الخالق فى تنوع خلقه، وتستخدم العقل المستنير فتحاصر الظلاميات وإن اختبأت تلك الظلاميات خلف شعارات الوطنية النازية أو القومية العنصرية، تحاصر الظلاميات وإن اختبأت تحت عباءة التدين المتطرف الدموى الكاره للإنسانية، والكاره لجوهر الدين السمح، الدين الداعى لحسن الخلق والمحبة وإفشاء السلام. مصر واحدة وهى تحارب المستعمر الخارجى والاستبداد الداخلى. مصر واحدة فى انهزامها وانتصاراتها، واحدة وهى تعمل فى المشاريع القومية. مصر واحدة الآن وهى تناضل ضد التكفيريين، واحدة وهى تقدم الشهداء وآخرهم شهداء الفرافرة. كلهم شهداء من تنويعات مصر الواحدة، تنويعات جهوية وعقائدية. اختلطت دماؤهم معاً، فالقتلة يعملون على قتل مصر الواحدة لتفتيتها، لتكون مسخاً هزيلاً. مرة بحجة الشرق الأوسط الجديد، ومرة باسم هلاوس الخلافة الإسلامية. المهم ألا تكون مصر هى مصر القوية الواحدة. مساء 7/7/2014 فى دار الأوبرا بالقاهرة، أقيم الحفل المصرى النوبى برعاية كل من مجموعة قنوات cbc والتى لها دور واضح فى القضايا المصرية، وبحضور صاحبها رجل الأعمال الأستاذ محمد الأمين، ومركز إنسان ومؤسسه الأستاذ سامح شاكر والأستاذة رشا شهيد، وأختار هنا بعض الجمل من رسالتهم: (إن اتخذت عهداً أن تكون إنساناً فهذا أصعب العهود وأعلاها لأن الإنسان هو زهرة الأرض «فالإنسانية مسئولية» «أخذنا عهداً على أنفسنا أن نرعى ونهتم بالإنسان حيثما كان على اختلاف أعراقه واتجاهاته»). وائتلاف العودة النوبية، وهم من الشباب النوبى الذين عملوا كمجموعة منظمة مع ممثل النوبة فى لجنة الخمسين، وساهموا فى حشد المصريين عامة والنوبيين خاصة للنزول فى الاستفتاء والقول بنعم، وشاركوا العديد من القوى المصرية فى هذا المجهود العظيم، مجهود ترسيخ دستور 2014، وكان شعارهم (إيو للدستور) نعم للدستور. وصوروا فيديو كليب ممتاز باللغة النوبية تأييداً للدستور، وإن كان الفيديو قد تأخر استكماله نظراً لضعف الدعم المادى بكل أسف، فتأخر عرض الفيديو النوبى المصرى فى القنوات الفضائية. هذا الشباب النوبى عميق الوطنية المصرية، عقلانى الفكر والحركة، وهو المطلوب فى هذه الأيام الصعبة على مصر كلها وأشد صعوبة على النوبة خاصة. ومن ضمن المنظمين لتلك الليلة مجموعة شباب «فرسان النوبة». تم اختيار المكرمين بحسن فهم وإدراك مصرى عام. فتم تكريم كل من: محمد الأمين لاهتمامه المصرى العام. ومنال الطيبى وسمير العربى وحجاج أدّول وهم نشطاء فى الحقوق النوبية المصرية. وفضل المولى، مبدع النحت على جذوع النخيل. وأحمد صالح، الباحث فى التاريخ النوبى. وأحمد إدريس من فكر ونفذ استخدام اللغة النوبية فى سلاح الإشارة بالقوات المسلحة. وعادل موسى، صاحب المبادرة القومية لتوثيق ورقمنة التراث النوبى. وجرجس بشرى، الناشط فى حقوق الإنسان. والمبدع نادر نبيل. وكما ترون، المكرمون خلطة مصرية معطاءة مفرحة. أول احتفال باليوم النوبى العالمى بدأ عام 2011 بالإسكندرية، أى فى نفس عام ثورة 25 يناير 2011، فقبل الثورة لم تكن النوبة ستستطيع الاحتفال بهذا اليوم، أو على الأقل لم يكن احتفالها سيأخذ هذا الاهتمام المصرى الرسمى والشعبى. ونفذ الحفل مجلس إدارة النادى النوبى بالإسكندرية، بمجهود مُتقن للأستاذ سعيد عباس، عضو المجلس. وكان تحت رعاية مؤسسة «مو إبراهيم» وصاحبها د.محمد فتحى إبراهيم، رجل الأعمال السودانى المصرى النوبى السكندرى، ورعاية أخيه د.أحمد فتحى، العاشق للإسكندرية. وأقيم الاحتفال فى مركز الإسكندرية للإبداع بتشجيع وترحيب من مجلس إدارة المركز برياسة الفنان عصمت داوستاشى، هذا المجلس الذى تم تعيينه حديثاً من الفنانين والأدباء السكندريين، وهو من نتائج ثورة 25 يناير المصرية. وحضر الاحتفال فنانو وأدباء مجلس الإدارة وعدد من المواطنين غير النوبيين. والحفل كان فى غالبه فناً نوبياً، وفى 7/7/ 2012 أقيم الاحتفال الثانى بيوم النوبة العالمى. وأثمرت مجهودات د.عمر صابر، عضو مجلس الشعب وقتها، أن يعقد الحفل فى مسرح محمد على، الذى صار اسمه مسرح سيد درويش، ثم أوبرا الإسكندرية! والحفل أيضاً كان برعاية الأخوين د.محمد فتحى ود.أحمد فتحى، وتنفيذ النادى النوبى العام بالإسكندرية والأستاذ سعيد عباس. الحفلان نجحا تماماً. لكن ما أخذته عليهما، أن الحضور كان فى غالبه نوبياً، والمفروض أننا نحتفل بالنوبة المصرية ويجب أن يكون الحضور متنوعاً يمثل كل أطياف مصر، وإن كان التركيز على النوبة والنوبيين وعطاءاتهم النوبية المصرية الإنسانية. لهذا فأنا سعدت أكثر باحتفال هذا العام، الذى صار مصرياً عاماً بنكهة نوبية. والحضور مصرى متنوع من سيناء والواحات والدلتا والصعيد وصعيد الصعيد النوبى. مسلمين ومسيحيين، دكاترة وعمال وفلاحين ورجال أعمال، أجيال تقدم بها العمر وأجيال شابة صاعدة. وأفراد قوات مسلحة وشرطة سابقين. رجال إعلام كبار مع مواطنين يتابعونهم، وبالطبع نساء ورجال. والكل اختلط بالكل فى بساطة مصرية تفرح القلب وتقول لنفسها وللكل.. نحن لبعضنا. نحن أمة واحدة وتحيا مصر.