ياسر برهامى، زعيم حزب «ما قد سلف»، شهيته مفتوحة للسلطة هذه الأيام، رغم أنه يريد بذلك ثمن بضاعة لم يقم بتسليمها حسب الاتفاق حين قام أغلب أتباعه بإبطال أصواتهم أو الامتناع عن المشاركة والإدلاء بأصواتهم تأييداً للسيسى فى الانتخابات الرئاسية حسب ما أعلنوه من قبل. وهو الموقف الذى لا يحق لبرهامى أن يطالب بثمنه بالمشاركة فى الحكومة الجديدة حسب ما صرح به مؤخراً. فإذا كان هناك ثمن يستحقه برهامى وحزبه فهو الإقصاء من الحياة السياسية التى لا يحق للمنافقين أن يكون لهم نصيب فيها. والغريب أن يطالب برهامى بنصيبه من كعكة الحكم والسلطة فى الوقت الذى يقر فيه بتراجع شعبية حزبه فى الشارع. وقد أخطأ حين أرجع السبب فى ذلك إلى الممارسات والأخطاء التى ارتكبها الإخوان وحدهم فيما مضى، مبرئاً نفسه وحزبه من تلك الممارسات التى ارتكبها التيار الإسلامى بمختلف توجهاته. ويكفى حزب النور منها ما قام به البلكيمى وعلى ونيس من أفعال مشينة، فضلاً عن الفتاوى التكفيرية التى تدفقت على لسان معظم أعضاء حزب النور، منها تكفير نجيب محفوظ واتهام أدبه بالفحش والإباحية والكفر، ومنها الموقف الرافض للآثار الفرعونية ونزع الصفة الحضارية عنها ورميها بالوثنية، ومنها الفتوى بإرضاع الكبير وغيرها من الفتاوى الصادمة التى كان لياسر برهامى نفسه نصيبُ وافر منها والتى كان آخرها تحريم مشاهدة مباريات كأس العالم لما تتضمنه -حسب رأيه- من محرمات ومحاذير. هذا بعد أن أفتى بترك الزوج زوجته لمن يريد اغتصابها إذا شعر بالخطر على حياته! ألم يكن ذلك كله كفيلاً بشعور الجماهير بالامتعاض من حزب النور وأعضائه وتراجع شعبيته فى الأوساط السياسية؟! ألم يكن التقارب السلفى مع الإخوان ودعمهم الذى منحوه بسخاء لهذه الطغمة الباغية جديراً بكراهية الناس لحزب النور وانصرافهم عنه؟! ثم لماذا يتحمل الإخوان وحدهم المسئولية عن تردى حالة الإسلاميين فى الشارع وإعفاء السلفيين من السبب فى ذلك رغم أن من يحمل السلاح فى وجه الدولة الآن وإرهاب العامة هم من المنتمين إلى «السلفية الجهادية» أو التكفيرية؟! سيرد برهامى بأن السلفيين أنواع شتى. ونرد عليه نحن بالتساؤل المنطقى: وهل هناك فرق بين القوطة والطماطم؟! أليس هؤلاء سلفيين يستندون فى ممارستهم إلى آراء السلف الذين تقدسونهم فى حزب النور وتضعونهم على رؤوس الجميع؟ يا برهامى، ويا كل سلفى.. أليست السلطة عرضاً زائلاً من أعراض الدنيا وطلبها آفة ومحنة فى نظر «السلف الصالح»؛ فلماذا تطالبون بالمنحة وهى مجرد محنة؟ ولماذا تذكروننا بكم الآن بعد أن كنا نسيناكم وقد عفا الله عما «سلف»؟!