مع الساعات الأولى من صباح الأربعاء 23 مايو، أى بعد أقل من 72 ساعة، يكتب الشعب المصرى سطراً جديداً مجيداً فى تاريخه العظيم، بانتخاب أول رئيس للجمهورية، عبر انتخابات حرة نزيهة، يقرر فيها الشعب بإرادته من يقود البلاد. على مدار العام والنصف الماضى شهدت مصر واحدة من أهم مراحلها التاريخية على الإطلاق، التى بدأت صباح يوم 25 يناير، اليوم الذى حلمنا به على مدار أكثر من أربعين عاماً، وكنا دائماً على يقين كامل فى أنه آتٍ لا ريب، بإيماننا بالله، وثقتنا فى الشعب المصرى وقدرته على الثورة والتغيير وانتزاع حريته واسترداد حقوقه وكرامته. تأخرنا كثيراً على مصر، لكن عندما أتت اللحظة لبّت الجماهير الأحرار النداء وخرجت إلى الميادين لتخلع أسوأ نظام حكم مصر على مدار تاريخها.. والآن تأتى لحظة أخرى، يلبى فيها الشعب نداء الوطن بالخروج إلى صناديق الانتخاب، ليقرر استكمال ثورته ديمقراطياً، وانتقال الثورة إلى السلطة، لنتمكن من تحقيق أهدافها فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. مصر التى عادت إلى شعبها، وبدأت أولى خطوات استعادة استقلال إرادتها وكرامتها الوطنية، ووضعت أقدامها على أول طريق النهضة التى تليق بشعب عظيم ووطن رائع، تنتظر اليوم أن يكمل شعبنا قراره الثورى فى 25 يناير، بقرار ديمقراطى بانتخاب رئيس من الميدان، يؤمن بأهداف الثورة، وينتمى لها، وينحاز لصفوف فقراء الوطن وبسطائه، من عمال وفلاحين وصيادين وصغار موظفين، وإنى - كما كنت دائماً - على يقين كامل بوعى الشعب المصرى وقدرته على الفرز، وأنه سيختار حقاً من يستحق ويقدر على استكمال ثورتنا وبداية نهضتنا. نعتذر لمصر وشعبها، عن كل ما جرى فى الأربعين عاماً السابقة، من فساد واستبداد ونهب وإفقار وإذلال ومهانة، وعذرنا أننا ناضلنا قدر ما استطعنا، وانحزنا لمواقف مبدئية لم نتنازل عنها يوماً، قلنا كلمة حق فى وجه سلطان جائر، ولم نخش فى الحق لومة لائم، لم يغرنا ذهب المعز ولا أرهبنا سيفه، حتى اختار شعبنا اللحظة المناسبة لينهى بنفسه الظلم الواقع عليه ويسترد لنفسه قراره وحريته وإرادته. واليوم، ونحن على أعتاب أول انتخابات رئاسية حقيقية فى تاريخ مصر، ونحن أمام حقيقة أن الشعب المصرى هو من سيقرر بنفسه من هو أول رئيس لمصر الثورة، وهو من سيضمن بنفسه أن تسير الانتخابات بمنتهى النزاهة والشفافية، وأن هذا الشعب لن يخضع لتأثيرات المال السياسى ولا ضغوط الدعاية ولا تشوهات الشائعات المغرضة.. فإننى أجدد عهدى أمام الله، والوطن، والشعب، أن أظل دائماً مخلصاً لقيم الحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الوطنى، مدافعاً عن حقوق الشعب، منحازاً للأغلبية العظمى من فقرائه، مؤمناً أن مصر تقدر وتستطيع وتستحق تغييراً جذرياً يقودها إلى النهضة التى تليق بمكانتها وموقعها ودورها وطموحات وأشواق شعبها. أجدد عهدى، أن تكون مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة، يتساوى فيها المواطنون أمام القانون، دون تمييز لا على أساس الدين ولا اللون ولا الجنس ولا غيره، وأن تصان فيها الحقوق السياسية والمدنية لكل مواطن مصرى، وأن تكون كرامة المواطن فوق كل اعتبار، وضمان حقوق التعبير عن الرأى سلمياً بكافة السبل.. وأن يكون لدينا قضاء مستقل يحكم بالعدل بين الناس، وانتخابات نزيهة حرة فى كل مواقع المسئولية العامة فى الدولة من رئيس الجمهورية إلى عمدة القرية ورئيس اتحاد الطلاب. أجدد عهدى، أن أواجه كل فساد، وألا يبقى فاسد واحد فى موقع مسئولية بالنظام الجديد الذى سنبنيه معاً، وأن أحفظ لكل مواطن حقوقه الاقتصادية والاجتماعية (7+1) فى الغذاء والسكن والرعاية الصحية والتعليم والعمل والأجر العادل والتأمين الشامل، بالإضافة للبيئة النظيفة.. وأن ننطلق بمصر إلى آفاق النهضة بخطة تنمية شاملة تضمن العدالة الاجتماعية ونصيب عادل لكل مواطن فى ثروة الوطن. أجدد عهدى، ألا ترهن مصر أبداً قرارها لأى طرف خارجى غير ما يقرره شعبها وتقتضيه مصالحها الوطنية، وأن يكون قرارنا حراً مستقلاً، وأن تعود مصر قائداً لأمتها العربية، رائداً لقارتها الأفريقية، منارة لعالمها الإسلامى.. وأن نسعى مع شركائنا فى المجتمع الدولى لبناء نظام عالمى إنسانى جديد، لا فرض فيه لهيمنة، ولا استغلال لقوة عسكرية أو اقتصادية للتحكم فى مصائر الشعوب. أجدد عهدى، أمام الله والوطن والشعب، أن أبقى حمدين صباحى، ابن عبدالعاطى صباحى، الفلاح البسيط الشريف، لا تغيرنى سلطة ولا منصب، ولا يلهينى جاه أو مال عن مصالح الشعب وحقوقه. هذا عهدى لكم، تحاسبونى عليه، وتقوِّمونى إذا أخطأت، ومعه أجدد كامل إيمانى بالله، وكل يقينى فى الشعب المصرى، الذى سأبقى دائماً وأبداً فخوراً ومعتزاً بصحة ظنى فيه وحقيقة معرفتى به.. لأنى كنت وسأبقى واحداً منكم.