البعض سيعتقد من العنوان أننى أقصد هنا ارتفاع معدل سن لاعبى المنتخب الإسبانى، أو أننى أنتقد الأداء العقيم الذى ظهر عليه أبطال العالم فى مباراتهم أمام هولندا التى نالوا فيها خسارة مذلة بخمسة أهداف، ولكن ما سبق يعتبر جزءاً من كل. فالمنتخب الإسبانى دخل كأس العالم، والمعدل العمرى للاعبين مرتفع فى التشكيلة الأساسية بنسبة متوسطة للفريق بالكامل تصل إلى 29 عاماً، وهو ما غلب على التشكيلة الرئيسية لدرجة أن فيسنتى ديل بوسكى لم يغير فى التشكيلة التى لعبت نهائى كأس العالم إلا لاعبين فقط، هما: سيزار أزبليكويتا، المدافع الأيمن، ودييجو كوستا المهاجم البرازيلى. كل الأسباب السابقة منطقية وكفيلة بأن تتسبب فى خسارة إسبانيا ولكن ليس بخماسية، إذن فما السبب الحقيقى وراء الخسارة الكبيرة؟ السر هنا يكمن فى الشيخوخة الفكرية التى أصابت ديل بوسكى الذى لم يطور طريقة اللعب الإسبانية، ولم يتعلم مما حدث لبرشلونة مؤخراً فى دورى أبطال أوروبا وأن طريقته الشهيرة «تيكى تاكا» لم تعد قادرة على إبهار العالم، وترك لاعبى فريق أتلتيكو مدريد على دكة البدلاء. فلماذا لم يعتمد على لاعب فى وسط الملعب، مثل خورخى كوكى، ولا أعلم لماذا الدفع بسيسك فابريجاس فى وسط الملعب وإن كان متأخراً، والإجابة من كل المعطيات السابقة أن الفكر الإسبانى أصابته الشيخوخة، ولم يعد قادراً على مجاراة الفريق الهولندى الذى طور من أدائه ونجح لويس فان جال فى استدراج الإسبان خلال النصف ساعة الأولى من المباراة واستنفد طاقاتهم، ليستخدم السرعات التى طالما أرهقت برشلونة سواء فى الدورى أو دورى الأبطال. إسبانيا أصابها الغرور نسبياً مع مرور المباراة وتقدمها بهدف من ضربة جزاء، لكن أعتقد أن صدمة الخسارة بخماسية قد تجعل ديل بوسكى يستفيق، تلك الاستفاقة لن تحدث إلا بتغيير طريقة اللعب العقيمة والدفع بلاعبين جدد فى وسط الملعب، لكن الأكيد أن الفريق الإسبانى ليس ضمن المرشحين لنيل اللقب، الذى إن لم تفز به البرازيل صاحبة الأرض، فقد يتوجه إلى فرق صاعدة مثل بلجيكا. الخسارة دائماً ما تكون سلاحاً ذا حدين للمنتخبات الكبرى، فإما أن تكون محفزة مثلما حدث مع إسبانيا نفسها عندما خسرت من سويسرا فى افتتاح مونديال 2010، وإما تكون سلاحاً محبطاً كما يحدث مع المنتخب الفرنسى أو الإيطالى اللذين خرجا من الدور الأول فى المونديال الماضى دون أى فوز. وفى حالة إسبانيا أعتقد أن الفريق لن ينتفض، لأن ديل بوسكى لم يجدد التشكيلة الرئيسية بلاعبين قادرين على تطوير الأداء، وما زال معتمداً على لاعبى برشلونة المطعمين ببعض لاعبى الريال، وأتلتيكو. أما المنتخب الهولندى، الذى قدم كرة ممتعة، فلا يعتبر لقاء إسبانيا مقياساً لقدرتهم على الاستمرار فى كأس العالم، لأن الطواحين دائماً ما تقدم أداءً مميزاً، وفقاً لحجم المنتخب الذى تواجهه، وأعتقد أن مواجهتهم بعد المقبلة مع تشيلى، ستحدد بشكل كبير وجهتهم فى كأس العالم.