تحذير: ما ستقرأ الآن ربما يكون خادشاً للحياء، مثيراً للغرائز.. أو غير ملائم لحالتك النفسية.. أو ربما باعثاً لذكريات مؤلمة لا تريد استرجاعها.. أو مسبباً لصدمة عصبية.. أو محفزاً لزيادة ارتفاع ضغط دمك.. أو ضربات قلبك!! نعم.. هذه هى إشارات «النبضات التحذيرية» التى أصبحت الآن تتقدم أعمالاً أدبية أو درامية.. تتقدم برامج إخبارية أو أفلاماً تسجيلية.. قد تحمل مشاهدها أو محتواها ما قد يقلق أو يسبب إزعاجاً للبعض.. تتقدم أحياناً أفلاماً وكتب حتى للأطفال.. وتتقدم مواقع وسجلات كثيرة الآن على الإنترنت. هكذا تتعامل أى جهة محترمة توجه رسالة إلى المتلقى.. تحترم حقه فى المعرفة التى ربما سوف تؤذيه أو تؤثر على مشاعره.. ولا يرغب بالتالى فى التعرض لها.. فمثلاً من حقك قبل أن تشترى لتقرأ قصة «تاجر البندقية» لعملاق الأدب الإنجليزى والعالمى ويليام شكسبير، أن تعرف أن بها تلميحات ضد السامية.. وقد يضايقك ذلك!! ومن حقك أن تعلم مثلاً أن فيلم «جاتزبى العظيم» به مشاهد انتحارية وأخرى تتعلق بالشواذ جنسياً قد تزعجك!! ومن حقك أن تعلم أن برنامج «البرنامج» لباسم يوسف يخرج إيماءات وإيحاءات وألفاظاً قد تؤذى مشاعرك!! وحقك أيضاً أن تعرف أنك على وشك مشاهدة مذابح النساء والأطفال فى سوريا والعراق التى تعرضها القنوات الإخبارية.. وهكذا.. هذا هو حقك.. اتزانك النفسى والعاطفى واجب ينبغى احترامه!! وقد تسأل ما الجديد فى ذلك؟ الجديد يا سيدى هو أنه أصبح الآن هناك اتجاه زاخم فى الغرب، وبصفة خاصة فى الجامعات الأمريكية بالولايات المتحدة، حيث يطالب فيها الطلبة المسئولين بالجامعة بأن يلزموا الأساتذة بوضع «إشارة إلزامية» على المناهج الدراسية التى تحتوى موادها على بيانات ومعلومات قد تسبب للبعض أى اضطراب نفسى، سواء كان ذلك من خلال الكتب الدراسية، أو من خلال الوثائق والأفلام التسجيلية أو الجرافيكية التى يستعين بها الأساتذة لمزيد من الشرح والتعريف.. لذا فعلى الجامعة إما أن تلتزم بوضع هذه الإشارات، أو أن يرسل الأساتذة والمعلمون برسائل إلكترونية (e-mails) لطلابهم تفيد هذه التحذيرات. وقد زاد من إثارة هذا الموضوع ما تعرضت له إحدى الطالبات بجامعة كاليفورنيا بسانتا باريرا عندما اضطرت ومنعاً للإحراج، ألا تغادر الفصل فى أثناء شرح أحد الأساتذة من خلال فيلم جرافيكى لعملية اغتصاب تعرضت لها إحدى الفتيات.. وتبين فيما بعد أن هذه الطالبة قد تعرضت لحادث مماثل.. الأمر الذى سبب لها صدمة عصبية.. وهذا ما دفع على سبيل المثال بجامعة «أوبرلين» الأمريكية المرموقة إلى إصدار بيان رسمى لهيئة التدريس بكلياتها الجامعية تحث فيه على الانتباه لعدم التطرق لموضوعات التمييز العنصرى، أو التعصب الجنسى، أو حتى التمييز بين الناس بناء على قدراتهم الجسمية، وغير ذلك من الموضوعات التى تتناول التمييز والظلم، خاصة إذا كانت لا تتعلق بالمناهج التعليمية التى يدرسها الطلبة. ماذا يعنى ذلك؟ يعنى أن العالم أصبح الآن والشباب بصفة خاصة مجهداً، مريضاً ومضطرباً من كل ما يجرى حوله.. من كل ما يتعرض له.. من كل التجارب والمآسى التى يشاهدها.. من كل القصف اليومى الذى يلاحقه ولا يستطيع أن يواكبه أو يستوعبه ويجاريه!! يرفع بصرامة رايته من أجل سلامة نفسه وعقله!! حقه أن لا يُسكَب عليه ما لا يتحمل، حتى وإن جاء تحت اسم العلم!! ولن أسأل أين نحن من ذلك؟ حتى لا أصطدم بردود سخيفة.. لكن امنحنى الحق أن أقول لك إننا هذا الوعاء الذى يَسكُب العالم أمراضه وقاذوراته التى يلفظها علينا!! ونحن نستقبلها ونشربها «سخنة مولعة».. نتناولها ونشاركها و«نشيِّرها» ونحللها عبر هواتفنا الذكية، وشبكات التواصل الاجتماعى.. لا نعرف كيف ننتقى!! أو كيف «نفلتر» أو كيف نرفض!! أو نمنع!! كله مسموح.. كله متاح دون وعى أو إدراك لأثر ذلك على حياتنا.. وقبل كل شىء.. على سلامة عقلنا. وفى النهاية هذه «نبضة تحذيرية»: قد يحمل هذا المقال الذى انتهيت أنت من قراءته الآن ما قد يقلق أو يؤثر على البعض فى رغبته فى المزيد والاستمرار فى ملء هذا الوعاء!! فإن كان ذلك؛ فلا تشاركه، أو «تشيّره» بلغة الشباب!!