رغم تعبي الشديد بالعمل وعودتي منه مثل سمكة شبه ميتة، إلا أنني أصر على الطبخ وتجهيز الطعام بنفسي، عملًا بنصيحة أمي التي نصحتني أن أحافظ على قلب زوجي من خلال الأكل الطازج المعتبر وأن أضمن ولاء عيالي لأطول فترة ممكنة، كنت أنتقي الخضار بنفسي وأقف مثل قطة مسكينة أمام الجزار وهو يقطع اللحم بطريقة عشوائية (معظمه لحم مدهن) وأظل أتوسل إليه أن تكون القطعية تلك المرة مقبولة ومناسبة لعمل الخضار والحساء اللازم. رغم كل هذا ، فأولادي زهقوا من الأكل البيتي واعتبروه طعام درجة تالتة ولجأوا للوجبات السريعة والصنف الآخر من الوجبات والذى يدعى "ديلفرى" بينما الطعام يبيت بالأواني ولا يجد من يقربه، حتى زوجي لم يساندني وتخلى عنى أقصد عن طعامي و أعجب بمذاق الطعام الجديد و أقبل عليه في نهم رغم زيادة وزنه الملحوظة، ورغم الإغراءات التي قدمتها لهم من خلال عمل البيتزا البيتي والدجاج المقرمش واللحم المتبل بالشطة المكسيكي، رغم كل هذا وجدتهم يقارنون بين محاولاتي التي يرونها ضعيفة وسلبية وبين مذاق طعام السوق الذى استعمر بيتي. كان علي محاربة ذلك المستعمر الجديد والذي يلتهم الميزانية في أيام، ويضطرني للاستدانة من حماتي التي لا يعجبها أن تراني مهزومة أمام عائلتي الصغيرة، واقترحت علي أن أكيد لذلك المستعمر، وبما أنني أول من يتسلمه و يوقع على أمر الدفع و يدفع أيضا، فلابد من طرده تماما من ببيتي، واستعادة مجد مطبخي القديم. تعمدت إفساد الطعام برش قليل من الماء أو الملح، و أحيانا السكر بكميات قليلة لكنها كافية لإفساد طعمه و جعلهم يتشككون في أمره، حتى اتفقوا على تغيير المطعم تلو المطعم وأنا أناضل وأكافح لإجلاء هذا الغريب الذى أفسد على أولادي و أبوهم أيضا، إلى ان اكتشف صغيري ما أفعله وحاولت أن أجعله سرا بيننا لكنه أصر على افتضاح أمرى بل و حكموا على ألا أطبخ لمدة سنة كاملة !