كانت الأمور هادئة داخل مكتب أحد ضباط إدارة الأموال العامة، حين حضر رجل أعمال وطلب تقديم بلاغ، بسحب 23 مليون جنيه من أرصدته لدى أحد البنوك، نافيا قيامه هو بسحبها. بدأت مباحث الأموال العامة فى وضع خطة محكمة للتوصل لخيط فى الجريمة التى تدق ناقوس الخطر وتمثل استيلاء وإهدارا لأموال المودعين، وكشفت التحريات والمعلومات التى جمعها الضباط عن مفاجأة. المفاجأة كانت بعد تحديد تواريخ وأماكن سحب هذه المبالغ الطائلة، حيث تبين أن موظفا بأحد البنوك وتحديدا بمنطقة إمبابة هو مرتكب الواقعة بالاشتراك مع آخر.. حيث كشفت التحريات أن الأول سرّب بيانات المجني عليه المتمثلة فى بطاقة الرقم القومي الخاصة به وبياناته لدى البنك المتمثلة فى أرصدته الضخمة ونموذج التوقيع الخاص به، وسلّمها لآخر. الأخير تمكن من تزوير بطاقة رقم قومي باسم رجل الأعمال، وتدرّب على تقليد توقيعه لعدة أيام.. وبعدها توجه لفرع بنك شهير بمنطقة عابدين، وتمكن من سحب 23 مليون جنيه من حساب رجل الأعمال المجني عليه، كما وقّع على أوراق السحب بتوقيع مشابه لنموذج توقيع المجني عليه. بعدما سحب المتهم الأخير الأموال، احتفظ بجزء لنفسه وجزء لموظف البنك الذي ساعده فى تسريب بيانات المجني عليه.. وتمكنت مباحث الأموال العامة من تحديد المتهمين والقبض عليهما، وأحالتهما للنيابة العامة التى تولت التحقيق، وأمرت بحبسهما احتياطيا. وأحالت النيابة المتهمين للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمد علي الفقي، وعضوية المستشارين محمود يحي رشدان وعبد الله عبد العزيز سلام. واستمعت المحكمة لمرافعة النيابة العامة والدفاع، وطرحت الدعوى على بساط البحث، وبعدها أصدرت حكمها، أمس، بمعاقبة المتهمين بالسجن المؤبد، وبعزل موظف البنك من وظيفته، كما شمل الحكم إلزام المتهمين برد 23 مليون جنيه.