تقع مصر فى أقصى الشمال الشرقى من القارة الأفريقية، وهى بمثابة الرأس للجسد الأفريقى. أدرك الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بحسه الوطنى أهمية انتماء مصر لقارتها، ومد يد العون للشعوب الأفريقية للتخلص من الاستعمار وتحقيق الاستقلال الوطنى، وكان لمصر الدور الأبرز فى إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية التى تحولت إلى الاتحاد الأفريقى، وكان لإذاعة صوت العرب المصرية دور بارز فى إشعال الثورات فى العديد من الدول الأفريقية، واحتضنت مصر العديد من القادة الأفارقة وأمدتهم بالمال والسلاح والدعم الاقتصادى والبعثات التعليمية والدينية، ثم تقلصت الروابط المصرية الأفريقية فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلى أن تفككت العلاقات تماماً فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وبعد أن استعادت الدولة المصرية مكانتها، بعد إقصاء الحكم الإخوانى اللعين، أدرك ذلك الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسى بحسه الوطنى وفهمه العميق لمكانة مصر ودورها الحضارى واختار أن تكون بداية جولاته الخارجية صوب أفريقيا إعلاءً لحكم التاريخ والجغرافيا، واقتحاماً للقضايا الشائكة التى طالما تجاهلتها السياسة المصرية، وكان المنطلق الأساسى للرئيس السيسى اعتناق مبدأ الحوار والتفاهم والاحترام المتبادل وتكريس المصالح المشتركة مع الدول الأفريقية، وكانت البداية زيارة جمهورية الجزائر الشقيقة التى نرتبط معها بوحدة الدم والمصلحة المشتركة وحصار الجماعات الإرهابية والتكفيرية على الحدود المصرية الليبية، وعلى الحدود الليبية الجزائرية، فضلاً عن تعزيز المصالح العسكرية والاقتصادية المشتركة، ثم غادر الرئيس السيسى الجزائر إلى غينيا الاستوائية للمشاركة فى القمة الأفريقية، وبرز خلال هذه القمة كزعيم قوى لديه رؤية استراتيجية لتطوير العلاقات ودعم التعاون بين مصر ودول القارة فى المجالات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والتصدى لظاهرة الإرهاب، وكان ذلك إيذاناً بفتح مصر صفحة جديدة وإيجابية مع الشعوب الأفريقية، وخلال القمة الأفريقية اجتمع الرئيس السيسى مع رئيس الوزراء الإثيوبى لوضع أسس التعاون المشترك فى المرحلة المقبلة والتفاوض بشأن سد النهضة بما لا يؤثر على حق إثيوبيا فى التنمية، دون الانتقاص من حقوق مصر المائية، وفى طريق العودة قام الرئيس السيسى بزيارة السودان لفتح صفحة جديدة من علاقات التعاون الاستراتيجى وإعلاء المصالح المشتركة باعتبار السودان هى العمق الاستراتيجى لمصر. إن مصر تبدأ عهداً جديداً مع القارة الأفريقية قوامه التعاون والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل لإعلاء شأن القارة واقتسام خيراتها.