إذا أردت أن تدمر بلداً، فاختر أسوأ من فيها وعينهم وزراء ومسئولين! ونحن لن نسبق الأحداث، لأنه حتى كتابة هذه السطور، فإن الأسوأ لم يحدث فعلياً بعد، ولكن البشائر غير مطمئنة، والبدايات تقود إلى النهايات.. وربنا يستر! وإذا كان المهندس إبراهيم محلب بما يملكه من مهارات خاصة، ومن قدرات مشهود بها فى التنقل والوجود فى أكثر من مكان فى وقت واحد، فإن هناك من الكفاءات المحترمة فى البلد من لا يملك موهبة «الحركة بركة»، وهؤلاء فى الأغلب لن يقع عليهم الاختيار فى الحكومة الجديدة، والواضح أن الأكثر ظهوراً فى الإعلام والأكثر تلميعاً لنفسه على مدى الشهور الماضية والأكثر محاولة للتقرب والتزلف للسلطة، هو من سيتم اختياره للانضمام لحكومة رئيس الوزراء الذى وضع شروطاً لمن سيعمل معه أولها الاستيقاظ من الخامسة ومن بينها القدرة على ركوب العجل وأن يكون جاهزاً فى أى وقت لماراثون مفاجئ! وهنا أنا شخصياً أحترم أى مسئول يمارس الرياضة ويعتبر نفسه قدوة للمجتمع، وما فعله الرئيس السيسى مثالاً لسلوك يستحق الإشادة والتقدير، ولكن ما أخشاه هو جوقة المنافقين الذين ظهرت عليهم فجأة أعراض ركوب العجل، مع أنهم -فى العادة- يترفعون عن المشى عشر خطوات وسط الجماهير!. نحن نريد سلوكاً حقيقياً من مسئول يؤمن بما يفعل، ويفعل ما يقتنع به هو شخصياً وليس بما يريده الرئيس!. لقد شاهدنا شخصيات فى ماراثون الرئيس بدا وكأنها امتطت العجلة بالأمر المباشر! ويخطئ رئيس الوزراء إذا تعجل فى تشكيل حكومته واختيار وزرائه بأسلوب: «الأقربون أولى بالمعروف»، أو «اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش»!، مصر حافلة بكفاءات هائلة فى كل مكان، ومن العيب أن تظل حكوماتنا المتعاقبة منذ 30 عاماً تدور فى حلقة الأسماء نفسها التى أكل عليها الدهر وشرب وشبعنا من أدائها الهزيل ومن نفاقها الذليل لكل حاكم. وقد هالنى أن أجد من بين الأسماء التى تم ترشيحها لحقائب وزارية أو للانضمام إلى الفريق الرئاسى وجوهاً كانت تعيش فى الفناء الخلفى لنظام مبارك تقتات على فتات المناصب والموائد وتتباهى طول الوقت بأنها قريبة من دوائر السلطة والمال والنفوذ وصنع القرار. وبعد سقوط مبارك استطاعت هذه الشخصيات «العبقرية اللبلابية» الدخول فى عباءة الإخوان واشتغلت لبعض الوقت «محلل» لزواجهم الباطل بالحكم، ولم يفقد أى منهم منصباً ولا نفوذاً، وقبل «مرسى» استطاعوا بمهارة فائقة أن يشتروا ثقة مجلس «طنطاوى - عنان»، وأصبحوا من رجاله، واليوم هم حراس النظام وعقله المدبر ومالكو مفاتيح خزائن أسراره!.. وإذا كنا نتوقع من الرئيس السيسى أداء مختلفاً وتغييراً جذرياً فى تعامل مؤسسة الرئاسة والمنظومة الحكومية فى عهده إزاء الملفات الثقيلة الكبرى، فإن طابور الأسماء المرشحة للوزارة ولفريقه الرئاسى لا تنبئ بأن شيئاً يتغير أو أن فكراً يتبدل وأن وجوهاً جديدة مقبلة لتغسل وجه بلدنا من تراب وهباب وفساد غطاها لعقود طويلة. وأقول للرئيس السيسى: لماذا «العجلة» فى اختيار فريقك المعاون؟! ولماذا الإصرار على الدوران فى فلك الأسماء نفسها التى فشلت وأفشلت نظام مبارك، ولم تستطع رغم نصائحها أن تنقذ نظام مرسى؟! أنت تعهدت بأنك لن تجامل، وأنك لست مديناً لأحد، ونحن نرجوك ألا تفرض علينا من جاملوا ونافقوا كل سلطان، ومن كانوا السبب فى فقرنا وجهلنا ومن باعونا لكل سلطة!، وإذا كنت، ورئيس وزرائك تعرفان حقيقتهم، ومع ذلك تختارانهم فهذه مصيبة، أما إذا كنتما لا تعرفانهم، فالمصيبة أعظم!!